بعد انتهاء الحرب الداخلية وطرد الحوثي من صنعاء سيكون اليمن حكومةً وشعب منهكاً وأضعف من ذي قبل، ومن غير المتوقع كالعادة أن يحفظ لنا الجميل ولن يقدر حجم التضحيات الهائلة لتحريره من سطوة ثورة ايران وتغول المخلوع علي صالح، وسيبدأ التحول السياسي السلبي تدريجياً بعد أن يتم توزيع السلطة بين كافة المكونات السياسية بمن فيهم عملاء ايران الحوثيين وعصابات المخلوع علي عبدالله صالح، وسيزداد الوضع سواءً بعد اجراء الانتخابات. وبالعودة للعنوان فإن الحديث عن دور الاستخبارات لم يَعد همساً خلف الابواب المغلقة فعامة الناس أصبحت تعي دورها في رسم توازنات الحياة السياسية وغيرها في الدول الشمولية والبلدان الرخوة والممزقة والفاشلة على الدوام التي تحتاج لرعاية دائمة كاليمن!.
وما يجب قوله هنا وبكل وضوح للمسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية والإمارات هو أنه بعد وقف إطلاق النار وحدوث التوافق السياسي المتوقع بين مكونات اليمن وإجراء الإنتخابات فإن رؤساء اليمن القادمين وحكوماتهم ومجالسهم النيابية ستكون مختلفة ولا يمكن مقارنتها مع حكومة هادي الحالية بضعفها وقلة حيلتها، وسيترتب على ذلك فصول سياسية وأمنية سلبية تجاه المملكة وتجاه دول المجلس، وسيكون هناك تدخلات سياسية خارجية في شؤون اليمن في ظل تلك الحكومات تحت عناوين مختلفة من ايران والعراق وحشودها واحزابها الشيعية الارهابية مالم يتم التحسب لذلك ومنع حدوثه، وهذا ليس تشاؤم أو مجرد تحليل مرحلي بل هذا هو اليمن لمن يعرف تاريخه ،وهذه هي العقلية اليمنية على المستويات الشعبية والرسمية وهذا هو نمط تفكيرهم الحقيقي تجاه السعودية، وسيستمر اتهامهم لنا حتى بالوقوف خلف إنهيار سد مأرب وهجرة قبائل العرب من حوله، بل وبتغيير مكامن البترول تحت الأرض!!. هذا واقع، وليس هناك جديد فالمشهد اليمني مريض سياسيا ،ولابد من خلق مناخ داخلي سلمي به من خلال عمل استخباراتي يدير هذا المشهد لإيجاد وضع مستقر يتماشى مع توجهات ومصالح وسياسات المملكة ودول مجلس التعاون، وليس عيباً أن يُفرض ذلك بالوسائل الأخلاقية الممكنة، لأن اليمن ليس به دولة ذات سيطرة وسيادة حقيقية على اراضيه منذ زمن بعيد، فسلطة الدولة تاريخياً لم تتعدى حدود صنعاء بأي وقت ونحن في المملكة من يدفع ثمن هذا الفشل.، والحل الناجع والمنطقي هو أن نتعلم من الماضي ونستفيد من تجارب اعداءنا واصدقاءنا على حد سواء، وعلى هذا الأساس ننتهج سياسة أمنية استراتيجية طويلة الأجل لنؤثر إيجاباً على مجريات الحياة السياسية والأمنية بداخل اليمن بهدف استقراره وتحسين أوضاعه. أما كيف يكون ذلك؟ فالجواب هو ان ليس هناك امام المملكة والامارات العربية المتحدة خيار غير تكوين جهاز استخبارات خاص باليمن يعمل ضمن نطاق السفارتين هناك وبقيادة موحدة وبعلم وتعاون حكومات صنعاء او عدن، والمهم هو أن يكون ذلك العمل الاستخباري قوي وقادر على البقاء والصمود ويمتلك الرؤية السياسية والأمنية العميقة بالتنسيق مع المرجعية السياسية التي تضع الاستراتيجية العليا لكيفية تكوين وخلق حكومات اليمن ورسم مسارات شؤونها السياسية والدفاعية والأمنية، وعلى طبيعة الإنتخابات ونتائجها (نعم الانتخابات)، وهذا ليس مُحرم أو نوع من الوصاية، بل هذا النهج الاستخباري هو لصالح استقرار اليمن أولاً ذلك البلد الرخو والضعيف، ومن أجل ضمان عدم تركه ليختطفه غيرنا الذي حتماً (حتماً) سيفعل الشيء نفسه إن لم نفعل نحن ، ومرة أخرى للتأكيد (إن لم نفعل نحن).
