تعودنا كسعوديين ان لا ننازع أو نجادل أي أخٍ عربي مكانته التي يختارها لنفسه ونسبه وتاريخه وانجازاته، ولن نفعل ذلك ابداً فثقتنا بأنفسنا وبأصالتنا ومآثرنا العربية الإسلامية الأصيلة هي مصدر الهامنا على ارض السعودية، وتلك الأصالة هي إشعاع لكل الدنيا وسيبقى كذلك بمشيئة الله. والركام وخلاله الودق يسوقهما الله بمشيئته فتجري على الأرض اوديتها بالعطاء المنهمر من ذلك الركام وتفاعلاته وليس العكس، وهكذا هو انسان هذه الأرض حين يجود حتى بنفسه على اطرافه العربية وغيرها في الدنيا عبر تاريخه الطويل ويكفينا فخراً أن سيد الثقلين خرج من بطاحنا.
وحين يضحي الإنسان بحياته لإنقاذ غيره فهذا منتهى الصدق والفداء، وقد فعل ذلك الشهيدين بإذن الله تعالى الطالب ذيب اليامي والطالب جاسر اليامي في الولايات المتحدة الاميريكة خلال محاولتهما انقاذ حياة طفلين وهما يغرقان بنهرٍ بولاية ماساتشوستس. فرحم الله شهيدي السعودية والإنسانية ذيب وجاسر، والعزاء لملك البلاد وخادم مقدساتها وحامل الرآية سلمان بن عبدالعزيز ولولي عهده الأمين محمد بن سلمان، ولذوي الشهيدين وأقاربهما ولكافة قبيلة يام العربية السعودية العريقة ذات النخوة والوطنية والتضحية والكرم والإباء ومثلهم جميع سكان السعودية العظيمة.
وكم أحزننا فراقكما بالموت ايها البطلين الشجاعين وأنتما في غربة عن الوطن والأهل فالحمدلله الذي اراد لنا ذلك. وسيبقى عزاءنا أن ذئب وجاسر اشعلا في مجدنا السعودي قنديلاً لن ينطفىء ما بقي الوطن وشعبه، فلكما الخلود ولمثلكما تقف الجماهير تحية وتقدير.
وأما بعد، فأليس من واجبنا كسعوديين أن نقول لصغارنا كل يوم أنتم هنا على هذه الأرض يجب أن تفخروا بوطنكم وترابه، وعليكم التشرف بتقديم التضحيات كما ضحى اسلافكم من أجل بلادكم وحياة الآخرين وهكذا فعل اجداداكم خلال نشر الاسلام وتعاليمه وما يحمله من الحضارة الإيمانية؟، ألا يجب أن نقول لصغارنا أنتم أحفاد رجال غزوة بدر وأحفاد غزوة تبوك وهنا على جبل أحد وقف اجدادكم، وأنتم أحفاد موحد شبه الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز الفيصل صاحب أهم وأكبر وحدة عربية وحيدة وناجحة على إمتداد تاريخ العرب؟ اليس في تأصيل تضحياتنا الوطنية الغابرة والقائمة اشعار لهم بأنهم احفاد الشرفاء العرب حتى قبل نشر الاسلام كما في المعركة الخالدة والفاصلة التي هلل لنصرها المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وهي يوم ذي قار الخالدة التي وقف بها دفاعاً عن الأرض والعرض حلف بنو شيبان من بكر بن وائل (الروله حالياً)؟.
لكن كم لدينا غير ذلك من المآثر العظمى والتضحيات والشهامة خلال وبعد توحيد بلادنا السعودية التي غاب كثير منها عن وعي النشىء السعودي الصاعد، تلك المواقف النقية التي تبين انهم هم العرب وأصل العرب وستظل دولتهم العربية السعودية هي من يحمل رآية الإسلام وهي معقل الأصالة والشهامة العربية بناءً على ذلك المجد والتضحيات. لماذا لا نلهم اجيالنا بعظمة تاريخهم وأرضهم السعودية وما انتجته عبر التاريخ، وما صنعته سواعد اباءهم قديماً منذ ماقبل الإسلام وصولاً الى بناء ثلاث دول سعودية بدأت قبل اكثر من ثلاثمائة عام ونحن في مجدها الثالث؟ متى نعي أن مقررات المدارس لا تكفي بل هي مملة لهم ومُنفره!.
ختاماً ومرة أخرى رحم الله الطالبين السعوديين “اليامي” المبتعثين فقد ضحيا بحياتهما بشرف وهما يحملان مبادئنا الوطنية السعودية الخالدة التي دفعتهما لإنقاذ طفلين لا تربطهما أي علاقة بهما عدا الانسانية والقِيم السعودية وشمائلها الاسلامية.
وقد أحسن صنعاً ومشكوراً معهد “سي. إل. إل. سي” الكندي حين وضع إسم”يامي” YAMI
على إحدى قاعاته الدراسية تخليداً لهذه التضحية الانسانية السعودية كما ذكرت مصادر إعلامية.
وأتمنى أن نصنع من هذا الحدث المهم رمزاً خالداً في مسار علاقات بلادنا بالولايات المتحدة والعالم أجمع فنجعل من هذه التضحية مرتكزاً معنوياً ومفهوماً دائماً في مسار العلاقات السعودية الاميريكية. فهل يمكن أن نضع تمثالاً “للذئب والجاسر” بداخل الحي الدبلوماسي بالرياض بالقرب من السفارة الأمريكية ومثله في محيط سفارتنا بواشنطن ليبقى ذلك شاهداً على حضارة القيم والتضحيات والمآثر الإنسانية السعودية العالمية؟. حفظ الله المبتعثين خارج البلاد وعين الله ترعاهم.