المرأة العربية الأصيلة دورها ريادي وقيادي في امور عده؛ وتتحمل مشاق قد تفوق قدرات الرجال احياناً ، لكن حدث تغيير كبير كأحد نتائج الطفرة النفطية وتأثيراتها على الفهم غير الواقعي حتى لديننا الحنيف،فتم وضع المرأة في خانة هلامية هزيلة لاتمت للدين بصلة فنتج عن ذلك ما نلمسه حاليا من تبلد النشئ تربويا وضعفه عمليا في مواجهة تحديات الحياة. انه غلو صنعته تلك الطفرة لدى بعض الجاهلين بالشرع القويم ولم يكن موجود اطلاقا منذ فجر الاسلام . هذه المقدمة هي مدخل الى قصة حقيقية، ففي عام 2011/2012م كنا ما يقارب خمسة عشر ضابطا سعوديا بدورة الدفاع الوطني ودورة الحرب بفرع جامعة مؤتة العسكري بالأردن (كلية الدفاع الوطني الملكية الاردنية) ومعنا آخرين من الدول العربية وتايوان وباكستان ، وقد حضينا كسعوديين بإحترام وتقدير الجميع وخصوصا اشقاءنا الأرادنة وكان من ضمن الزملاء الدارسين الملتحقين بالدورة العقيد سناء السرحان (أم عبدالله) وهي متميزة في فهم مجريات المنطقة بشكل عام ومتفوقة في الدورة ،ولديها مقدرة عالية لإستيعاب وتسجيل نص المحاضرات التي تُلقى علينا شفويا وهي الغالب في نهج الآكاديمية ؛ وكانت تكن لنا كزملاء وللملكة تقديرا واحتراما علني ،وقدمت تعزية خاصة ومكتوبة لنا بوفاة الامير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله. ومع أنها في وسط رجالي خلال عام دراسي كامل وهي مدة الدورة الا انها كانت كالأخريات رمزاً للمرأة العربية الأصيلة والمسلمة الملتزمة بثوابتها. طلبت مني العقيد سناء وبإصرار قبول دعوتها لاستضافتنا بمنزلهم لتكريمنا جميعا ، وحاولت الاعتذار بإسم الزملاء السعوديين مرارا وشكرتها على ذلك لكنها اصرت وكررت الدعوة وقالت لي لا مجال للإعتذار وسيتصل ابو عبدالله بك شخصيا ثم بكل زميل لتقديم الدعوة حتى لا تقولون هذه إمرأة ومن هذه السواليف!. وافقنا تحت اصرارها القوي ورغبتها الواضحة وتلقينا اتصالات ابو عبدالله الأستاذ شادي المجالي وجئنا في الموعد المحدد يوم الجمعة بمنزلهم بإحدى رُبى عمان الغربية وهو مكان جميل يقع بسفح جبل يطل على أماكن جميلة هي الأخرى. كل ما نعرفه عن ام عبدالله هو ادبها الجم وانها من السرحان والسرحان عشائر عريقة بشمال السعودية وبالأردن وربما غيرهما، وزوجها هو الباشا شادي المجالي رئيس مركز الملك عبدالله الثاني لتصميم والتطوير ، وصلنا المكان بعد صلاة الجمعة واستقبلنا خارج المنزل الأنيق سعادة الأخ شادي وزميلتنا الفاضلة العقيد سناء ونجلهما عبدالله الذي كان يدرس حينها ببريطانيا وكان مدة مكوثنا واقفا بشوشا يخدم من قدموا؛ دلفنا الى الداخل وإذا باستقبالنا دولة رئيس الوزراء السيد عبدالسلام المجالي والد الاستاذ شادي ومعه معالي الفريق علي السرحان والد زميلتنا الفاضلة صاحبة الدعوة الكريمة وآخرين ، وحقيقة انه كان يوما مميزا بحضوره ومكانه وزمانه واحاديثه الشاملة لكل مجال ،وقد وجدنا انفسنا ضيوفا فوق العادة عند مضيفينا الأكارم، الكبار بشهامتهم واصالتهم وتواضعهم اللامتناهي، لقد بالغوا في اكرامنا واظهار المودة لنا والترحيب بنا والثناء علينا وعلى بلادنا ، وهو ما سمعناه كثيرا من الاردنيين النشاما الآخرين. العقيد سناء خلال تواجدنا بمنزلهم رحبت بنا كسيدة منزل مفتخرة بزوجها وعائلتها ، ولأنها متعلمة ومثقفة وذات تربية عربية اسلامية كانت مراعية لكل الترتيبات وهذا ليس بغريب عليها ولا على امثالها ممن تربوا على الفضائل والشهامة والعفة والقوة بذات الوقت ،وكل ذلك وجدناه في ام عبدالله. وخلال استضافتنا وجدنا تقديرا ومودة كانت رمزيتها عالية وموجهة أصلا لبلادنا وقادتها وشعبها .لن ننسى هذه الأخت العربية الأصيلة التي ذكرنا كرمها وشهامتها بحقيقة وتاريخ المرأة العربية الفاعلة شقيقة الرجال التي نهضت بأدوار كبيرة لمجتمعها ووطنها وصعنت جيلا ناجحا منذ صغره.؛ وكم من النساء حاليا تعلمن من التحول للمدنية الشيء القليل فتنكرن لكل شيء اصيل واصبحن بلا وجود حقيقي والنتائج كما في المقدمة نراها بألم في الفشل لإعداد رجال اقوياء للمستقبل مع ان شبابنا الحالي فخر لنا لكن طموحنا اوسع واعلى .
