منذ شهر ديسمبر (٢٠١٩م) اجتاح العالم وباء فايروس كورونا (COVID-19) في أكثر من (١١٨) دولة وتعدت الإصابات (ربع مليون) إنسان. تسبب هذا الفايروس الذي لا يرى بالعين المجردة في شل حركة مدن كاملة اقتصادياً واجتماعياً، وتعطلت مشاريع على مستوى الدول وعلى مستوى الأمم المتحدة، ليصبح التعامل مع هذا الوباء ذا أولوية قصوى لجميع الأنظمة السياسية في الكرة الأرضية تقريباً.
وللمتمعن في هذه الجائحة العالمية كما صنفتها منظمة الصحة العالمية (WHO)، نجد أن قدرات الدول تظل عاجزةً أحياناً أمام جند الخالق جل وعلا، حيث عبر هذا الفايروس الحدود واستهدف الإنسان الذي يعتبر محور الحياة والحضارة، فتعطلت المصالح العامة والخاصة وعاد الإنسان نفسه لينشغل بتعلم وممارسة أساسيات الحياة اليومية التي تحافظ على صحته مثل نظافة اليدين واستعمال المعقمات وإيجاد بدائل للتعلم والعمل، نتيجة فرض الحجر المنزلي حتى لمن لم يصبه الوباء. لله حكمة وله في خلقه شؤون!
وفي ظل هذه الظروف تبرز القيادات والدول التي لديها مقومات استراتيجية في مواجهة الكوارث الطبيعية فضلاً عن عناصر القوة الوطنية التي تبنيها في معاركها السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والعسكرية والأمنية لتنافس الأمم ولمواجهة الأزمات التي تأتي بفعل الإنسان.
نجد في المملكة العربية السعودية مثلاً، مقومات استراتيجية لإدارة الأزمة، تفوقت على بعض مقومات (الدول العظمى والمتقدمة) كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، في مواجهة الوباء كجائحة طبيعية عالمية.
ومن أبرز ما يمكن الإشارة إليه من تلك المقومات:
١. ارتباط كل من القيادة والشعب الإيماني الروحي بالخالق جل وعلا ونبوع التوجيهات الاستراتيجية والطارئة التي تحافظ على صحة الإنسان المواطن والمقيم، من تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
٢. القيادة الرشيدة الواعية بمسؤوليتها الوطنية وبمحيطها الإقليمي والدولي، الواثقة بالله أولاً ثم بصلابة شعبها وتعاونه في الأزمات.
٣. الشعب السعودي المخلص المحب لوطنه، ذو الكوادر الوطنية عالية التأهيل والوعي. وليس أدل على هذا من تصدر مدينتي جدة والرياض لمدن العالم أثناء أزمة كورونا من حيث الالتزام بتوجيهات الحكومة حيال تخفيف الحركة المرورية والبقاء في المنازل لتقليل انتشار الوباء، مما أدى إلى تقليل مخاطر تأثير الوباء محلياً.
٤. المخزون الاحتياطي الاقتصادي ومتانة الاقتصاد السعودي والتدابير المالية المرنة، في ظل الرؤية الوطنية (٢٠٣٠) المباركة.
٥. الإعلام المتطور الذي واكب تطور الوباء وساهم بشكل واضح في توعية المواطنين والمقيمين للتعامل مع الأزمة، مما أدى إلى زيادة الوعي والتعامل مع الأزمة بشكل أفضل من تعامل بعض الشعوب المتقدمة.
٦. الخبرة الطويلة في إدارة الحشود والتعامل مع الأزمات الصحية وغيرها من خلال إدارة شؤون الحجاج والمعتمرين والزوار.
٧. سيادة النظام (القانون) وتطبيقه من قبل الجهات المدنية والأمنية للدولة. وهذا مع العوامل السابقة يبعث على ثقة المواطنين والمقيمين على حد سواء وطمأنينتهم.
هكذا تكون الأوطان وهكذا تكون القيادة .. فلله الحمد والمنة.
اللواء ط/ر/م عيسى بن جابر آل فايع
باحث/ ش الاستراتيجية والأمن الدولي
التعليقات 3
3 pings
Ksa
21/03/2020 في 6:24 م[3] رابط التعليق
نتمنى من الله العلي القدير أن يكون هذا الفايروس سبباً لعودتنا للطريق الصحيح، والقرب من الله سبحانه وتعالى في كل ما يحب ويرضى.
(0)
(1)
اللواء الركن متقاعد / عبد الله القحطاني/ ابو مشاري
22/03/2020 في 10:40 م[3] رابط التعليق
شكرا لسعادتكم عل هذا الطرح اللذي يعتبر من التعاون مع قيادتنا السياسية في مثل هذه المحنة فكلنا جنود مخلصين لله ثم للدين ولحكومتنا الرشيدة وكلا بحسب اختصاصه حتى بالكلمة فلقد ابرزت سعادتك موقف المملكة وقدراتها المادية وقدراتها العلميه وقدراتها على حماية شعبها ومن يقيم على ارضها فما حدث يعتبر دروس مستفادة لجميع دول العالم المتشدقين بالتقدم والحضارة دام عزك ياوطن
(0)
(1)
محمد شوعان
24/03/2020 في 5:19 م[3] رابط التعليق
طرح مميز وفكر صافي . شكراً لك اخي ابوخالد
وادام الله علينا وعلى بلادنا الأمن والأمان والصحة وكفانا شر هذه الأوبئة . انه على كل شيئ قدير
(0)
(1)