بينما يكون الوضع في أمان ، والبسمة على ثغر الكبير والصغير ، وفي تلك الأجواء الليلية الجميلة والشهر قد انتصف وذلك القمر مُنير تلك السهرة الجميلة .. وعلى محمل الجد والضحك .. يرمي أحدهم تلك الفتيلة ليشعل ناراً هامدة أشعلها غيره من الجهال مذ زمنٍ بعيد ..
" أنا أكبر منك .. بدري عليك .. أكبر منك بيوم أعلم منك بسنة .. أنت صغير .. أسكت فعقلك مازال صغيراً ... "
يصدرون تلك الأفعال الغير لائقة من الضرب والشتم والإحباط وعدم الاهتمام بهم وتقديرهم .. كأنهم يخاطبون جماداً لا عقل له ولا تفكير .. لا قوة ولا تدبر .. لا ثقافة ولا علم .
ومن الواضح بأنهم نسوا أو تناسوا بأن القراءة والعلم في هذا الزمن أصبح أقوى من أي شيء ، وبسبب الاطلاع أصبح بعض الصغار لديهم ما يكفي في موضوع ما ليعلموا بعض الكبار ..
وأزيد على الشعر بيت .. فبعضهم يصف الشاب صاحب الثماني عشرة ربيعاً بالصغير !
تلك الفتيلة – يا صاحبي – التي رماها ذلك الشخص ليشعل النيران بحثاً عن إثبات بأن كلامه صحيح في حوار معين .. يا صاحبي أثبت .. ولكن كن بعيداً عن تلك الفتائل التي تحرق وتنشر الإحباط وتُحزن القلب .. دعنا نكون زرّاع للورد .. ناشرين الطيب والبخور .. نهدي الكلام الراقي والمحفز ...
فذك النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو مداعباً ذك الطفل " يا أبا عمير .. ما فعل النغير !؟ "
دعنا نتأمل هذا الموقف كيف تعامل مع الطفل أثناء حزنه وكيف واساه وأعطاه كل الأهمية وكناه رغم صغر سنه ..
في إحدى المرات وبينما كنت راكباً مع أحد أقاربي – السائق وقريبي وأنا كنت بالخلف – فجأة .. وإذ بالهاتف يرن .. هاتف من ؟
فكان هاتف قريبي ، فرد على الاتصال وإذ بولد أخته ذو سن الحادية عشر يكلمه عبر الهاتف ..
-" السلام عليكم " قال الطفل
-" وعليكم السلام ورحمة الله ، حياك الله يا خال " رد قريبي مؤهلاً
-" متى ستأتي لزيارتي اليوم ؟ " قال الطفل متسائلاً
-" أصبر قليلاً " ثم نظر إلى السائق وقال له " متى سنعود إلى المنزل ؟ "
-استغرب السائق من السؤال " لن نتأخر ، لكن لماذا ؟ "
-" لكي أعطي موعداً لأبن أختي بأن أزورة ، وأود أن أعطيه موعداً بعد صلاة المغرب مباشرة ... "
-قاطع السائق بكل استهزاء " تريد أن تعطي هذا الصغير موعداً ؟ متى ما عدنا ذهبنا عنده .. أقفل الهاتف ! "
نظرتُ إلى وجه قريبي ووجه يعبر عن الألم والانزعاج الكبير من هذا الرد السيء الغير متوقع .. وكانت المفاجأة ..
-"حسناً ، بإذن الله بعد المغرب سأكون عندك يا بطل ، كن على استعداد .. وداعاً " وانهى المكالمة ، ثم التفت الى السائق وقال له " لهذا تنشأ الأجيال وهي لم تتربى على عدم الاحترام وعدم تحمل المسؤولية .. "
نعم يا صاحبي .. إذا كنا نحن لم نربي صغارنا على الأخلاق والدين .. فيجب علينا ألا نتعجب من المستقبل الذي سيأتي .. !
تلك المعاناة عشتها منذ الصغر .. فكنت أسمع تلك الكلمات الجارحة من أشخاص .. ليتني لم أقابلهم .. والعجيب أنني ما زلت أسمعها أحياناً إلى الآن !
جهّز النبي صلى الله عليه وسلم جيشاً كان فيه عمر بن خطاب وكان قائد الجيش أسامة بن زيد رضي الله عنه الذي لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره .. ذو الثمانية عشر من عمره قائداً للجيش !؟ نعم ، وضعه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كفؤ .
وأخيراً .. أقول لذلك الشخص الذي لا يفرق بين السن الصغير ، والعقل الصغير .. إن كنت تراني صغيراً .. " فأنا الصغير "
صرير قلم : صُنَّاعُ النجاح ، الورقة الرابحة لاستثمارها بتعمير البلاد .. فلنقدرها "
التعليقات 3
3 pings
Nabeel Hashim
09/05/2018 في 6:55 م[3] رابط التعليق
مبدع كعادتك ماشاء الله، باتت لك بصمة خاصة في الطرح.
(0)
(0)
د. يسرى
12/05/2018 في 8:55 ص[3] رابط التعليق
تزداد المقالات رونقا وتشويقا في كل مره اتمنى لك دوام التوفيق
(0)
(0)
DR.yumna
06/06/2018 في 4:05 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرا وحتى ان كنت صغيرا بالعمر فانت عظيما بالقدر والعقل طرح رائع ومميز زادك الله همه وعلما
(0)
(0)