قضى سراج العمري 36 عاماً في تدريب وتعليم الخط العربي ليشارك في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية 33 عبر جناح منطقة عسير .
ويعتبر العمري أحد تلامذة خطاط كسوة الكعبة المشرفة ناصر الميمون وأخذ عن عمالقة الخط العربي ومنهم طه عثمان خطاط المصحف الشريف والعرافي خطاط الحرم المكي وشفيق خطاط المسجد النبوي ويمتلك ترسانة ضخمة من المعلومات التي يقوم بشرحها للزوار بصورة مبسطة موجزة خلاصة خبرته التي جمع من خلالها الكتابة والثراء المعرفي وخبرة أكثر من ربع قرن مضت من عمره برفقة القلم والورقة لتُشكّل هرماً مميزاً وسراجاً يضيء طريق تلاميذه لإجادة الخط العربي ويشاركنا بعض تفاصيله في هذا التقرير .
بداية ومراحل
تعلم أهل مكة في الجاهلية الكتابة من أحد القادمين من العراق وبرز هذا التعلّم في المعلقات التي علّقت على الكعبة آنذاك إلا أن القرآن الكريم كان البداية الحقيقية للكتابة والتدوين وانتشرت لتمتد إلى كتابة السنة النبوية وجمع الأحاديث عن الرواة واستمر ذلك حتى الدولة العباسية التي يعتبر عهدها هو انطلاقة الخط العربي وتحديداً في عهد الخليفة المأمون وهارون الرشيد الذين ترجما الكتب الفارسية إلى اللغة العربية وكانت تحتاج تلك الترجمات إلى عدد كبير من الكتب لحفظها وكتابتها فقاموا بوضع مكافآت لصاحب أجمل خط وذلك لجذب الخطاطين للمشاركة .
وفي أيام الدولة العثمانية استدعى الخليفة العثماني محمد الفاتح أحد رجاله ويدعى إبراهيم منيف والذي كان يبرع في خط الرقعة وطلب منه كتابة لا يمكن قرائته سوى بعض الولاة خوفاً من قطاع الطرق الذين كانوا يعرفون ما يتم ذكره في المخاطبات السرية لكل والي ، فكان منيف هو أول من كتب بالخط الديواني والذي استمر مشفّراً لمدة 300 عام حتى تمكن أرسلان باشا من قراءة هذا الخط ونشره في مصر بعد هروبه من تركيا .
زوايا ونقاط
للخط العربي إرث موجز ومبسّط من القواعد المحددة التي يتم تعليمها وتنفيذها لُيصبح الخط مُجازاً وأهم هذه القواعد هي الزوايا ويكتب من خلالها خط الرقعة على زوايا المنقلة بـ 50 درجة فيما أن الثُلُث بين 60-70 والنسخ بين 70-80 والديواني 90 درجة .
اما النقاط فلكل حرف توزيع من النقاط التي يتم رسم الحرف بشكله الصحيح وهي 3 نقاط متعامدة فوق بعضها لخط الرقعة والنسخ بـ 5 نقاط والديواني بـ 6 والثلُث بـ 8 نقاط .
حبر وورق
يُفضّل سراج العمل بأدواته الخاصة والتي تمتاز بكونها عربية من أقلام وأحبار وأوراق ويقوم بتصنيع حبره العربي الخاص حيث أنه الأفضل والأجمل حين استخدام قلم البوص .
وعن طريقة تصنيع الحبر العربي تحدّث بأن تصنيعه بذات سهولة الخط ويحتاج فقط حجر القرمز الذي يتمتع بتعدّد ألوانه يضاف عليه العسل والصمغ العربي ثم يُخلط بطريقة معيّنة .
العنعنة
يُعرّف الخطاطون أنفسهم بالعنعنة التي تستخدم في روايات الأحاديث وعلى سبيل المثال سراج عن ناصر الميمون عن حامد الآمدي عن مصطفى حليم .
وبَرع في الخط العربي وبناء قواعد الخطوط فالديواني والرقعة لمحمد عزت والنسخ لمحمد شوقي ومصطفى غزلان في الديواني وهاشم البغدادي في القاعدة البغدادية .
غاب القلم
وعن اهتمام المجتمع بالخط ذكر بأن العرب محبطون بسبب فكرة خاطئة تتمثّل في أن فن الخط العربي موهبة وذلك غير صحيح فبالإمكان إتقانه واكتسابه بالتعلم وتطبيق القواعد الصحيحة .
وأضاف : تم أخذ القلم من الطالب فضاع الخط وضاعت الثقافة المعرفية التي تتطلبها كل قراءة في معرفة كلماتها بمختلف الخطوط .
ووجه رسالته لجميع الخطاطين في إتاحة جميع المعلومات للمجتمع وتثقيفه بسهولة تعلم الخط العربي عبر جملة أستاذه الميمون ونصيحته التي اتخذها سراج مبدأ ثابت لا يحيد عنه ( علّم الناس بحب لترسيخ معلوماتك في أذهانهم ) .
ويرافق سراج العمري 8 مدربين متخصصين في أنواع الخطوط في مركز تدريب الخط العربي بتعليم عسير الذي يقدم دوراته وأنشطته في خدمة المجتمع ويعتبر من أبرز المراكز على مستوى الشرق الأوسط في هذا المجال .