[JUSTIFY]لكَم أتعاطف مع مواطني الطبقة المتوسطة ، الذين يعيشون فقط على الراتبِ، ودون مصادر دخول خارجية. فالتُجار بسيوفِ أسعارهم من أمامهم، والقروض والخدمات العامة والإيجارات تطاردهم من خلفهم، لتُغرق سفنهم، وتُشعل أشرعتهم الباحثة عن الحلولِ.
والحلول لا تحدث لكثرة من يُهملون في أداء ما هو مطلوب منهم، فتظل الحلول على سهولتها، مستحيلة، وغير مطروقة.
والدمعة الحرى تحرق العين، وتعصف بالفؤاد عندما أتذكر الطبقة الأقل دخلاً، ممن تعتمد حياتهم على رواتب هزيلة لا تقيم الأود، وممن يعانون الأزمات المالية الناتجة من تبعات الضمان الاجتماعي، وحسرات مصلحة المعاشات، وشحّ مؤسسة التأمينات العامة، وقهر البطالة، ومماطلة وزارة الإسكان، ومحدودية حافز، ومصاريف المواصلات، وصعوبة العلاج، ومبالغة فواتير الخدمات العامة، وغيرها. تلك الطبقة، التي تتكون في الغالب من أهلنا المُسنين، والأرامل، والعجزة، والمطلقات، والقُصر، ممن يغضون الطرف عن الطيبات، ويرفعون أجنحتهم للسماءِ مع كل أذان بالدعاء ليهبهم الله الصبر حتى نهاية الشهر، ودونما حاجة لبشر.
ولا تُذكروني بالطبقة المُخْمَلِيّة، ممن يعدون الراتب أمراً ثانوياً، وقد لا يتذكرون نزوله في حساباتهم، لشهور طويلة، أولئك الذين يقضون أغلب إجازاتهم في منتجعات العالم السياحية، ويتذمرون بأن سياراتهم الفارهة موديل السنة الماضية!.
وقد تكون هذه الطبقة هي علة ما يحدث لنا. فهم يزغللون الأعين عن الحقيقة، ويعطون صوراً مخادعة. وبمجرد المقارنة الشكلية، فإنهم يضرون بالطبقتين الأدنيين.
ورغم أنه قد ثبت للعالم بأسره أننا -وبحمد الله- شعب أصيل عريق مؤمن نعشق ثرى وطننا، ونتكاتف مع حكومتنا في كل منعطف، ونصبر على معاناتنا السنوات الطويلة، ولكننا وفي نفس الوقت بشر نضعف، ونجوع، ونمرض، ونحتاج، ونُعسِر.
نحن نرى الأسعار تتصاعد من حولنا بشكلٍ جنوني مضطرد، فلا يمتلك أحداً أن يوقفها. كما أن الاحتكار قد خلق لنا سوقاً مجنونة يمتلكها قلائل يتحكمون في مصائر الملايين، ويفرضون علينا بضائعهم، وبالثمن الذي يحددونه، ودون خشية من منافسٍ مؤمنٍ قد يكسر سوقهم بقناعته بالرزق القليل، ووزارة التجارة تغض الطرف ساهمة وكأن الأمر لا يعنيها، وسعر الريال يتدنى. لقد أصبح المعسرون كالإسفنج الناشف، لا يمكنه الاحتفاظ بما يصله من القطرات البسيطة قبل أن يشفطها جفاف وجشع التجار.
والدولة هي المعيلة، والولية، والقادرة على أن تقف وقفة حق تصبُ في صالح الطبقتين السفليين، وأن تلجم جنون الأسعار، وتخفض رسوم الخدمات. وهذه أحلام تراودنا مع كل عيدٍ نسمع قبله شائعات مفرحة يصدقها التجار قبلنا، ويتعالون في أسعارهم، وكأنها حدثت فعلاً.
[/JUSTIFY]