الافكار والتجارب والخبرات والمبادئ هي حصيلة مسيرة حياتنا التي نحتفظ بها في الذاكرة (داخل الصندوق) ونلجأ اليها حين نبحث عن الحلول لأي مشكلة، وبالتالي نحن نلزم انفسنا بالعودة الى هذا الصندوق لنجرب كل ما بداخله لمواجهة تلك المشاكل والمخاطر مهما كان مستواها، وهذا هو مفهوم التفكير داخل الصندوق!. وحينما انهزم الامريكان في فيتنام فإن ذلك لم يحدث بسبب فشل القادة العسكريين أو نتيجة لضعف التسليح والإستخبارات! بل لأن التفكير في واشنطن حينها كان يعتمد فقط على ما بداخل الصندوق وفي مقدمتها عدم قول الحقيقة لمتخذي القرار في حينه! حتى وقع الفأس بالرأس وحصلت الهزيمة وسُحبت القوات وتُجُرعت الهزيمة. ولا أدعي انني بمستوى مُفكر ولا حتى خبير باي شأن غير ما تعلمته في مهنتي السابقة والفضل يعود بعد الله لمؤسسة القوات الجوية العملاقة،وحين اطرح كغيري أي فكرة مغايرة (من خارج الصندوق) فلأننا جربنا كل ما بداخله تجاه الكثير من القضايا ولم نتوصل للحلول المنشودة وهذا طبيعي، ولنأخذ قضية اليمن كمثال فمنذ استقلاله وحتى الآن ونحن لم نترك أي شيء لم نستخرجه من الصندوق القديم ونجربه ونكرره أملاً في إيجاد الحلول الناجعة، لكن تدريجيا تم اختطاف اليمن وتغيير دين شماله وتغول الحرس الثوري الايراني بصنعاء وصعدة، وكانت الأسلحة تتدفق وتُخزن بالعاصمة وضواحيها وبالقرب من حدونا ونحن لا نزال حينها نفتش عن الحلول بنفس الصندوق! والأمر يتكرر في قضايا محلية أخرى مختلفة، فكم حاولنا تأهيل موظفي البلديات ليصبحوا عوامل رئيسة في البناء والتنمية وايجاد مشاريع خَدَمية قادرة على الصمود بشوارعنا ولو لمدة عشر سنوات فقط بلا جراحات كُبرى أو تغيير كلي لما تم تنفيذه، ومع ذلك لم ننجح بمستوىً يقترب على الأقل من محاكاة موظفي بلديات اسرائيل! ولا نزال نبحث عن الحل بداخل الصندوق، ولن نجده برأيي!.
هل كان قرار عاصفة الحزم وتوقيتها وإنشاء تحالف عربي مأخوذة من داخل الصندوق؟ وهل كان التحالف العسكري الاسلامي لمحاربة الارهاب كذلك؟. هل جاءت فكرة برنامج التحول 2020، ومشروع الرؤية 2030 من نفس الصندوق أم من خارجه بناء على العبر والدروس المؤلمة التي بداخل ذلك الصندوق؟ بغض النظر عن رأي الناس حيالهما.
هل مشاكل اليمن المزمنة ومعاناتنا الدائمة بسببها يمكن حلها بأساليب جربناها وحفظناها وكررناها؟ وكلها بالطبع موجودة بالصندوق..لا أظن ذلك .. وليس أمامنا إلا البحث عن حلول جريئة من خارج الصندوق. وكما كانت عاصفة الحزم قرار شجاع وتاريخي وجريء كنتيجة لتفكير مُتقدم يخالف نمط تفكيرنا السابق، فإن الحل الدائم باليمن لصالح أمننا الوطني يحتاج بالضرورة لتفكير إبداعي من خارج الصندوق. والمُجرب لا يُجرب. وإذا كان ما بداخل الصندوق لم يمنع وصول السلاح الإيراني والطائرات بدون طيار الى الحوثيين ونحن لا نزال في أتون العاصفة.. فكيف سيكون الوضع بعدها وماذا سينقل اولئك الارهابيين عبر الجو والبحر والبر بعد ذلك؟ إذاً نحن نحتاج لمواجهة ارهاب ايران ومشاريعها باليمن الى حلول جريئة أخرى إبداعية غير مُجربة لكن مدروسة بعمق ومن خلال ذوي اختصاص، والحكمة ضالة المؤمن انى وجدها أخذها.. واذا لم نجد ضمن خبراتنا السابقة ما يحل مشاكلنا فعلينا التفكير بشكل مختلف وجديد لإحباط مخططات العدو والتغلب على تفكيره الإرهابي غير التقليدي ومن ثم فرض الحل المرغوب به. لكن ذلك يتطلب أولاً أن نقتنع بأن العدو يفكر بطُرق غير تقليدية.
01/03/2017 7:44 ص
التفكير خارج الصندوق
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/6330507.htm
التعليقات 3
3 pings
محمد الجـــــــابري
01/03/2017 في 8:55 ص[3] رابط التعليق
افكارنا القديمه كانت صحيحه فيما مضى ..اما الان فاننا بحاجة الى افكار جامعاتنا وبحوثها لنثري” الصندوق” بما يلائم المرحله.. تنوع الاساليب في مقارعة الاعداء اساس النجاح من الجميع ولو ان رجال الاعمال والشركات الوطنيه الكبيره مقصره في الدعم اللوجستي الا ان الامل معقود على الله ثم بتظافر الجهود من الجميع لايجاد سبل مبتكره .. تحياتي
(0)
(0)
محمد الاحمري
04/03/2017 في 1:59 ص[3] رابط التعليق
1.افكار كثير من المؤسسات صدت داخل الصندوق ، والبعض لا يزال يستعمل الصنفرة لتنظيف الافكار والأساليب القديمة ليستعملها.وقد تنفع احيانا.
2. هناك قصور في بناء استراتيجية واضحة المعالم بعيدة الاهداف…تحدث من فترة الى فترة حسب تغير المناخ والاحوال.ولتكون منار سبيل للمسؤلين ليواصلوا المسيرة.لكن للأسف بعض المسؤلين كل شغله تكتيكي حسب مدة بقائه في المنصب ( يمكن داخل الصندوق).
3. اما التفكير في المشاريع والبنية التحتية ذات الجودة والديمومة فيبدوا انها ليست في الصندوق اساسا.والدليل مشاريع الطرق السيئة وعدم تصريف المياه.. وعشوائية التخطيط العمراني.
(0)
(0)
عبد الله ال سعيد
06/03/2017 في 1:34 م[3] رابط التعليق
قبل ان تتحرك القافله في الصحراء لا بد ان يسبقها فريق من المهندسين والبنائيين لتمهيد الطريق والا غاصت المعدات في الرمال في اول امتار من الرحله. لابد من فرش الارضيه اليمنيه بجيش غير معلن من رجال الاستخبارات والجواسيس لعده سنوات حتى يهيئووا الارضيه ويوفروا المعلومات الدقيقه ويحشدوا الحلفاء ويملكوا القلوب قبل العقول بالاضافه الي تحسين الخدمات الانسانيه مهما كانت مكلفه فهذا مهم لكسب عقول وقلوب الملايين هناك. لكل قفل مفتاح فابحث عن المفتاح الصحيح. هذا وغيره هو جزء من استراتيجيه وخطه بعيده المدى … فهل نحن امه تؤمن وتعمل بأستراتيجيه ام العشوائييه والارتجاليه هي السائده ؟ يجب ان نسأل انفسنا هذا السؤال بصدق وبعد ذلك نقرر ماذا نريد ان نكون ؟
(0)
(0)