من المعروف لدى عامة الناس أنه عندما تذكر كلمة أو مصطلح الأنيميا فإن ذلك هو عدم وجود دم، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟ إنه بالطبع غير صحيح فالمصابون بالأنيميا لديهم الكثير من الدم، ولكن كرات الدم الحمراء لديهم لا تقوم بدورها المتمم في حمل الأكسجين الذي يزود الإنسان بالطاقة. هناك أشكال عديدة من الأنيميا أكثرها شيوعاً هي الناتجة عن نقص الحديد، فعندما لا تحصل على القدر الكافي من عنصر الحديد في الغذاء أو حتى عندما تفقد المرأة الكثير من الدم نتيجة الدورة الشهرية فإن مقدرة الدم على حمل الأكسجين تقل بشكل مفاجئ. إن الشخص يبدو عليه الذبول عندما يحرم من الأكسجين، والإصابة بالأنيميا تشعرك عادة بالوهن والضعف والبرودة الدائمة وتشوش بالمخ.
يقول العلماء إن ما يقدر بحوالي ثلث السيدات في الولايات المتحدة الأمريكية يعانين من نقص في مخزون الحديد ليدهن وبالتالي يعانين من خطر الإصابة بالأنيميا، ولحسن الحظ فإن علاج الأنيميا يكمن في الطعام.
تحتاج السيدات عادة في سن الإنجاب إلى 15 ملليجراماً من الحديد في اليوم لكي يمتص بصحة جيدة، أما السيدات في سن اليأس والرجال فيحتاجون إلى 10 ملليجرامات. أما بالنسبة للنساء الحوامل فيحتجن إلى قدر أكبر بكثير، فهن بحاجة إلى حوالي 30 ملليجراماً من الحديد يومياً، وبالطبع من المستحيل الحصول على هذا القدر من الحديد من الغذاء وحدة ولذلك يصف الأطباء مكملات الحديد الغذائية.
أما بقية الناس فإن الأمر ليس صعباً في الحصول على الحديد الكافي للجسم إذا تناول الشخص اللحم والسمك والدجاج، حيث أن هذه الأطعمة تحتوي على كميات وافرة من الحديد تسد حاجة الشخص فعلى سبيل المثال أوقيات من بلح البحر الأزرق المطهو بالبخار تحتوي على 6 ملليجرامات من الحديد، كما أن وجبة من شريحة لحم مشوي قليل الدهن تزن 4 أوقيات تحتوي على 3 ملليجرامات من الحديد، ونفس الكمية من لحم الديك الرومي الأبيض المحمر تحتوي على 1 ملليجرام من الحديد.
أما إذا كان الشخص لا يتناول اللحوم ولا يأكل منها إلاّ القليل، فسوف يكون الشخص بحاجة إلى الاهتمام بغذائه، والمشكلة ليست لأن الخضروات لا تحتوي على الحديد، حيث ان نصف كوب من اليقطين (القرع) يحتوي على 2 ملليجرام من الحديد، ونصف كوب من اللوبيا والعدس يحتويان على 3 ملليجرامات من الحديد، وعليه فإن كمية إجمالي الحديد ليست المشكلة في هذه الأطعمة، لكن المشكلة في كيفية استفادة الجسم من هذه الأغذية التي يتناولها.
إن مقدار استفادة الجسم من المادة الحيوية، يشير إلى كيفية امتصاص الجسم للمواد المغذية التي يتناولها الإنسان. فهناك شكلان من الحديد يتسمان بمستوى مختلف من درجة امتصاص الجسم لهما: الحديد الموجود في اللحوم، والسمك، والمحار ويسمى حديد اليحمور (Heme Iron) والذي يمكن امتصاصه بسهولة، والحديد الموجود في الأطعمة النباتية الذي يسمى حديد غير اليحمور. (Nonheme Iron) والذي لا يمتصه الجسم بسهولة.
لنضرب مثلاً على حديد اليحمور إذا افترضنا أن الستة جرامات من الحديد الموجود في 3 أوقيات من بلح البحر سوف يتم امتصاص 15% في الجسم، في حين أن الجسم لن يمتص إلّا 3% فقط من الملليجرامات الثلاثة من الحديد الموجود في نصف كوب من العدس.
من الممكن تقوية امتصاص الجسم للحديد بتناول الطعام الذي يحتوي على فيتامين “ج” مع طعام يحتوي على حديد يضمن للشخص الحصول على المزيد من الحديد في مجرى الدم. تقول الدكتورة كارول فليتشمان أستاذة الطب المساعد في مستشفى جامعة آلجني في ولاية فلادفيا: (إن أفضل امتصاص للحديد يتم في محيط حامضي، خاصة حمض الأسكوربيك الذي يتوافر فيه فيتامين “ج”).
وبنفس الطريقة فإن الجمع بين اللحوم والخضروات في نفس الوجبة يجعل من السهل الحصول على المزيد، حيث أن حديد اليحمور في اللحوم يعزز حديد الخضروات ويجعل من السهل امتصاصه. تقول الدكتورة كارول فليتشمان: (لا حاجة لك في أن تقضي وقتاً طويلاً في الاهتمام بشأن نسبة فيتامين “ج” إلى الحديد في الطعام أو نسبة حديد اليحمور في الطعام إلى غير اليحمور. نعم إن تنسيق هذه النسب جميعاً يمد الجسم بأعظم الفوائد، ولكن إذا كانت إحدى السيدات مصابة بنقص الحديد فإن امتصاصها للحديد سوف يكون قوياً، أي كلما تناولت الحديد زادت درجة امتصاص جسمها له).