شهدت أسعار التمور في السعودية ارتفاعات تجاوزت 100% خلال اليومين الماضيين بسبب الإقبال الكبير عليها من المستهلكين الذين يحرصون على اقتناء أجود الأنواع على سفرة الإفطار الرمضانية.
وتنتج السعودية أكثر من 470 صنفاً من التمور، وتتركز أغلبها في القصيم، والمدينة المنورة، والأحساء شرق البلاد.
وكانت درجة الحرارة تلامس 42 درجة مئوية عندما كان أبوقاسم الرجل الذي تجاوز السبعين يصرخ في وجه الزبائن بألا مجال للمفاصلة اليوم، فإما أن تشتري وفقاً للأسعار المحددة أو تمشي في حال سبيلك دون أن تسبب أي تزاحم في جنبات سوق بيع التمور بشارع أم القرى شمال مدينة جدة يوم أمس.
وبحسب ما ذكرته صحيفة “الاقتصادية” السعودية، فإن عوامل عدة دفعت بأبي قاسم إلى الشدة في التعامل مع الزبائن كما يقول، ويضيف “الكثيرون لا يعلمون بأنني هنا منذ صلاة الفجر ولا أبرح المكان حتى بعد أذان المغرب، هل تشعرون بدرجات الحرارة هذا العام! إننا نكتوي بلهيب الصيف طوال النهار وسط هذا المكان العشوائي وغير المنظم”.
وفي خضم عمله والازدحام الشديد أثناء البيع والشراء في بسطته المتواضعة يحاول الرجل العجوز مواصلة تبريراته وأسباب لهجته الصارمة مع العملاء، يقول “تصور أن هذا السوق الذي يشغل حيزاً ربما لا يتجاوز 500 متر فقط – هذا إن جاز لنا تسميته سوقاً في الأصل – يشهد إقبالاً كبيراً من الناس في اليومين الأخيرين من شهر شعبان، وأول يومين من شهر رمضان، لا توجد خدمات، ولا حتى أدنى وسائل السلامة”.
وعن تذمر المشترين من ارتفاع أسعار التمور واتهامهم بالاستغلال، يشير أبوقاسم إلى أن ارتفاع الأسعار خلال هذه الفترة من العام أمر طبيعي، بل عده من البديهيات، ويستطرد “لاشك أن بعض الأنواع ترتفع أسعارها بشكل مبالغ فيه لكن ذلك يأتي من العمالة الوافدة التي تسيطر على مفاصل السوق، انظر حولك هل تجد سعوديين يبيعون، لكن في العموم الارتفاع يكون معقولاً نتيجة الطلب الكبير خلال فترة قصيرة”.
وتابع “لا نعمل بشكل جيد إلا في اليومين الأخيرين من شهر شعبان، تليها اليومان الأولان من شهر رمضان، بعدها يعود الركود إلى السوق، وتتباطأ حركة المشترين تدريجياً حتى نهاية الشهر”.
ومن خلال جولة للصحيفة على عدة بسطات في السوق وجد تفاوتاً كبيراً في الأسعار على نوع محدد من التمور، حيث يباع (الروثانا) وهو من أجود الأنواع والمفضل لدى الأسر السعودية بـ25 ريالاً للصندوق، فيما وجدت نفس العبوة بـ35، 30، 20 ريالاً في بسطات مختلفة.
وفي المقابل، ضرب “السكري” كل التوقعات عندما وصل سعر الصندوق الذي كان يباع بـ35 ريالاً في السابق إلى 70 ريالاً.
وعند سؤال أحد الباعة – من العمالة الوافدة – عن ارتفاع السعر بمعدل تجاوز 100%، أجاب بأن المشتري له حرية القرار في الشراء من عدمه بهذه الأسعار، مضيفاً “ما يمكنني تأكيده أنه بحلول أذان مغرب هذا اليوم لن تجد لدي صندوقاً واحداً من التمر السكري”. في إشارة تحد وثقة مفرطة أمام الزبائن.
وفي ذات السياق، تذمر المواطن جابر المالكي الذي كان يبتاع تمراً لعائلته من الفوضى السنوية في الأسعار ليس فقط في التمور وإنما في مختلف السلع الاستهلاكية، على حد قوله، وقال “ليس غريباً علينا عمليات (السلخ) من قبل التجار والموزعين فهم يستهلون شهر الخير والبركة بأبشع عملية احتيال على جيوب المستهلكين”.
وبلغت السعودية العالمية في إنتاج التمور، وتبوأت موقعاً مهماً في ترتيب الدول المنتجة والمصدرة للتمور، ولجأت خلال الأعوام الماضية إلى إنشاء مهرجانات خاصة بالتمور فقط.