قصة شغف وإنجاز
في قلب “ريحانة المدن” جازان، وبين تضاريسها الساحرة وكنوزها الطبيعية، تبدأ قصة أحمد بن محمد أحمد فقيهي، المرشد السياحي الذي اتخذ من شغفه بالمعرفة والتجربة وسيلة لتقديم صورة مبهرة عن منطقة جازان وجزر فرسان. بحماسة وإصرار، تحول أحمد من متأمل في الجمال إلى صانع للدهشة، مؤمناً بأن المستحيل مجرد فكرة تنتظر من يتجاوزها.
“لا نؤمن بالمستحيل”، بهذه العبارة يلخص أحمد فقيهي مسيرته الشخصية والمهنية. قاده شغفه بجازان وإنسانها لاختيار مسار الإرشاد السياحي، وبدأت رحلته قبل جائحة كورونا بسنوات، عندما قرر أن يتعمق في تفاصيل المنطقة، ليكون خير سفير لجمالها وثرائها.
حديث الأستاذ أحمد مع صحيفة “الرأي”
في لقائه مع صحيفة “الرأي” ، يقول أحمد:
“اخترت الإرشاد السياحي لأنني أؤمن بأن تجربة الإنسان مع الأماكن ليست مجرد زيارة عابرة، بل رحلة تعكس هوية المكان وإنسانه. وجازان، بكنوزها الطبيعية والثقافية، تستحق أن تُروى قصتها بتفانٍ وإتقان. هدفي كان ولا يزال أن أُثري تجربة الزوار وأترك بصمة تعكس جمال هذه المنطقة بأصالتها وحقيقتها.”
من الإلهام إلى التنفيذ: البداية في ماليزيا وإندونيسيا
كانت البداية الحقيقية عندما التقى أحمد بمرشدين سياحيين خلال زياراته إلى ماليزيا عام 2006 وإندونيسيا عام 2010. تلك التجارب زرعت بذرة الشغف بداخله، ليعود إلى جازان ويقرر أن يقدم لزوارها تجربة مماثلة أو حتى أفضل. عمل أحمد على تصميم مسارات سياحية تمزج بين الطبيعة والتاريخ والثقافة، مع اهتمام بالغ بتفاصيل كل موقع لضمان تجربة غنية وممتعة.
قصص من الميدان: مواقف لا تُنسى
مسابقة القهوة السعودية في قلعة الدوسرية
في أحد الأيام، كان أحمد يرافق فريقاً تنظيمياً في زيارة عمل لجازان، حيث قرر الفريق مبدئياً عدم إقامة فعالية كانت مقررة في المنطقة. أمام هذا التحدي، بادر أحمد باقتراح حل غير متوقع: إقامة الفعالية في قلعة الدوسرية. كانت الفكرة وليدة اللحظة، لكنه بثقة وهدوء رسم ملامحها. بعد زيارة الموقع، انبهر الفريق بتناسق الفكرة مع الفعالية، وقرروا تنفيذها هناك. كانت النتيجة نجاحاً باهراً، حيث أصبحت القلعة مسرحاً لإحدى أبرز الفعاليات الوطنية: نهائي مسابقة القهوة السعودية لعام القهوة.
درس من خور فرسان: رضا الزائر رأس المال الحقيقي
في موقف آخر، تأخر أحمد عشر دقائق عن موعد أحد زواره في خور فرسان بسبب ظرف طارئ. رغم اعتذاره، بدا الزائر غير راضٍ. قرر أحمد حينها أن يترك أثراً مختلفاً، فأعاد للزائر جزءاً من الأجرة كتعويض عن التأخير. كانت هذه الحركة البسيطة كافية لرسم ابتسامة على وجه الزائر، الذي عاد لاحقاً برفقة أصدقائه وعائلاتهم، ما أكد لأحمد أن رأس المال الحقيقي يكمن في رضا الزبائن.
المسارات السياحية: جازان في أبهى صورها
يحكي أحمد عن المسارات السياحية التي تفردت بها منطقة جازان، والتي صممها لتناسب مختلف الأذواق، منها:
• جزيرة فرسان: بُعد تاريخي وثقافي يجعلها “سيدة الجزر” بلا منازع.
• وادي لجب والجبل الأسود: وجهة طبيعية أطلق عليها أحمد لقب “وادي العجب”.
• فيفا والداير ومزارع البن: مناطق تعكس جمال الأصالة.
• العيون الحارة في العارضة: تجربة استشفائية رغم تحديات الموقع.
ومع ذلك، يحرص أحمد على تجنب المواقع التي تعاني من ضعف في الخدمات، حرصاً على تقديم تجربة مثالية للزوار.
التحديات والفرص في القطاع السياحي
يرى أحمد أن التخطيط الاستراتيجي يضمن تحقيق التنمية المستدامة. لكنه يؤكد أن الفرص هائلة وتنتظر من يتبناها برؤية واضحة ورسالة سامية.
ويشيد الفقيهي بالدور الذي تلعبه وزارة السياحة في تدريب وتأهيل المرشدين، معتبراً أن تمكين المجتمعات المحلية هو أساس نجاح القطاع، حيث يساهم في تعزيز التكافل بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع.
رسالة إلهام وأمل
يؤكد أحمد فقيهي أن النجاح في الإرشاد السياحي ليس مجرد سرد للمعلومات أو تنظيم للجولات، بل هو بناء تجربة متكاملة تمزج بين المعرفة والجمال والإنسانية.
“ابتسامة الزائر هي رأسمالنا الحقيقي”، بهذه العبارة يختتم أحمد حديثه مع صحيفة الرأي، ملخصاً فلسفته المهنية التي جعلت منه أحد المرشدين السياحيين في جازان.