إن مثل هذا التوجه وهذه السياسة سيضمن الأمن والإستقرار للجزيرة العربية ولمنظومة مجلس التعاون الخليجي، وسيحقق لليمن توافق سياسي واستقرار داخلي عبر مرجعية خليجية استخبارية موثوق بقدراتها يمنياً فهي لا تسعى للهيمنة على حياة الناس وسرقة مقدراتهم وظلمهم أو لتنفيذ الاغتيالات وتبييض الأموال كإستخبارات سوريا بلبنان ، وإنما هي استخبارات صديقة تسعى مع المؤثرين هناك لحفظ اليمن المتشتت والذي سيبقى في مهب الريح ومطمعاً للإرهابيين والإنقلابيين المتخلفين من عملاء الأجنبي وغيرهم، وهذا كله يهدد استقرارنا في المملكة في كل حين. و{الحكمة والإيمان ليست يمنية بالمفهوم الجيوساسي الحالي كما يفهمه الكثير، بل يمانية اشارة لما يقع جنوب الركن اليماني،وهناك فرق كبير، وقد بحثت ولم أجد في ارض جمهوريتي اليمن أي حكمة منذ قيامهما، بل تاريخ يفوح بالغدر والقتل والخيانات والحروب والسلب والنهب والإستبداد والإلحاد ..فأين الحكمة؟!}. التاريخ مهم يا أهل دول مجلس التعاون الخليجي واليمن لم يكن قط ارض لأي حكمة حتى قبل الإسلام فأديروه داخليا بحكمتكم المعروفة لأنه بلا حكمة محلية والتاريخ يشهد.
مرة أخرى وبإختصار، فإن الضرورة تقتضي إنشاء استخبارات عربية خاصة باليمن (سعودية ، اماراتية) نشطة، تقنية، ذان ابعاد سياسية ،تدار بفكر سياسي محترف، والأمر ليس صعب كما سيهول منه البعض أو ينتقده، بل هو ممكن جداً، فالعمل هو على مستوى اليمن الذي نعرفه اكثر من أهله، والجهاز المطلوب تنظيم مدني او عسكري يماثل كتيبة استخبارات يعمل في اليمن لمنع انحرافه سياسيا أو اختطافه من ثورة الشر الايرانية، وستساهم هذه الاستخبارات في منع تصدير البشر الأفارقة والمخدرات والأسلحة عبر اليمن الى المملكة. أنه عمل وطني مُشرف، ومشروع لنا فعل ذلك فقد تحملنا الكثير من أجل اليمن.
ومالم نفعل ما أشرت اليه آنفاً بالاستخبارات فإن هذا البلد بعد مغادرة الرئيس هادي وحكومته الفندقية الحالية لن يكون يمنٌ صديق لنا حتى ونحن نعيد اعماره ونضخ في بنكه المركزي مليارات الدولارات! أما لماذا؟ فلأن اليمن بكل بساطة لا يمكنه أن يكون دولة مدنية حديثة وذات سيادة داخلية على كل اراضيه، وليس باليمن تاريخياً قادة سياسيين وطنيين يستطيعون وضع مصلحة بلادهم فوق مصالحهم، وليس باليمن نضج سياسي بشكل عام، كما ان مزاج اليمن العام لا يزال فيه جفاء وشكوك ضد المملكة حتى وجيوب زعاماته تملأ بهبات دول مجلس التعاون!، وأصبح هناك من سيدفع لهم اكثر بنية الشر لنا، ويجب ان نعي دروس الماضي.
مرة ثالثة إن لم نقوم بمبدأ ادارة اليمن باستخباراتنا المحترفة المدركة لكل الابعاد المستقبلية فستذهب نتائج عاصفة الحزم ادراج الرياح، وسنقدم اليمن على طبق من فضة لثورة الخميني الارهابية، وسنعود للمربع الأول، لأننا ببساطة نتعامل مع اليمن بتاريخه وواقعه المعقد والمتخلف وليس مع النرويج او حتى قطاع غزة!!.
