لم أقصد بالتساؤل في العنوان غير الإشارة الى أن بلادنا العربية السعودية تمتلك من عناصر القوة ما يُمكِّنها من التميز والتفوق نوعاً وكماً ،ولديها من العقول النابغة ما يكفي لقيادة وتطوير العالم العربي بأكمله. وبالطبع فإن السر في التقدم العلمي والتقني والسياسي والاجتماعي في الغرب والمشرق يكمن في انخراط افرادهم بعزيمة واصرار في تحصيل العلم والبحث من أجل تفوق قوميتهم او عرقهم أو أوطانهم بعيداً عن أي تدخل حكومي، وها هو حجم وتأثير شركاتهم ومؤسساتهم المهيمن على العالم, وفي تلك الدول قد ترى مشرد بلا مأوى يعيش تحت الجسور لكنه يحمل هم وطنه ولا يحمل له الكراهية مع ما هو فيه من سوء حال! وهذا يعبر عن علو مستوى الوطنية والقومية لديهم! يقابله تطرف رهيب في اساليب قتل البشر وإبادة الشجر والمدر في منطقتنا! مع ان الفاعلين قلة.
لقد أحدثت عاصفة الحزم ولا تزال في الوجدان السعودي عصفاً هائلاً ليجد المواطن نفسه أمام منعطف تاريخي مهم اكتشف فيه أن لا أحد غيره سيبني وطنه، ولن يجد من سيدافع عن وجوده وكيانه ومبادئه وكرامته سواه، ولن يكون له مكاناً لائقاً بين الشعوب إن لم يرتقي بالعلم والمعارف ويبادر ليقنع العالم بعدالة قضاياه وبكفاءة مؤسساته ومجتمعه.
عاصفة الحزم قرار تاريخي وطني بحت، جاءت بإرادة وتخطيط وتنفيذ سعودي لإيقاف عدوان وزحف همجي خارجي كان يستهدف وجودنا بل يستهدف كل العرب. هي إنتفاضة وثورة بالتفكير لكن بطريقة السعوديين.
وزير خارجية بلادنا عادل الجبير، شخص يستمد قوة حجته وبراعة منطقه من ثقل دولته العظيمة ،يُبدع في عمله لأنه لم ينام النهار ويمرح بالليل وقت الصبا ولم يستهلك الفُرص وكل ما تهيأ له في غير بناء معارفه وصقل مواهبة والغوص عميقاً جداً في معرفة الآخرين مما مكنه من الذود بإصرار وثقة وخبرة عن بلاده ومقدساتها وقضاياها.أليس كذلك؟. لكن كم يوجد من عادل مدفون بالمجتمع بناهم الوطن لكن لم يُستغلون لخدمة الوطن نفسه في مجالات أخرى؟.
عيد اليحى شاب عصامي فلاَّح كانت كل الظروف تقف له بالمرصاد لكنه واجهها بشجاعة وإصرار ولم يترك في القصيم والرياض ولندن أي فرصة للشغل حتى حرث المزارع بأرياف لندن وتوزيع اوراق البريد بسفارتنا هناك، والسكن في رف كالجحر بسطح كوخ من أجل أن يواصل دراساته العليا، وقبلها تَعلُّم اللغة الانجليزية. رجع عيد دكتوراً لكنه بقي طاقة مغمورة حتى ذهب ربما مصادفة للأفلاج وصور فيلما قصيرا بسيطاً بكاميرا هاتفه لمواقع من تاريخنا المنسي هناك ثم وضعها على اليوتيوب فإذا بمدير قناة العربية آنذاك الكاتب الصحفي عبدالرحمن الراشد يشاهد ذلك العمل فيتصل به ليقول نحن نريد عمل وطني كبير بمنهج علمي على هذا المستوى وسندعمك! فأصبحنا نشاهد الآن حلقات على خطى العرب في عمل سعودي إحترافي تاريخي غير مسبوق منذ خُلقت الجزيرة العربية, عمل كبير سيقلب الموازين التاريخية في علم الاثار والحضارات التي انطلقت من ارضنا، وهناك الان البعض من العرب يتميز غيضاً بسبب هذا الجهد البحثي الكبير الموثق الذي يثبت اننا المهد الأصل لحياة الانسان وقيام الحضارات. لكن كم من عيد بيننا لديه الكثير من الخبرات ومن الطموح ولم يبحث عنه أحد؟.
