هذه سيرة شخصية ناجحة قدمت الكثير من العطاء والإنجازات على المستوى الشخصي وعلى المستوى الوطني والعالميومع ذلك فشأن الدكتور عبدالله هو شأن الكثير من الأطباء, لا يمكن أن يتوقف في منتصف الطريق, وهاهو مشوار جديد يبدأ وينتهي في ولاية أدمنتون في وسط كندا, حيث البرد القاسي, وحيث الغربة وبعد الأهل والأحباب. ذلك المشوار الذي امتد خمس سنوات استطاع فيها عبدالله أن يجمع لنفسه بين عشقين, عشقه للعمل مع الأطفال وعشقه لفن الجراحة. كان يقضي الليالي الطوال بعيداً عن أبنائه رغم الغربة وقسوة الحياة, حتى أن إحدى بناته طلبت من أمها أن تشتري لها أباً بديلاً يجيد أخذهم للفسحة والتنزه. كانت هذه الطفلة الصغيرة تقول بطريقتها الخاصة أن أباها كان مقصراً لانشغاله بعمله عنها وعن إخوانها, وهو ما يعترف به الدكتور عبدالله الربيعة. لكنه في الوقت نفسه يؤكد أن العبرة بالجودة النوعية للوقت الذي يقضيه أحدنا مع أولاده لا بكمية الوقت وحدها.
عاد الغائب لأرض الوطن وقد حقق هدفاً أفنى زهرة شبابه من أجله, لكن هدفاً جديداً برز على شاشة ذهنه غير الوظيفة والراحة والمرتب الجيد. إنه يريد أن يرد الدين لهذا الوطن الذي صنع منه رجلاً يضرب به المثل في النجاح. إنه يريد أن يضع للمملكة العربية السعودية موقعاً على خارطة العالم الطبية وهو الجراح السعودي الوحيد حينها, المتخصص في جراحة الأطفال. لذلك فعندما تقلد عدداً من الوظائف الإدارية القيادية المختلفة التي اقتطعت وقتاً من جهده واهتمامه كطبيب جراح, لم تمنعه أبداً من ممارسة حلمه الذي ألزم نفسه إلا أن يستمر فيه بنفس القدر من الزخم ونفس القدر من العطاء, وهكذا سارت مسيرة النجاح.
مسيرة النجاحات
1.قدم أكثر من 42 ورقة عمل في ندوات وورش عمل وحلقات نقاش طبي.
2.ألف وساعد في تأليف وكتابة أكثر من 47 ورقة عمل وبحوث محكمة وكتاب.
3.أشرف على إجراء 34 عملية فصل توائم ملتصقة وفصل عشراً منها بنجاح, وتعد هذه الخبرة من أكبر الخبرات عالمياً.
4.أشرف على حوالي 50 حالة من أمراض البنكرياس لدى الرضع وله خبرة عالمية في هذا المجال.
5.يتابع أكثر من 50 حالة حروق كيميائية وتعد هذه من الخبرات المتميزة أيضاً.
كان ذلك عندما سقط من دراجته فشج رأسه وذهب للجراح الذي خيط الجرح بلا مخدر, مما سبب له ألماً أكثر من ألم الجرح نفسه. عندما قال له والده الذي أزعجته معاناة فلذة كبده مواسياً: “إن شاء الله…تصبح يوماً من الأيام جراحاً تعالج الجروح بدون ألم”. لم تمر هذه الكلمة له مرور الكرام في ذهن طفل طالما انبهر بعالم الطب, ولكنه ربما صدم بما أحسه من ألم مشوب بالخوف من إبرة الجراح ومبضعه.
كانت هذه هي بداية الحلم الذي أصبح هدفاً بعيداً لكنه لم يفتأ يقترب مع مرور السنوات الطوال من العمل الجاد الذي حول الحلم إلى حقيقة. لم تكن سنوات المراهقة التي يشكو منها الكثير من الآباء والأمهات مشكلةً بالنسبة لوالدي عبدالله الربيعة, لأنه كان صاحب هدف. كان الهدف يتمثل دائماً أمام عينيه, وكان كل الوقت وكل الجهد منفقاً لصالح هذا الهدف الذي لا يغيب عن ناظريه لحظة, حتى كان له ما يريد بتوفيق الله فالتحق بكلية الطب. حيث كانت هذه بداية الخطوات الأولى على أعتاب النجاح. لم يشعر أنه وصل إلى القمة بعد, ولم يكن ليرضى بغير القمة بديلاً. نعم لقد بدأ التنافس وحمي الوطيس الذي لم يبرد حتى حصل على المركز الأول على دفعته في كلية الطب:
وإذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام
ولد معالي وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة في مدينة الرياض, وعاش طفولة بريئة ليس فيها ما يلفت النظر أو يعلق بالذاكرة إلا ما يتناقله أبناء ذلك المجتمع الصغير من مخاوف من الجن أو القط الأسود التي لا تعدو أن تكون ذكريات طفولة تبعث على الضحك.
درس الابتدائية وكان طالباً متميزاً نجيباً مما كان يثير غيرة الكسالى من الطلاب الذين يصدق فيهم قول الحكيم: “هناك طريقتان ليكون لديك أطول مبنى, إما أن تدمر كل المباني من حولك أو أن تجتهد لتبني أنت أعلى من غيرك”.
الدكتور عبدالله الربيعه
ورغم أن طفولة عبدالله الربيعة لم تخل من الأحداث الصغيرة الكثيرة, إلا أن نقطة مضيئةً لمعت في ذهنه وشكلت حلماً عاشه, وعاش من أجله سنوات شبابه.
<<<<<<< متابعات