يخطئ من يظن أن عاصفة الحزم الكبرى في اليمن مجرد حملة عسكرية قامت لتعالج حالة طارئة بعينها وتنتهي عند هذا الحد، بينما هي في الواقع ابعد من ذلك بكثير فقد كان توقيتها بداية لمنعطف تاريخي غير معهود استخدمت فيه القوة العسكرية السعودية والعربية لتحقيق هدف سياسي استراتيجي يتمثل في اعادة الحكومة اليمنية الشرعية وطرد الحرس الثوري الايراني من بناء دويلة خمينية عنصرية في منطقة صعدة اليمنية.
وبالعودة الى العنوان فإن مقارنة سريعة بين تطبيق مبدأ مؤثر من مبادئ الحرب وهو توقيت المفاجأة، وكيف استخدمته القيادتان السعودية في اليمن والتركية في سوريا لتحقيق اهداف تكاد تكون متشابهة حيث ان عمليات درع الفرات التركية الحالية داخل الاراضي السورية هدفها منع الاكراد من السيطرة على مناطق غرب نهر الفرات ومنع ربطها بمناطق اخرى شرقه وجنوبه مما يهيئ لقيام كيان كردي جديد يرتبط بمناطق كردية اخرى داخل تركيا نفسها وخارجها وهو مايعتبره الاتراك خطر على وحدتهم وأمنهم الوطني ،هنا نجد ان دخول القوات التركية الى الاراضي السورية جاء متأخرا لمدة خمس سنوات! ولو قُدر لها الدخول مبكرا لربما كانت الخارطة السورية بأكملها ليست كما نراها الآن ولكان ملايين اللاجئين السوريين على الاقل نازحين في مناطق آمنة بداخل بلادهم بدلا من تهجيرهم وتفريغ سوريا من مكونها العربي السني الذي يشكل الأغلبية، ناهيك عن حمايتهم من ابتلاع البحار لهم أو قتلهم في مدنهم بنيران قوات بشار والروس والايرانيين. أما عنصر المفاجأة في عمليات درع الفرات فلم يكن موجودا لكنها كشفت غدر الامريكان بحلفاءهم الاكراد الذين دعموهم لقتال داعش وفي لحظة تخلوا عنهم! وقد يكون ذلك مفهوماً ضمن استرضاء تركيا بعد ماقيل عن تواطئ امريكي ذا صلة بالانقلاب الفاشل ضد الرئيس التركي.
لا شك ان عاصفة الحزم العربية بقيادة المملكة العربية السعودية استخدمت توقيتا بالغ الدقة والخطورة والحسم فحقق بدوره المفاجأة الصادمة والمحبطة للحرس الثوري الايراني وللقيادة الايرانية التوسعية وأذلت عملاءهم من الحوثيين وعلي صالح. ولو تأخرت عاصفة الحزم عن ساعة الصفر التي بدأت فيها لكان وضع اليمن اليوم مطابقا للوضع السوري ولكان الحرس الثوري وحزب حسن نصرالله والروس والمرتزقة من الباكستان وافغانستان وغيرهم يذبحون الشعب اليمني بناءً على المذهب الديني، ويدفعون بالملايين منهم نحو حدود المملكة، ولغيروا الخارطة الديمغرافية في اليمن بأكمله ولأصبحنا نفاوض موسكو وطهران على إدخال المساعدات لليمنيين وعدم اقتراب الطائرات الروسية والحرس الثوري الايراني وعناصر حزب المجرم حسن نصرالله من حدودنا!. وهنا تتضح النتائج عند المقارنة بين توقيت بدأ عمليات المعركتين عاصفة الحزم ودرع الفرات على الرغم من فوارق كيفية استخدام القوات وحجمها، ومع اعتزازنا بحلفاءنا الاتراك فإن توقيت تدخلهم عمليا بقوات برية وجوية بشمال سوريا لحماية امنهم الوطني تأخر طويلا جدا فدفعوا اثمانا باهضة سياسية واقتصادية ومعنوية وأمنية ومع ذلك فلن يمنع التدخل المتأخر اعداء تركيا من فرض ارادتهم على الساحة السورية المجاورة لهم والتي ستؤثر على تركيا.
