قد يتبادر إلى ذهن البعض حينما يقرأون مصطلح (كايزن ) بأن الموضوع متعلق فقط بالمجال الصناعي والتجاري
ولكن هذا الاعتقاد غير صحيح على الإطلاق، فهذه النظرية أشمل وأعم، وقابلة للتطبيق في شتى المؤسسات الحياتية.
بداية دعوني أفسر هذا المصطلح بشكل سريع، (كايزن) : كلمة يابانية تنقسم إلى جزئين (kai) وهي تعني التغيير أو التطوير وكلمة (zen)التي تعني المستمر، وقد ظهر هذا المفهوم وطبق في اليابان بعد الحرب العالمية الثانيةفي عدة قطاعات صناعية ومالية خلال فتره الإصلاح الياباني .
ساهمت هذه النظرية في انتشال اليابان من براثن الدمار والجهل إلى التطور والتقدم ،وبما أن هذه النظرية قابلة للتطبيق في المنشآت والمؤسسات سواء الحكومية منها أو غير الحكومية ،فمن الأولى أن يتم تطبيقها في الطاقم الإداري عموماً والمساعد الإداري بشكل خاص في مجال عمله. إن عمل المساعد الإداري يحتّم عليه أن يكون مجدداً مطوراً لعمله ،وأن يتخلص من القالب التقليدي الذي وضع فيه ومن النظرة القاصرة التي ترى أن نجاحه وتطويره في مجال عمله نجاحاً ضيقاً ومحدوداً.
إذا كانت الإداره هي العقل المدبر لأي منشأة تعليمية أو إشرافية، فإني أرى أن المساعدالإداري هو عامودها الفقري، فهو القوه التي ترتكز عليها أعمال المنشأة من تنظيم وترتيب وأرشفة وإدخال البيانات وجمعها واستلام الأعمال، وتستوجب عليه الجودة والإخلاص في العمل بالعودة إلى نظرية الكايزن ولربطها بعمل المساعد الإداري نستطيع أن نقول بأنها مجموعة من الأدوات الإدارية التي تستعمل داخل المنشأة لنجعل العمليات التي تتم داخلها ذات مستوى عالي من الجودة والاحترافية.
منهج التغيير باستخدام كايزن يقوم على التحسين المستمر بمعنى التغيير للأفضل ،هذا التغيير يرفع القدرات الإبداعية للعاملين في المنشأه ويمكّنهم من مشاركة التغيير. إن كل عمل ينفذ يمكن تحسينه، وكل عملية تتم حالياً لابد وأنها تحتوي هدراً سواء للوقت أو الجهد أو المادة، لذلك أرى بوجوب تطبيق هذا المنهج في العمل الإداري.
هذه النظرية تقوم على الاعتقاد بأن توفر درجه عالية من المسؤلية الجماعية والإخلاص القائم على المشاركة، والتقدير المتبادل بين الإداره العليا والعاملين في المستويات الإداريه المختلفه ،سوف يؤدي إلى زيادة معدلات الأداء، وزيادة رفاهية العاملين و درجة عالية من الرضا.
قرأت في كتاب (منهج الجود الياباني في تطوير وتحسين الإنتاجيه)وشدتني الوصايا العشر لتطبيق هذا المنهج في العمل الإداري وكان أبرزها (Ten person Ideas are better than one person’s knowledge) أي بمعنى : أن أحصل على الأفكار من عدة أشخاص أفضل من أن أحصل على المعرفة من شخص واحد ،لذلك تختلف هذه النظرية عن أنظمة الأدارة الأخرى في أن التطوير في أنظمة الإدارة الأخرى مهمة موظف واحد أو مجموعة معينة من الموظفين ، لكن الكايزن يعتمد على تقديم المقترحات من جميع الموظفين إلى الإدارة العليا وهذا الأسلوب يشجع الجميع على التنافس والتواصل من أجل تحسين مستوى الإدارة أو المنشأة التعليمية أو الإشرافية.
وفي النهاية سأختم بما أردت أن أبدأ به، وهو أن أهم شرط يجب أن يتحلى به المساعد الإداري من أجل أن يطبق نظرية الكايزن هو القدرة على التفكير وطرح الأسئلة الصغيرة ليعرف كيف يكسر الخوف من التغيير، ويبدع في الاستفهام، ويتعلم عادات جديدة ليتم اتخاذ القرارات بعدها ثم حل المشكلات.
هل ياترى سنجد يوماً ما في إدارتنا التعليمية من يتبنى نظرية الكايزن ويطبقها مع موظفينه الإداريين ؟
م.ا/ سهير فايح العطاوي
قسم التخطيط والتطوير