تحولت “الفاتِيَة” من جزء مهم في حياة كل عروس بمحافظة وادي الدواسر جنوب مدينة الرياض إلى قطعة ديكور تضعها المرأة اليوم في ركن من أركان المنزل من منطلق تذكر ماضي كبيرات السن “الجدات”، وكيف كانت “الفاتِيَة” تشكل اهتماما كبيرًا للنساء في الماضي.
و”الفاتِيَة” عبارة عن صندوق من الخشب يختص بالمرأة في الماضي، حيث تحفظ فيه ملابسها وعطورها وحليها ، ويمثل تحفة فنية تتزين بالنقوش الإسلامية الهندسية الملونة، وبعضها بالحفر ، وتنتشر على أجزائها الخارجية بعض المرايا الدائرية والمستطيلة وبعض أنواع المسامير ذات الرؤوس الذهبية أو الفضية التي تضيف إليها جمالاً آخر.
وتحتوي الفاتِيَة على صندوق كبير يتجاوز طوله المتر والنصف، وعرضه نصف متر ، يقوم على أربعة أرجل ، تسمى باللفظ الدارج في وقتها ” الكرعان” التي كانت تصنع فقط من خشب الأثل ، تغطيها على شكل زاوية الواح تسمى “المضاحك ” ويقسم تجوفيها إلى عدة أجزاء يكون أحدها بغطاء وقفل تحفظ عادة فيه الحلي والنقود.
وللصندوق غطاء كبير بقفل تحمي العروس به اغراضها، وتكون “الفاتية” من خصوصيات المرأة في وادي الدواسر فقط، وبعض مناطق ومحافظات ومراكز المنطقة الوسطى بشكل أقل وهو ماجاء في مجموعة موسوعة التراث الشعبي في المملكة التي أصدرتها وزارة التعليم قبل 18 عامًا عندما كانت مسؤولة عن الآثار والمتاحف بالمملكة .
وكانت “الفاتِيَة” من أهم شروط جهاز العروس في وادي الدواسر، حتى أنه تتراقص بها الدفافات خلال الاحتفاء بالزواج أو خلال نقل جهاز العروس من بيت أهلها إلى عش الزوجية لدى أهله أو في بيت مستقل .
وأكد أحد الهواة الذين لازالوا يقومون بتصنيعها لمجرد الديكور أنها لازالت تلقى إقبالاً من بنات وأمهات المحافظة خاصة في مناسبة المهرجان الوطني للتراث والثقافة ” الجنادرية”، وأنهن يرغبن في المقاسات الصغيرة التي سعرها يتراوح ما بين 100 – 200 ريال ، فيما الكبيرة التي تتفق مقاساتها مع مقاسات الفاتية الطبيعية يصل سعرها إلى 1500 ريال وأكثر، بحسب الجهد الذي تم في تصنيعها ونقشها .
وأشارت إحدى المعلمات في وداي الدواسر إلى أن الماضي فيه مخزون كبير من القيم المحسوسة والملموسة، مبينة أن القطع التي تزين بها المرأة مكانها من التراث الشعبي من أهمها الفاتية التي تأتي من الحنين إلى تلك الحقبة التي نشأت فيها وترعرعت، وهي سمة جمالية فريدة لها أبعادها التي لايمكن أن يتفاعل معها إلا من عايشها .