في اليمن استجبنا لإستغاثة الأشقاء في الوقت الحاسم وفرضنا ارادة العدل بعاصفة الحزم ومنعنا دجالي طهران من السيطرة على جنوب الجزيرة العربية ،أما في سوريا فقد أحجم الاشقاء الاتراك عن التدخل مبكرا فتغلغل السرطان الخميني والدب الروسي بمباركة امريكية غادرة فحلت الكارثة بالشام وطرد العرب السنة من مدنهم وقراهم فتغيرت سوريا الى الأبد والله اعلم، وهذا المخطط كان مقررا له ان يُطبق في اليمن بأيدي نفس الأطراف التي تمزق سوريا حاليا، لكن هل كان هذا هو الهدف النهائي؟ كلاَ بل كل ذلك المخطط الخبيث يراد منه الوصول الى الهدف الأكبر لهم وهي المملكة لكن الله سبحانه خيب امالهم، فهبت عاصفة الحزم المباركة فأحبطتهم وأفشلت مخططهم وانتزعت منهم زمام المبادرة بفضل الله ثم بشجاعة القائد الهُمام الملك سلمان نصره الله.
لنتذكر جميعا ان عاصفة الحزم تحول استراتيجي جعل من المملكة عنصر ردع قوي سينشأ في ظله تحول داخلي اقتصادي كبير واداري متطور وعلمي متدرج، وملامح ذلك يراها من يقارن ماقبل بداية العاصفة بما يجري الآن من تحديثات هائلة.
على كل سعودي وسعودية العمل بقوة واستماتة للنهوض بالوطن والثقة بالله تعالى أولا ثم بالقيادة الوطنية الشجاعة، فالعمل المتواصل بروح وطنية هو اساس النجاح وليس التفرجة والانتقاد من على ارائك المقاهي ونوافذ وسائل التواصل الاجتماعي.
06/09/2016 9:16 ص
عاصفة الحزم ودرع الفرات! أين بادر السعوديين وتباطأ الاتراك؟
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/6293944.htm
التعليقات 3
3 pings
محمد الجـــــــابري
06/09/2016 في 12:53 م[3] رابط التعليق
مقال مفصل لسناريو خطط ملالي قم الانجاس قبل العاصفه وما انجزه اخو نوره الان..
الا ان الساحل السوري له سناريو خاص وله اكثر من مريد وطامع ..ف الاتراك يهمهم حماية حدهم الجنوبي ووقف تدفق اللاجئين السوريين لاراضيهم ومنع حزب البي كا كي الكردي من اقامة كيان كردي في خاصرة تركيا الجنوبيه……….. وملالي الفرس المجوس يريدون ربط الساحل السوري بالعراق المحتل وكيانهم في فارس الشر واطلالهم على المتوسط ..والاكراد يريدون الهيمنه على الشمال السوري واقامة دولتهم الكرديه الكبرى الممتدة من ايران الى المتوسط …….والروس لهم قواعد في اللاذقيه وطرطوس وغالبية اراضي الساحل ولم يبقى للروس موطيء قدم عدا سوريا وكون روسيا لها سابقة بابتلاع شبه جزيرة القرم الاوكرانيه وعجز الغرب بارغامها على الانسحاب منها مم شجعها بالامعان في تدمير المدن السوريه وتشريد سكانها من خلال استخدام الامعة النصيري “جحش الشام” ………………………..واخيرا خيار النصيريه والملالي في اقامة “دويلة سوريا المفيدة” بالساحل وربطها باذناب المجوس يضاحية بيروت الجنوبيه لتكتمل صورة الكيان الصفوي لاتباع ولي السفيه امثال اللقيط حسن زميره .. ..
لله درك يا معتصم سلمان ولله در رجالك الابطال ورحم الله شهدائنا واشفى جرحانا وحمى بلادنا وشعبنا البطل…
استدامة مقالاتك ترفع من معنويات الجميع … بارك الله فيك ابا منصور
تحياااتي
(0)
(0)
محمد الاحمري
06/09/2016 في 12:57 م[3] رابط التعليق
اللهم احفظ لهذه البلاد امنها واستقرارها …واحفظ اللهم لنا القيادة الحكيمة والشعب الوفي.
لقد اظهر اﻷعداء جميعهم قبح مخططاتهم للنيل من اﻹسلام ووحدة المسلمين …ولا شك ان هناك من ينسبون انفسهم لﻹساتم وهم الد اعدائه.
(0)
(0)
حسن الشهري
06/09/2016 في 5:41 م[3] رابط التعليق
اقتبس منك هذا المقطع وهو يكفي كل عاقل يهمه وحدة الوطن ( على كل سعودي وسعودية العمل بقوة واستماتة للنهوض بالوطن والثقة بالله تعالى أولا ثم بالقيادة الوطنية الشجاعة، فالعمل المتواصل بروح وطنية هو اساس النجاح وليس التفرجة والانتقاد من على ارائك المقاهي ونوافذ وسائل التواصل الاجتماعي ).
(0)
(0)