حين تشاهد عادل الجبير يقارع بالحجة والمنطق والفهم العميق في عواصم العالم فأنت تفتخر بالوطن السعودي الكبير لا بعادل مع التقدير له.
حين تتابع عيد اليحى بتقاسيم وجهه التي تعبر عن ارضنا ،وحين تستمع لسلاسة لغته وقوة معارفه وهو ينكش التاريخ ويعيد لنا حقوقنا وإرثنا المدفون الذي زوره المستشرقين والمستعربين فأنت تقف احتراما للوطن السعودي الذي ينتمي له هذا المواطن العنيد لا لعيد مع فخرنا به وبأمثاله.
حين تراقب ممثلنا بالأمم المتحدة عبدالله المعلمي وهو يسدد لأعداء وطنه والحاقدين اللكمات بالحكمة والخبرة ومخزون العلم والثقافة وبلباقة دبلوماسية عالية فأنت تتهلل زهواً ليس بعبدالله المعلمي بنيويورك او جنيف ولكن بهيبة الوطن السعودي الهادر عن بُعد خلف المحيطات، مع اعتزازنا بالمعلمي .
حين يشاهد العالم بطولة المقاتل نادر الشراري وجبران عواجي بحي الياسمين بالرياض فأنت تماري بالوطن السعودي بأكمله الذي علمهم ودربهم وسقاهم روح الفداء ومواجهة الموت ليحيا الوطن وينتصر،مع اجلالنا لهما ولرفاقهم.
حين ترى الأم السعودية وهي تغذي ابنها كل صباح بحب الوطن ورسالته والدفاع عنه فأنت أمام قلب رقيق لكنه يحمل الوطن بأكمله.
الإنسان السعودي هو كل القصة لكن من يكتشفه ويمنحه الفرصة؟.
التعليقات 4
4 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
محمد الجـــــــابري
08/03/2017 في 11:24 م[3] رابط التعليق
بالاشاره والاشاده بمن ذكرت من ابناء الوطن المتألقين هناك اكثر من نصف مليون مبتعث على نفقة الدوله اعزها الله في اصقاع العالم عدا من تخرجوا وممن يدرسون على حسابهم الخاص ..هذا الكم الهائل من نوابغ بلادنا بلاشك مفخره ورصيد يجب استثماره وتهيئة المناخ والفرص لاستيعابهم جميعا ليبدعوا كما يفعل المعلمي وعادل والعسيري وغيرهم ..
تحياتي
(0)
(0)
محمد الاحمري
08/03/2017 في 11:25 م[3] رابط التعليق
١.الإنسان السعودي هو كل القصة… لكن من يكتشفه ويمنحه الفرصة؟
٢. في هذه العبارة من المقال الجميل ..نبحث عن جواب..
٣.الانسان السعودي عندما يعطى الفرصة ثم تهيأ له السبل والفرص ..سيكون عنصرا وقوة فعالة.
٤.عندما يوضع الشخص المناسب علما وكفاءة في المكان المناسب..سيكون له اثرا ايجابا.
٥.عندما نتخلى عن واسطة الاقارب والمحسوبيات في التعين..فقد يعين شخص غير كفوء ويرأس اكفاء..سيحطم جهودهم بقلة فكره وتدبيره.
٦.الانسان السعودي هو ثروة وثروة غالية ..فكيف تستغل هذه الثروة؟
(0)
(0)
سالم مناحي العابسي
09/03/2017 في 12:00 ص[3] رابط التعليق
شكرا لك فكم نحن بحاجه الا ان نعطي الابطال حقهم فليس من يقاتل بالسلاح على حدود بلادنا او من يقاتل الشرذمه المغرر بهم في الداخل فقط ابطال فايضاً من يقاتل لينهض بمجتمعه بكلمته او حرفه او معرفته لكي نبقى افضل امه اخرجت للناس في كل المجالات ايضاً في نظري ابطال فليحيا ابطال امتي ووطني وبني جلدتي حياة العز والفخر فهم اهلاً له
(0)
(0)
مشاري التركي
09/03/2017 في 12:40 ص[3] رابط التعليق
هنيئا لنا بالسعودية .. ودمتم قلما يرسم الكلمات
(0)
(0)