فجرت صفقة الأسلحة الأمريكية للمملكة العربية السعودية موجة عنيفة من ردود الأفعال الدولية والإقليمية، خاصة أن الصفقة هي الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تبلغ قيمتها نحو 60 مليار دولار، وتشمل تحديث كامل منظومة الدفاع الجوي، والطيران بالمملكة فضلا عن تزويد الرياض بذخائر شديدة التطور.
وفي إسرائيل شنت الصحف حملة ضد الصفقة واصفة إياها بـ”اللعب بالنار”. وحذرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية من حصول المملكة على “تكنولوجيا حديثة للغاية ترفع من القدرات القتالية لأسطول الرياض الجوي، مما يشكل تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل، خاصة إذا وضعنا في الاعتبار وجود قاعدة تبوك الجوية الحديثة على بعد دقائق تقطعها الطائرات السعودية لنجد ديمونة وكامل صحراء النقب تحت رحمة نيرانها”. و نقلت الصحيفة عن مصدر بوزارة الدفاع الإسرائيلية- رفض الكشف عن هويته- قوله “قد تستخدم المملكة هذه القوة الهائلة ضد النظام الديكتاتوري في إيران كما يردد الأمريكيون، لكنه لا ضمانات لما يمكن أن يحدث في الغد، فقد نجدها فجأة فوق سماء إسرائيل، وهذه الصفقة سوف تؤثر حتما على تفوق السلاح الجوي الإسرائيلي في المنطقة التي لا تهدأ أبدا”.
وفي يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أستنكر عدد من كتاب الأعمدة إحالة الصفقة للكونجرس للموافقة عليها، كتب المحلل العسكري للجريدة قائلا “في واشنطن يقولون إنها أسلحة سوف تقطع يد نجاد، لكن لا أحد يعرف العرب أكثر منا، قد يقطعون يد نجاد فعلا لأن مصالحهم تقتضي ذلك لكننا لسنا على استعداد لمواجهة يوم كيبور آخر” في إشارة لتحالف الدول العربية في حرب أكتوبر 1973.
أما صحيفة واشنطن بوست الأمريكية فنقلت عن أنتوني كورديسمان الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية قوله إن “هذه الصفقة سوف تضاعف قدرات الطيران السعودي، والمطلوب الآن هو توصيل رسالة لإيران تجعلها غير قادرة على مهاجمة المملكة النفطية أو جيرانها في الخليج العربي”. وفي الصحيفة نفسها قالت لورين تومبسون المستشارة في وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، إن هذه الصفقة سوف تدعم الموقف الاقتصادي لشركات وزارة الدفاع الأمريكية التي تعاني من ارتفاع مستوى الإنفاق بشكل عام وانخفاض الطلب المحلي على الأسلحة. وأضافت تومبسون “تتطلع الشركات الكبرى التابعة للوزارة لأسواق مفتوحة مثل السعودية لتعويض خسائرها، خاصة أن هذه الدول يمكنها أن تضخ أموالا في السوق في حالة يكون فيها الاقتصاد الوطني (الأمريكي) في حالة يرثى لها”.
ونقلت واشنطن بوست عن ريتشارد أبولافيا المحلل المتخصص في صناعة الطائرات بشركة Teal Group قوله إن” الولايات المتحدة ستكتفي ببيع مقاتلات F-15 للسعودية ولكن لن تبيعها مقاتلات F-35 الأكثر تطورا لـ”أسباب سياسية” ولأنها تفضل بيعها لإسرائيل، مشيرا إلى أن إسرائيل وفرت التمويل اللازم لشراء مقاتلات F-35 بالإضافة إلى شراء أنظمة مضادة للصواريخ الباليستية.
ولفتت صحيفة لوفيجارو الفرنسية إلى ما أسمته “حسد دول المنطقة للرياض على هذه الصفقة الضخمة، حيث تبلغ قيمتها 120% مما حصلت عليه دولة كبرى ولديها جيش حديث مثل مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد في 1979 وحتى اليوم، وهو أيضا ما يثير حسد دول تتطلع لبناء قدرات عسكرية ذات كفاءة عالية مثل الجزائر والمغرب والإمارات، وجميعها دول لم تحظ بمثل هذه الصفقة في تاريخها كله”.