لاشك ان القصاص رحمة من الله بعبادة، لأنه حياة البشر واستقرار لمعيشتهم وحفظ لأموالهم وأعراضهم وأديانهم وأنفسهم، لذلك لا غرابة ان تجد السعودية هي الدولة الأقل جرائم قتل في العالم بسبب القصاص التي قال الله فيه:
(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)
وفِي الوقت نفسه أباح الله لنا العتق بل وجعل الأجر العظيم المُترتب للعافي لوجه الله وهذا من حكمته سبحانه ومن صحة ديننا السماوي الذي ( لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42) .
فمن طالب بالقصاص فهو حق شرعي، ومن عفى لوجه الله فهو يطمع بالأجر السماوي، وكلاهما لم يُخالفان الكتاب والسنة .
لن أطيل في ذلك فهذا تشريع واضح وبين ولكن سأتطرق لسماسرة الرقاب ومصاصي الدماء !!
اللذين تجدهم يسألون ويتابعون ويتصيدون الأخبار في مراكز الشُرط والمحاكم وفِي المجالس العامة علَّهم ان يسمعوا قصة قتل !! بل منهم من يدفع مبالغ ماليه لأُناس ضعيفي الأنفس ليبحثوا لهم عن قضايا الدم، فما ان يسمعوا بقضية قتل إلا ويطيروا بها فرحاً ويتراقصوا لها طرباً !!
فتجد هؤلاء السماسرة ينقضَّون عليها، ويدخلون بإسم أصناف ثلاثة فمنهم من يدخل بإسم الدّين وانه الرجل الصالح المُصلح وهذا (تاجر دين) !!
ومنهم من يدخل التنظيم واللجان وانه هو المحلل الاقتصادي والامين المالي وهذا (تاجر تنظيمي) ونوع ثالث يدخل بمعارفة وقربته لكبار القوم وهذا يدخل بإسم (تاجر شيوخ) ، وجميع هذه الأصناف الثلاثة هدفهم الوحيد كيف يزيدوا ارصدتهم الخاصة ؟!
وبسببهم وصلت الديات من مليونين ريال قبل سنوات قريبة إلى 70 مليون في وقتنا الحالي!! وستستمر لتتجاوز 100 مليون إن لم يُتصدى لهم، ولا اعلم هل هذا الإرتفاع لتعويض الأزمة الإقتصادية ام لمجارات الأسواق العالمية ؟!
ولمحاربة منزوعي الأمانة هؤلاء لابد من تعاون الجميع في عدة الأمور منها :
- توعية الشباب بخطورة جريمة القتل .
- تثقيف المجتمع بلين الجانب وبث المفهوم الحقيقي للعفو والصفح .
- عدم السماح للسماسرة ومصاصي الدماء بالدخول مهما تضاهروا بالخير .
- جعل حد للديات عن طريق شيوخ القبائل وعُمد العوائل وذلك بالمرافعة لولاة الأمر بإيقاف هذه المهازل .
وفق الله الجميع لكل خير وجنبنا واياكم الفتن ماظهر منها ومابطن .
كتبه : سعود الغليسي
Saud.alqlise@hotmail.com
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
مشعل الرضيمان
12/06/2018 في 12:55 م[3] رابط التعليق
مقال مميز وطرح جميل كعادتك اخي سعود ..
يجب تسليط الضوء على هذا الموضوع والذي اصبح بما يشبه المافيا
والحل برأيي ايعاز حكومتنا حفظها الله لمن يسمون أنفسهم شيوخ قبائل
بعد وضع آلية وتحديد سقف معين في حال عدم العفو.
