بقدر كمية ما ينتابنا من ألم عند رؤية ما لا نريد ، أو ما لا يكون كما ينبغي يتضاعف شعورنا بالفرح عندما نجد ولو بعضاً من التغيير الذي يحدثه الله ، ثم أفعال ذلك الإنسان القدير . إننا في الحياة مؤمنون جيداً بما يختاره الرب لنا في كثير من الأحيان ، فلا نعترض بطريقة سيئة ، أو منكرة إنما نفوض الأمر له ، وننتظر عند بابه الأفراح التي قد تأتي فجأة.
هنا وفي مركز جمعية الأطفال المعوقين بعسير تحديداً قدِم العديد من الأطفال الذين يتوكأون تارة ،ويستخدمون أيديهم الصغيرة لمساعدتهم على بعض خطوات بطيئة تارة أخرى .. هنا وفي هذا المكان تحديداً تتم مشاهدة أطفال لا يستطيعون الكثير مما يستطيعه الأطفال الأصحاء ، وهنا أيضاً آخرون لا يقدرون على أيّ مما سبق .
اليوم حدث في المركز احتفال بمناسبة هي في الحقيقة الأهم والأجمل على الاطلاق فقد احتقل المركز ومنسوبوه بإنجاز جديد لطفلين من أطفاله ؛ أحدهما : – مطر صقر مطر – الذي استطاع اليوم أن يهمي علينا .. لقد استطاع مطر اليوم أن ينبت في قلوبنا الفرح بخطواته بعد محاولات عديدة سابقة لم يكن يستطيع فيها تحريك أيّ من قدميه ، وهو الآن بفضل من الله ، ثم والديه والمركز أن يخطو وبشكل رائع ، وينتقل من مكان لآخر كما يشاء .. لقد كان مطر يعاني من شلل رباعي ، ولديه شد في أوتار القدمين .. كان يحبي ، وبطريقة صعبة كذلك .. لكنه بعد أن تلقى العديد من الخدمات المقدمة في المركز ، وبعد أن خضع لعملية جراحية لشد أوتار القدمين من قبل فريق طبي بقيادة – الدكتور عائض الشهراني – استشاري العظام المتعاون مع المركز ، وبعد العلاج الطبيعي المكثف له تمكن من استعادة قدرته على المشي .. هذا هو مختصر حالة مطر الطفل الجميل ذي الأربع سنوات ونصف من العمر .
كما أحتفل المركز اليوم أيضاً ب- مهند غيثان حسن – الطفل ذي الثلاث سنوات الذي التحق بالمركز وهو دون حروف أبداً .. فقد كان يعاني من تدن في مستوى القدرات العقلية لديه جراء اعاقته بالشلل الدماغي ، والصرع ، وضعف في القدرات العقلية .. لم يكن قادراً على الاستجابة حتى لأوامر بسيطة ، ولا تمييز معظم الأشياء الخاصة به كالألعاب ، أو أجزاء الجسم ، والمجسمات لكن كل ذلك الوضع قد اختلف تماماً للأفضل إذ أصبح – مهند – الآن ينطق العديد من الحروف ، وقادر على تنفيذ ثلاثة أوامر مركبة ، والتعرف على العديد من المفردات ( اثاث البيت ، الملابس ، أجزاء الجسم ، الأفعال ، الصفات الترحيب حروف الجر ) وتطور مستوى – مهند – من الكلمات البسيطة إلى الجمل المعقدة، كما تطورت قدرات الطفل الإدراكية لتصبح بحدود أربع سنوات بعد أن كانت 6 اشهر ، وتقلص التخلف العقلي لديه بمقدار سنة ونصف بعد أن كان في الماضي قد بلغ 206 . كما أصبح قادراً على بلع الأشياء الصلبة بشكل آمن على غير ما كان عليه من قبل.
كنا قد قلنا للجميع في وقت سابق عن قصة فاطمة التي استطاعت المشي بعون الله ، ثم بمساعدة هذا المركز ووالديها – بإمكانكم الاطلاع عبر صفحة الجمعية على الأنترنت على القصة كاملة – لقد كانت الصحف جميعاً محظوظة بنشر تلك القصة، وذلك المنجز الحقيقي .. ففاطمة – الجميلة موقظة حتى لأحاسيس كثير من البشر التي كانت بفعل الحياة خاملة ، وكسولة ، ومتعبة . فاطمة ليست موضوع حديثنا الرئيس ، لكن تلك الصغيرة جديرة حقاً بالاهتمام والاحترام والحب . ما اطلعتم عليه اليوم من قصة – مهند – ، و- مطر – لا يقل لدينا أهمية عن فاطمة ، وعن بقية الأطفال في المركز الذين نسعى دوماً إلى أن يكونوا بأفضل حال . إننا نفاخر بأن نغير حالة أطفالنا المعوقين إلى الأفضل ، ومع افتخارنا وزهونا بتلك القصص التي نقصصها عليكم ندرك أنها لم تكن لولا أن الله استجاب لأعمالنا المتواصلة ، ولصلواتنا الصادقة … لقد استجاب الله لنا ، وألهمنا بما يريد ونريد .. كما أن هذه القصص هي إحدى ثمار أولياء أمور الأطفال الصالحين الذين تركوا الحياة وراءهم من أجل أن ينطق طفل بحرف جديد ، أو من أجل أن يخطو طفل خطوة واحدة فقط ، أو من أجل أن يستطيع طفل معوق الجلوس بطريقة سليمة وصحيحة .. الوالدين هما ملائكة الأبناء التي توفر لهم الآمال ، والأحلام ، والأشياء السارة .. الوالدان هما القدر المشترك الذي يوليه الله عناية خاصة ، ويستجيب له قبل البقية من خلقه .. هذا ما نعتقده على الدوام .
نعدكم متى سمح الله، وامدنا بالعون والمساعدة أن تتطلعوا على المزيد من قصص النجاح والانجازات .. عليكم أن تتذكروا هذا الوعد جيداً .!!