أرجو ان لا تضيع الفرصة ونتباطأ وننتظر حتى تقف الحرب وتتم المصالحة السياسية كهدنة مؤقتة لتقوم بعدها انتخابات هزلية يديرها المخلوع علي عبدالله صالح والحرس الثوري الايراني وبعدها يتعفرت الأشرار والحاقدين، ونبلش من جديد، ثم نبدأ بالتفكير من نقطة الصفر.
مستقبل اليمن الداخلي يجب أن نديره بجهاز استخبارات سعودي أو سعودي اماراتي، وبغير هذا الحل فمستحيل، ومستحيل مرة ثانية، ويستحيل مرة ثالثة أن نضع حداً للتهديدات الكبيرة القادمة من أو عبر اليمن مالم نتحكم نحن في مدخلات السياسة اليمنية الداخلية ونسيطر على الوضع، والأمر واضح. وليس هناك وقت للتفكير.
والصور التالية تذكرنا بتاريخ الحروب والغدر والخيانات القادمة من جهة اليمن نتيجة لعدم السيطرة على الوضع اليمني الداخلي بالاستخبارات والاستعاضة عنها بالعلاقات العامة.
التعليقات 2
2 pings
محمد الجـــــــابري
28/02/2017 في 7:59 ص[3] رابط التعليق
o من حق دول التحالف ان يكون لها وجود وتأثير دائمين باليمن .. لحماية اليمن اولا ولضمان حكمه من ابناؤه الوطنين من خلال انتخابات تشرف عليها دول التحالف بالاضافة الى تمكين الطبقه المثقفه من الولوج لمفاصل مؤسسات الدوله اليمنيه الحديثه..
o صحيح ان الحكمه يمانيه في عصور خلت الا ان الجهل والتجهيل والفقر وسوء ادارات الحكم السلطوي خلال القرن الماضي قد اسهم في تلاشي “الحكمه ” واستبدل اليمنيون بدلا عنها الفوضى وكثر الظلم وانتشر السلاح وتعمق الجهل واصبح اليمن مطمعا لايران وغيرها ..ولذلك لابد لدول التحالف من تاسيس “هيئة عربيه امنيه استشاريه تنمويه تعليميه مطعمه بكوادر يمنيه”وهذا حق وحال كل التحالفات المنتصره في التاريخ وحفاظا لحقوق اليمنيين من اختراق الطغاة للحكم من جديد وصد اطماع الدول الاجنبيه من اي تواجد بجنوب الجزيرة العربيه..”اتوقع ان يكون للجنوب اليمني والساحل الغربي تلازم اصيل مع دول الخليج وتبقى الهضبه الوسطى عاملا مقلقا لنفسها وللاخرين .. “مواجهة الصعاب قبل ان تستفحل خير من تركها للظروف والتمنيات” .. تحياتي ابا منصور
(0)
(0)
ابن جابر العبيدي ابراد مارب
28/02/2017 في 11:14 م[3] رابط التعليق
كلام صحيح وهذا جرب من بداية الحرب الى الان فالمناطق التي كانت مضدهده كانت تشكر وتردد الشكر لجميل السعوديه والخليج وبعد ان تحررت مناطقهم من سنه واكثر وحسوا بالامان ودب فيهم عملاء عفاش الذين يستعطفونهم بقضاياهم بدوا يبتعدون عن ذكر وتكرار جميل السعوديه والخليج وبل فيهم من قام يهاجمها
…..
ولكن انا ارى الحل بسهولة يكون في العراده او شخص نفس عقليته واهل مارب والجوف وحضرموت عندهم ولا من قديم للسعودية حسب القرب بالنسب والجيره فيجب توليتهم ودعم مشايخ اليمن لان مشايخ اليمن من تسلح بها نجح باليمن وبدونهم لن يتم النجاح حيث وهي تتحكم بالقبائل التي موزعة اليمن على شكل دويلات وهم من سيتحكمون في الانتخابات القادمه
…..
وفي وجهة نظري ان اليمن لن يضبط الا بدويلات لان التاريخ يقول ذلك فكان اليمن سلاطن ودول ووصلوا بتطورهم الى انحاء العالم والان هم في المذيله بجميع مجالات التطور والتعليم وغيرها بسبب الفرق بالعادات والتقاليد والظلم في توزيع الثروات .
نسخة بديلة
(0)
(0)