كم في تاريخنا من نساء رائدات تجاهلنا حتى ذكر مآثرهن لأولادنا وبناتنا؟ ، وهل المدنية الزائفة تعني الذوبان والضياع وتجاهل اسباب القوة ؟. الأم مدرسة وليست مضيعة. والمرأة القوية تنتج أقوياء والقوة لها اسباب. وكم من النساء لا يعرفن ان المبادئ والشيم العربية والمهابة وقوة الشخصية حق مشاع للجميع وليست للرجال فقط.
شكرا للعميد سناء السرحان وتحية صادقة لزوجها الشهم شادي المجالي وعائلتهما. وشكرا لمن استضافنا من اشقاءنا الزملاء الكرماء بالأردن وكلهم فعلوا ولكن لسرد القصة أهداف ورسائل للبنات والأمهات بل وللرجال . تقبل الله صيامكم.
اللواء طيار ركن (م) عبدالله غانم القحطاني
(حديث السحر) بضيافة العقيد سناء
22/06/2016 4:36 ص
5
55104
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6280629.htm
التعليقات 5
5 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
محمد الجـــــــابري
22/06/2016 في 5:14 ص[3] رابط التعليق
قصة وذكريات حقا جميلة والأجمل بروز شخصك الكريم في ألمضافة….والنعم بسنا واهلها وعشيرتها وبما ان “حديث السحر” اصبح محبب لانفسنا في هذا الشهر الفضيل فقد أحسنت حين بينت جوانب مما تستطيع المرأه القيام به دون انتقاص شيئا من كرامتها كحال مضيفتكم الاصيلة…والشي بالشي يذكر ان احدى الفاضلات رحمها الله من وادي طريب سبقت زمانها واعدت وربت وتابعت وتحملت وقاست ظروف الحياة ما قبل الطفرة وكانا ولديها من اوائل الحاصلين على اعلى الشهادات العلميه من ابناء المملكة من ارقى الجامعات العالميه .. رحمها الله
اشكرك اخي ابا منصور ولا تحرمنا مم هو مستور في ارشيفك العامر بالدرر والمواقف المشرفة لابن طريب البار..
تحياتي
(0)
(0)
العقد الفريد
22/06/2016 في 6:27 ص[3] رابط التعليق
ماأجمل أن نعطي كل ذي حق حقه ، بالفعل أصبت يا أبا منصور وموضوعك بالنسبة لي شخصيا لامس الكثير
وقليل أوقله من يعرفون ماذكرته عن المرأة ودورها وقليل ممن ينسبون جُلّ الافعال والاقوال للذكور لاننا مجتمع تشبعنا بتلك الثقافة ولو انصفنا القول فإن المرأة تضاهي الرجل في الكثير
ويكفي أن شخص مثلك يعلم ويعي ويعترف بذلك
لك تحية إجلال وتقدير دمت سالماً وللحقيقة كاتباً
(0)
(0)
محمد الاحمري
23/06/2016 في 1:39 ص[3] رابط التعليق
جميلة الذكريات بعد التقاعد …
1. لا احد ينكر دور المرأة او ينقصها حقها التي خلقها الله من اجله وضمن لها حقوقها في الكتاب والسنة الا الجاهلين بدورها الحقيقي…وقد شاركت النساء بمساهمات عديدة وجليلة منذ امنا حواء…
2. لكن في عصرنا الحاضر هناك من يريد شرا بمشاركة المرأة في الحياة المعاصرة …ويدعون بمظلوميتها…وانها لا بد ان تخرج عن المألوف من اجل هذه الحقوق الزائفة.
3. لقد قال الامير نايف يرحمه الله كلمة حق حيث قال : ان من يطالب بحرية المرأة في السعودية هو فقط يريد حرية الوصول لها.
4. اللهم احفظ نساءنا مكرمات عفيفات مشاركات لنا في امور الخير.
(0)
(0)
السقف البعيد
23/06/2016 في 3:50 ص[3] رابط التعليق
تشكر أبا منصور ولكننا نطمع في الجديد!!!!
(0)
(0)
عبدالله بن سعيد القحطاني
25/06/2016 في 4:09 ص[3] رابط التعليق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياة صادقه من القلب الى القلب شكرًا سعادة اللواء عبدالله القحطاني على ماقدمه من اسراده للقصه والمده التي قضها في ذلك الوقت وقد اعطاء كل ذي حق حقه فالمراء هياء شريك الرجل ومكمله له في جميع نواحي الحياة وان حديث السحر صار شوق كبير بالنسبة لنا فمن علمك نستفيد ونتطلع للجديد. حفظكم الله
(0)
(0)