توقع المؤرخ الأميركي الدكتور جوزيف كشيشيان أن تؤدي الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة إلى انسحابها من منطقة الخليج العربي عاجلا أو آجلا، معتبرا أن الهندهي البديل الذي سوف يسيطر على المنطقة مستقبلا.
جاء ذلك في محاضرة ألقاها مساء الأحد بالنادي الثقافي العماني في العاصمة مسقط تحت عنوان “عوامل الاستقرار وعدمه بمنطقة الخليج العربي”.
ويرى كشيشيان أن الهند مؤهلة لخلافة أميركا كونها من الحلفاء المقربين لأميركا والغرب عموما، وهي تعد العدة لذلك كقوة اقتصادية ناشئة، وتقوم ببناء أسطول بحري بشراء غواصات نووية جديدة، متوقعا أن تصل قوتها البحرية لأكثر من 200 قطعة بحرية، وذلك خلال خمس إلى عشر سنوات.
واعتبر المؤرخ أن الهند أقرب لهذا الدور من الصين، لأن الأخيرة رغم سرعة نموها الاقتصادي لديها مشاكلها الداخلية التي قد تحد من قدرتها على أن تحل محل أميركا، مشيرا إلى أن وجود سبعين مليون هندي بالمنطقة يعد عاملا هاما في ترجيح قوة الهند مستقبلا.
من جهة أخرى، عزا المحاضر عوامل عدم الاستقرار في منطقة الخليج إلى مشكلات داخلية يرى أن تفاعلها هو الذي يجلب التدخلات الخارجية، مستشهدا في ذلك بفترتي الصراع العراقي الإيراني، والغزو العراقي للكويت، حيث اعتبر أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وقع في “فخ”، لكن لم يوضح من الذي أوقعه في هذا الفخ.
عنصر هامعلى صعيد آخر، وصف كشيشيان النفط بأنه عنصر هام في استقرار المنطقة خاصة أنه محط الاهتمام الأساسي للولايات المتحدة، وأضاف أن عوامل البطالة وزيادة مستوى النمو السكاني وتطلع المواطن الخليجي لحرية التعبير والشفافية هي من العوامل الهامة التي تلعب دورا أساسيا في استقرار المنطقة من عدمه.
وفي تصريح للجزيرة نت أكد كشيشيان أن الغرب لن يكون بمقدوره التدخل في أي منطقة طالما كانت متمتعة بحالة استقرار داخلي، وأكد أنه إذا حرصت المنطقة على بناء دولة المؤسسات وتحقيق العدالة والأمن الاقتصادي فسيتحقق الاستقرار الداخلي الذي سيمنع بدوره التدخلات الخارجية.
وعن موقع الدور الأميركي الحالي من استقرار المنطقة وعدمه قال للجزيرة نت إن “عدم الاستقرار يتضح في أن الولايات المتحدة تتصرف أحيانا كأنها الدولة الوحيدة بالعالم”، متوقعا نشوب خلافات بين دول المنطقة والولايات المتحدة خصوصا بشأن السياسة تجاه إيران.
لكن كشيشيان رفض الإجابة على سؤال للجزيرة نت حول إسرائيل وعلاقتها بعوامل استقرار المنطقة الخليجية، وما إن كان امتلاك إسرائيل للقوة النووية سببا وراء تطلع الآخرين لامتلاك نفس القوة بالمنطقة مما ينتج عنه حالة من عدم الاستقرار.
يذكر أن كشيشيان يحمل درجة الدكتوراه في الشؤون الخارجية من جامعة فرجينيا، وسبق له العمل خبيرا مساعدا في الشؤون السياسية بمؤسسة راند الأميركية بكاليفورنيا ومحاضرا بجامعة كاليفورنيا، وألف مجموعة من الكتب، بينها كتاب عن الخلافة بالمملكة العربية السعودية.
تعزيز الاستقراركما تحدث للجزيرة نت الخبير بمركز السلطان قابوس للثقافة الإسلامية، صالح بن سليم الربخي الذي أكد أن تبني إستراتجيات جديدة للتعليم والتوجه نحو التكامل الاقتصادي بالمنطقة سيساعد بوضوح على تعزيز الاستقرار، معتبرا أن التدخلات الأجنبية في المنطقة جلبت الكثير من الشرور.
من جانبه يرى سعيد الصقلاوي أحد الحضور بالمحاضرة أن مراعاة حقوق الإنسان من العناصر التي يمكن أن تسد الذرائع أمام التدخلات الأجنبية في المنطقة، مشيرا إلى أن أميركا يمكنها أن تكون عامل استقرار بالمنطقة إذا اتبعت سياسات متوازنة تجاهها.
في المقابل، يرى الصقلاوي أن أي محاولة من الهند للعب دور يشبه الدور الأميركي في المنطقة سيعد استدراجا قد يؤدي لتفتيتها مستقبلا بسبب ما تحويه من تناقضات داخلية متعددة.