يعرف الشلل الدماغي بأنه مجموعة من الأمراض غير المعدية وهو المسبب الرئيسي لإعاقات الأطفال في العالم، حيث تبلغ نسبة الإصابة به نحو حاله واحدة لمولود من بين 400 مولود، ويحدث هذا الخلل خلال فترة الحمل أو الولادة أو بعد فترة الولادة حتى عمر ٥ سنوات.
وفي حوار لصحيفة “الرأي” مع أمهات لأطفال مصابين بهذا الداء، ذكرت لنا السيدة رانيا إصابة ابنتها حيث قالت، ظهرت الأعراض على ابنتي وهي بعمر الأربعة أشهر، ولم تعرف الأسباب لأنه لم تكن هناك أي مشاكل صحية أثناء فترة الحمل والولادة، وقد ذكرت السيدة رانيا ما رأته من أعراض على ابنتها وبناء عليها تم تشخيص إصابتها بداء الشلل الدماغي وهي الخمول الدائم، وعدم القدرة على الحركة، وتأخر في النطق، وبدأت ولله الحمد رحلة العلاج الطبيعي وجلسات العلاج بالكهرباء مع تحسن بطيء.
ومن جانب آخر تحدثت لنا السيدة أمل عن إصابة ابنتها قائلة، لقد تعرضت ابنتي لنقص الاكسجين خلال ولادتي بها نتيجة لخطأ طبي أثر على دماغها مسببا لها الشلل والذي كان بدوره مؤثرا على الحركة والعضلات، وقد توفيت رحمها الله في بداية مرحلة البلوغ دون معرفة سبب الوفاة.
وفي الحوار الذي أجرته “صحيفة الرأي” مع د. محمد سليمان السلومي، أستاذ مساعد بجامعة القصيم واستشاري طب أعصاب الأطفال والصرع وتخطيط الدماغ، ذكر لنا أن الشلل الدماغي مصطلح عام يطلق على مجموعة من الاضطرابات التي تؤثر على قدرة الإنسان على الحركة والمحافظة على اتزانه ووضعيته، وأضاف أن الأعراض تختلف بحسب نوعه وحدته وغالبها أعراض حركية، كالتأخر في اكتساب المهارات الحركية، شد الأطراف، مشاكل البلع والتنفس، وقد يصاحبها صعوبات في التعلم وغير ذلك.
أسباب الإصابة
ومن جانب أسباب وعوامل الإصابة ذكر لنا بأنها كثيرة ومتنوعة ومعظم تلك الأسباب والتي تتمثل في نسبة 90% تحدث في مرحلة ما قبل أو أثناء الولادة، كالأسباب الوراثية ونقص الأكسجين أثناء الولادة، وبعض تلك الأسباب قد تحدث ما بعد الولادة إلى عمر السنة كالتهاب الدماغ وإصابات الرأس وفي أحيان أخرى قد يظل السبب مجهول.
عوامل الخطر
وقال السلومي عن عوامل الخطر أنها قد تزيد من نسبة حدوث الشلل الدماغي للطفل، بعضها ما هو متعلق بالأم كالتعرض لبعض أنواع العدوى، كالهربس، والزهري، والحصبة الألمانية، أو بعض السموم أثناء الحمل، وبعضها ما هو متعلق بالطفل كنزيف المخ، واليرقان الشديد، والتهاب السحايا البكتيري، والتهاب الدماغ الفيروسي.
سبل الوقاية
ومن خلال تطرقنا لجانب سبل الوقاية وماهي الطرق أو الاجراءات التي يمكن أن نتفادى بها رفع احتمالية الإصابة بالشلل الدماغي ذكر لنا، إن معظم حالات الشلل الدماغي لا يمكن منعها لكن يمكن تقليل نسبة حدوث بعض عوامل الخطورة التي ذكرناها قبلا، وأضاف أن الزيارات المنتظمة للطبيب أثناء الحمل والعناية بمرحلة ما قبل الولادة قد يكون لها دورا كبيرا في تجنب رفع احتمالية الإصابة به، وأيضاً تجنب التدخين، المخدرات، والكحوليات، وذكر أيضا أن من سبل الوقاية وضع الطفل في المقعد المخصص له بالسيارة لتجنب إصابات الرأس.
مضاعفات الشلل الدماغي
ومن جانب المضاعفات أوضح السلومي، أن الطفل المصاب بالشلل الدماغي عادة ما يصاب بمضاعفات عديدة، سواء في مرحلة الطفولة أو حتى بعد البلوغ، وتكمن تلك المضاعفات في انكماش العضلات، وتيبس الأطراف، وتشوهات المفاصل والعظام، ومشاكل في التغذية والبلع والتي قد تؤدي للالتهاب الرئوي الشفطي، وأيضاً مضاعفات نفسية وسلوكية كالاكتئاب.
التشخيص وطرق العلاج
وعند سؤالنا عن طرق تشخيص وعلاج هذا الداء، أجاب بأنه عادة ما يكون التشخيص بعد أشهر إلى سنة من الولادة، وذلك لأن الأعراض تتضح بشكل أكبر مع الوقت، ويتم التشخيص عبر التاريخ المرضي والفحص السريري، وقد يحتاج الطبيب لعمل بعض الفحوصات كأشعة الرنين المغناطيسي وتخطيط الدماغ والفحوصات الوراثية والاستقلابية وغيرها للتشخيص وأيضاً لاستبعاد الأسباب الأخرى، أما من الجانب العلاجي ذكر لنا بأنه عادة لا يوجد علاج شافي لحالات الشلل الدماغي وإنما العلاج فيها “تلطيفي” يستهدف الأعراض وتحسين جودة حياة المريض، ومن ذلك العلاج الطبيعي والوظيفي، وعلاج النطق والتخاطب، إضافة للعلاج الدوائي الذي يشتمل على مرخيات العضلات، وأضاف عادة ما يتم اللجوء للعمليات الجراحية في حالات التيبس الشديد للأطراف، وما قد يصاحبها من تشوهات للعظام وعدم جدوى الأدوية والعلاج الطبيعي في إرخاء العضلات.
التعليم حق من حقوق الطفل
وحين ذكرنا للجانب التعلمي للطفل المصاب، أوضح بأن التعليم حق مكتسب للطفل المصاب بالشلل الدماغي مثله مثل بقية الأطفال، ولأن الشلل الدماغي يؤثر على القدرات “الحركية” للطفل، فإن قدراته العقلية بالغالب طبيعية مع الأخذ بالاعتبار وجود صعوبات في التعلم لدى البعض منهم، لذلك فإنه من الممكن دمج بعضهم في التعليم مع المراعاة لإعاقتهم الحركية بكافة جوانبها.