تقبل مروري
(0)
(0)
أ. كامل الغليسي
12/06/2018 في 4:19 م[3] رابط التعليق
شاكرا لكم تسليط الضؤ على هذا الموضوع – املا في تحرك اجتماعي يقلل من هذه الطلبات الغير منطقيه
(0)
(0)
ممدوح الشمري
12/06/2018 في 7:43 م[3] رابط التعليق
شكراً أخي سعود على مقالك الجميل وأقول انه يوجد الكثير من محبي الخير والساعين فيه من بين شيوخ القبائل وأعيان المجتمع ولكن الديات صارت فيها مزايدات من قبل أولياء الدم لكن يجب توعية المجتمع بمصارف أخرى للأموال كبناء المستشفيات والجامعات والإسكان . فسبعين مليون ريال بدل أن تنقذ شخص واحد فبالإمكان بناء مستشفيين ينقذان الاف المرضى بعد الله او بناء جامعه او مئآت المساكن للأسر المحتاجه
وبرأيي يجب عقد دورات لشيوخ القبائل ليكونوا أكثر وعياً وفاعلية في المجتمع وتوجيه افراد قبيلته لكل مامن شأنه نفع القبيله والمجتمع والوطن
(0)
(0)
صالح
12/06/2018 في 7:51 م[3] رابط التعليق
شكرا من القلب مقال أكثر من رائع
(0)
(0)
سعد الحطّاب
12/06/2018 في 10:23 م[3] رابط التعليق
أخي الحبيب سعود أعتدنا منك هذا الإبداع
شرح وتحليل تفصيلي من حيث المبدأ أروع من رائع شكرا لك.
أحب أن أقول لك أن الحل لهذه المهزلة المزمنة في يد أصحاب السلطة القانونية فيجب أن يتدخلوا للحد من هذه البلوى !!
(0)
(0)
بندر الحامد
12/06/2018 في 11:23 م[3] رابط التعليق
الموضوع مهم والكاتب ملهم ويلامس مشاكل المجتمع كالعادة وتشعر بقربه من قلبك وتفكيرك وهمومك ، وبالفعل مثل ماتفضلت ياأستاذنا المسألة بحاجة ماسة لتدخل سريع من أصحاب الشأن والسلطة لتقنين هذا الأمر وتحديد سقف الديات حتى لايصبح تجارة بالدم نسأل الله العافية، ومع انك قد أصبت كبد الحقيقة في تصنيف بعض الفئات التي تتواجد في كل قضية فهناك ايضاً من يعمل لوجه الله ويدفعه لذلك الحماسة والنخوة ويبذل مجهوداً لايريد منه الا الأجر والمثوبة من الله، لكن يجب قطع الطريق على الفئات المتاجرة بالدم من قبل الجميع سواء شيوخ القبائل او ولاة الأمر حفظهم الله
(0)
(0)
موسى العنزي
13/06/2018 في 12:43 ص[3] رابط التعليق
كلام جميييل اخي سعود صارت الناس اللي ما تخاف الله تتاجر بدماء الناس وهناك ثلاث حالات عفو عن قتله وخرجوا وقتلوا مره اخرى وبعض القتلة ما يستحق ان يطلب اعفائه من القصاص ممن تأصل الشر في نفوسهم واتخذوا الاجرام سبيلا لهم وبعضهم صالوا على انفس الناس او اعراضهم وقتلوا فهولاء السيف اولى بهم اما من قاتل دون نفسه او دون عرضه او دون ماله فهذا يستحق ان يشفع له وان يفداء اما هو يهجم على الناس ويقتل بطريقة همجية واحيان لشيء تافه ثم يأتوا مصاصي الدماء يشفعون به ليحصلوا على مبالغ طائله ولا حول ولا قوة الا بالله يا ناس خلو احكام الشريعه تطبق بالمجرمين
(0)
(0)
ابو نواف ال خاطر
13/06/2018 في 2:33 م[3] رابط التعليق
نسال الله العفو والعافية من كل مكروه
والحل بكل بساطه باذن الله ( تدخل من ولاة امرنا حفظهم الله لوضع حد لمثل هذا فإما الشي المعقول و اما شرع الله مع مراعاة حالة القتل واسبابها وماذا كانت عنه )
شكراً استاذنا الفاضل وكل عام وانت بخير ?✋?
(0)
(0)
ابو نواف ال خاطر
14/06/2018 في 2:59 م[3] رابط التعليق
لابد من تدخل حكومتنا الرشيده حفظها الله في هذا
ووضع حد لتلك المبالغ الكبيرة جداً –
فإما القبول بالحد المعقول او تنفيذ شرع الله على حسب القضيه واسبابها ومسبباتها –
أجارنا الله والمسلمين من كل مكروه
شكراً استاذنا الفاضل وفقك الله
(0)
(0)