“المدرسة الأميرية” أو”مدرسة الهفوف الأولى” في محافظة الأحساء على الرغم من مرور 82 عاماً منذ إنشائها، أحد أبرز المعالم والبدايات للحركة التعليمية النظامية في المنطقة، وشاهدةً للانطلاقة الأولى لمسيرة وتاريخ التعليم في المملكة.
وأُطلق على المدرسة منذ إنشائها بحسب سيرتها التاريخية مسميات عدة بدايةً بمسمى مدرسة الأحساء الأميرية ثم مدرسة الأحساء الأولى فمدرسة الهفوف وأخيراً “بيت الثقافة”،وقد تخرج منها عدد من المسؤولين الذين خدموا الوطن في مواقع مختلفة .
وأوضح مدير عام الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالأحساء المهندس عمر بن أحمد الفريدي أنه تم إنجاز 80% من أعمال الترميم في مدرسة الهفوف الأولى (الأميرية)، مشيرا إلى أن الهيئة ستفتح المدرسة لزيارتها بعد الانتهاء من أعمال الترميم والتأهيل في غضون خمسة أشهر المقبلة.
وتتوسط “المدرسة الأميرية” التي أنشئت في تاريخ 1937هـ، وافتتحت في فبراير 1941هـ، وتشهد إقبالا من السواح والمهتمين بالتراث ــ الأسواق الشعبية، أبرزها سوق الخضار وسوق القصابية وسوق الذهب وسوق القصيرية التاريخي، ومدخلها الرئيس في وسط الضلع الشرقي للمبنى، ويتميز ببوابته ذات الدورين، حيث تعلوها شرفة، كما يقود المدخل إلى جناحين بغرف كبيرة نسبيا عن باقي الغرف، ومدخل آخر يقود إلى الفناء بالشكل الخلاب، كما يشمل الموقع الحالي للمبنى والساحة التابعة، ويحدها من جهاتها الشرقية والجنوبية والشمالية شوارع، وهو بمساحة 1200م.
وتعد المدرسة التي تتميز بمبناها وتصميمها التراثي، وفنون الهندسة المعمارية وجمال الأحجار والبنيان، وما تحتضنه هذه العمارة من إرث معماري وتاريخي وتعليمي كبير، من أقدم المدارس الحكومية النظامية، من خلال انطلاقها 1356هـ، وافتتاحها رسميا في محرم 1360هـ، إذ تختزن تاريخا وصفحات لمجموعة من الشخصيات والأعلام في مجالات الأدب والثقافة والاقتصاد، من أبرزهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير مكة المكرمة الذي درس القرآن الكريم والسنتين الأولى والثانية الابتدائيتين في الأحساء، ومعالي الوزير الدكتور غازي القصيبي ــ رحمه الله ــ ، وقد تخرجت أول دفعة في المدرسة، التي بلغ عددها 70 طالباً، سنة 1943م.
ويقول الباحث في التاريخ والآثار خالد الفريدة، أن الأحساء تميزت قديما بطلب العلم وبكثرة العلماء والكتاتيب والأسر العلمية، مشيرا إلى قصة التعليم شبه النظامي بالأحساء تعود لما قبل عام 1019م.
وأوضح أن بداية المدارس النظامية في مدينة الأحساء تعود مع تأسيس مدرسة الراشدية عام 1319هـ في وسط حي الكوت، وبعد فتح الأحساء عام 1331هـ على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – رحمه الله – أقفلت المدرسة الراشدية، وفي عام 1343هـ تم تأسيس مدرسة النجاح بحي النعيم بالنعاثل بالهفوف.
وأشار إلى أنه في 1356هـ تم افتتاح أول مدرسة حكومية نظامية بالأحساء عرفت باسم” مدرسة الأحساء الأميرية” واختير لها مبنى الحميدية الذي اشتهرت به والكائن بجوار سوق القيصرية في الهفوف الذي كان في الأصل دار للبلدية وسجل فيها 40 طالباً وفي خلال عدة أسابيع بلغ عدد طلابها 160طالباً.
وبين الفريدة أنه في عام 1358هـ تم تشكيل جهاز الشرطة في الأحساء فطلب الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي من المسؤولين عن المدرسة إخلاء مبنى الحميدية ليكون مقراً للشرطة فدخلت المدرسة أزمة البحث عن مقر وتبرع الشيخ محمد بن الشيخ حمد النعيم بمنزله لمدة عام ليكون مقراً للمدرسة، ونظراً لحماس الأهالي للعلم ورغبتهم في استمرار الدراسة بالمدرسة وبفضل جهود مدير المدرسة محمد النحاس الذي تمكن من جمع الأموال والمواد لبناء مدرسة رسمية حيث كان يزور الأهالي من منزل لآخر ويحثهم على التبرع لبناء المدرسة فتبرع الشيخ إبراهيم السبيعي بتقديم الأخشاب وتبرع آخرون بمبالغ نقدية بلغت 3200 ريال.