مما لا ريب فيه أن للمدينة النبوية مكانة سامية في نفوس المسلمين، فمنذ هجرة النبي r إليها بقيت رمزًا للقيم الدينية، والعطاءات الثقافية، ورحل إليها طلاب العلم والعلماء، يَدْرسون ويُدرِّسون في مسجدها النبوي، واستمرت هذه الحالة إلى عصرنا الحاضر.
ومن أجل هذه المكانة تم إنشاء الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1381هـ، بأمر من الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود يرحمه الله، ومنذ نشأتها واللغة العربية في مقدمة اهتمامات القائمين عليها، فكان من أوائل كلياتها كلية اللغة العربية التي ما زالت مستمرة في أداء رسالتها إلى وقتنا الحاضر خير أداء.
وقد تخرج في هذه الكلية آلاف الدارسين من مختلف أقطار العالم، ومنها جمهورية القمر المتحدة، حيث تخرج فيها أعداد كبيرة من القمريين الذين لهم دور عظيم في نشر العربية، ومن أجل ذلك كتبت هذا المقال – بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، الموافق للثامن عشر من شهر ديسمبر – لتسليط الضوء على الجهود التي يقوم بها خريجو الجامعة الإسلامية في تعليم اللغة العربية في جمهورية القمر المتحدة، وهي تتمحور في جانبين:
الجانب الأول: المؤسسات التعليمة التي أسسها خريجو الجامعة الإسلامية، والتي تعنى بتدريس العلوم الإسلامية والعربية.
والجانب الثاني: المدرسون القمريون المتخرجون في كلية اللغة العربية، والمنتشرون في مدن وقرى جزر القمر يعلمون الناس اللغة العربية، وفيما يلي بيان لهذين الجانبين باختصار:
أولا: المؤسسات التعليمية، ونذكر على سبيل المثال ما يلي:
1- كلية الإمام الشافعي للعلوم الإسلامية والعربية: تعد هذه الكلية معلما حضاريا من معالم جزر القمر، وهي اللبنة الأولى لإنشاء الجامعة القمرية، والمؤسسة العليا لتدريس العلوم الإسلامية واللغة العربية في البلاد، ومؤسسوها خريجو الجامعة الإسلامية، يترأسهم الدكتور سعيد برهان عبد الله، أول عميد لها.
وتضم هذه الكلية قسما اللغة العربية، يتخصص الطالب فيه علوم اللغة العربية وآدابها، ويحصل على شهادة (الليسانس) في اللغة العربية.
كما تضم قسما للتعليم المستمر وخدمة المجتمع، يتعلم الملتحق به عددا من اللغات، منها اللغة العربية لغير المتخصصين.
2- مدارس الإيمان: كبرى المدارس الإسلامية في البلاد، ومؤسسها الشيخ صادق مبابانزا، وهو من أبرز الثمار اليانعة المهداة من الجامعة الإسلامية إلى جزر القمر، ومنذ تأسيسها تؤدي دورها في نشر العلوم الإسلامية والعربية، ويتعلم الطالب فيها من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية.
3- مدرسة بَثِّ الأخلاق الإسلامية: أسسها الشيخ محمد إسلام بوانا رحمه الله، من الدعاة القمريين الدارسين في الجامعة الإسلامية، أسس هذه المدرسة بعد عودته، ولا زالت تؤدي دورها الريادي في تعليم اللغة العربية والإسلامية، وتضم المدرسة المرحلتان الإعدادية والثانوية.
ثانيا: المدرسون القمريون المتخرجون في كلية اللغة العربية، والمنتشرون في مدن وقرى جزر القمر يعلمون الناس اللغة العربية:
من الصعب الإحاطة بجميع خريجي كلية اللغة العربية من القمريين، ذلك أنه منذ إنشاء الجامعة إلى وقتنا الحاضر يتخرج العشرات ويعودون إلى الوطن مؤدين دورا كبيرا في نشر العربية وتعزيز وجودها في المجتمع، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
1) الدكتور حامد كرهيلا، وزير الدولة المكلف بالتعاون مع العالم العربي في وزارة الخارجية سابقا، وسفير سابق لجمهورية القمر المتحدة لدى المملكة العربية السعودية ودول الخليج أيضا، يعد من الغيورين على اللغة العربية، وله إسهامات كبيرة في هذا المجال، وخير شاهد على ذلك مؤلفاته المتنوعة، التي تعد مرجعا مهما في تاريخ جزر القمر، وكلها باللغة العربية.
2) الدكتور نور الدين باشا، مدرس البلاغة العربية بالجامعة القمرية، لديه اهتمام في نشر اللغة العربية، حيث عمل مديرا لمعهد الإرشاد الثانوي لسنوات طويلة، وهو معهد يعنى بتدريس العلوم الإسلامية والعربية، إضافة إلى بحوثه ومقالاته التي يكتبها بالعربية في عدد من المجلات العلمية، كمجلة (قراءات إفريقيا)، ومجلة (المجتمع) الكويتية، وجريدة (الوطن) القمرية.
3) كاتب هذا المقال الدكتور أحمد بن محمد طويل، مدرس مادة النحو والصرف في كلية الإمام الشافعي، له بحوث منشورة في أكثر من مجلة علمية، كما شارك في عدة مؤتمرات وندوات علمية عن اللغة العربية، بالإضافة إلى مقالاته التي يكتبها في صفحته على الفيس بوك، وفي جريدة الوطن القمرية.
4) الأستاذ يحيى محمد إلياس، وزير ومستشار لرئيس الجمهورية سابقا، وسفير لجزر القمر لدى المملكة المغربية حاليا، عمل مدرسا لمادة النحو في كلية الإمام الشافعي بجامعة جزر القمر لمدة تزيد على عشر سنوات.
5) المحاضر علي حسن صالح، رئيس جمعية الهلال الأحمر القمري، من أوائل المدرسين الملتحقين بكلية الإمام الشافعي.
6) الأستاذ محمد بن علي، مندوب منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بجمهورية القمر المتحدة، مدرس اللغة العربية في معهد التضامن الإسلامي، وفي عدد من المعاهد في البلاد.
7) الأستاذ إسحاق إبراهيم، مدرس اللغة العربية في مدارس الإيمان، ومدرسة بث الأخلاق الإسلامية، ومعهد رابطة العالم الإسلامي.
8) الدكتور موسى إسحاق حمادي، له إسهامات في نشر العربية في البلاد من خلال تدريسه للغة العربية في كلية الإمام الشافعي، وفي عدد من المعاهد العلمية.
تلك من أبرز جهود خريجي الجامعة الإسلامية في نشر اللغة العربية في جزر القمر، ولا شك أن هذه الجهود تدخل ضمن دور المملكة العربية السعودية في دعم التنمية الشاملة في جزر القمر، والتي بدأت قبل استقلالها، وما زالت مستمرة إلى وقتنا الحاضر.
بقلم / د. أحمد بن محمد طويل
كلية الإمام الشافعي – جامعة جزر القمر
رئيس الرابطة القمرية لخريجي سوريا
(
(
