" يظهر معدن الإنسان في الطريقة التي يصمد بها تحت وطأة المحن " . توقفت طويلا اتأمل كلمات المؤرخ الإغريقي بلوتارخ ...فراجعت وجوه الناس الذين التقيت بهم في حياتي .. فمنهم من خاب ظني فيهم و منهم من ظهروا أجمل بكثير مما كنت أظن ..
ووجدت نفسي اتذكر كلمات لقمان الحكيم " ثلاثة لا تعرف إلا بثلاثة ..لا تعرف الحكيم إلا عند الغضب و لا الشجاع إلا في الحرب و لا اخوك إلا عند الحاجة إليه "..
و تذكرت معادن الناس من حولي فوجدت منهم من يؤمن بأن خير الناس اعذرهم للناس. فعذروا ظروف الآخرين و تفهموا الضعف الإنساني. و هناك من أحب لغيره ما احبه لنفسه ....و هناك من أعطي كل ذي حقا حقه فقيم أعدائه تقييما عادلا و أظهر فضلهم و لم يبخس قدرهم فارتفع عنهم بأخلاقه وبترفعه عن الصغائر...
و هناك من هزم رغباته قبل أن تهزمه ذنوبه...و هناك من عاش لحياته و هناك من عاش لأخرته...
و هناك من عاش لنفسه متجاهلا أهله فاخرجوه أهله من حياتهم ..
وهناك من سيرافقك طريق الحياة الي المحطة الأخيرة و هناك من سينزل في اول محطة لأنه لم ينجح في اختبار الحياة معك
و هناك من يعيش حياته بوجهان و احيانا بوجوها متغيرة و كثيرة .
لاخير في ود امريء متلون ...حلو اللسان و قلبه يتلهب .
يلقاك يقسم انه بك واثق ...و إذا تواري عنك فهو العقرب ..يعطيك من طرف اللسان حلاوة .. و يروغ منك كما يروغ الثعلب !
ياتري كم ثعلبا التقيت به في حياتك ؟ !!
و هناك من يعمل علي إسعاد من حوله دون أن يفكر في سعادته .و هناك من يعامل الناس بأخلاقه و لا يعاملهم بأخلاقهم... فكسب آخرته و خسر دنياه و لم يهتم !!!
و هناك " الماس " و هم نادرين و هناك " الفالصو " و هم الأغلبية.. و هناك من وصفهم شفيعي و شفيعك محمد صلي الله عليه وسلم " الناس معادن كمعادن الفضة و الذهب " .و قد قدم الفضة علي الذهب لأن " الكرام " و " المحترمين " و " اصحاب الدين " هم الذهب و هم أقل بكثير من الفضة و هم من يحيطون بنا !!
و معادن الناس و قيمتهم ليس لها علاقة بالمال ، بالثروة ، بالعمل ، بالمهنة أو بالوضع الاجتماعى ...
فكم من أغنياء هم فقراء في أخلاقهم و كم من فقراء هم أغنياء بأخلاقهم بعد ...و هناك من قال عنهم الإمام علي بن ابي طالب " إذا وضعت أحدا فوق قدره فتوقع منه أن يضعك دون قدرك " ... فأبتعدت عنهم ..
و الان .. ياتري انت من اي معدن ؟ .
راجع نفسك قبل ان تحكم علي معادن الاخرين ...و احكم علي نفسك قبل ان تحكم علي الاخرين !!! انت معدنك من ماذا.