يستعجل البعض ويؤكد تراجع اميركا الى الصف الثاني أو الثالث اقتصادياً وسياسياً، وأن جمهورية الصين الشعبية بات في حكم المؤكد انها قريباً ستكون قائدة العالم، وأن وباء كورونا 2020 م سرّع وتيرة العد التنازلي، وكشف ضعف الولايات المتحدة وقوة الصين!.
لنفترض أن الولايات المتحدة ستُرغم خلال أو بعد جائجة “كوفيد19″ على أن تترك موقعها القيادي العالمي الحالي للصين، فما هو رد الفعل المتوقع من هذا الأمريكي الجبّار”المنهار”افتراضاً” ضد غريمه الصيني وحلفاءه؟. ليس لدي جواب على غرار نبوأة السيد طلال أبو غزاله بأن الحرب حتمية وهي الفيصل والحل!، لكن افهم أن القيادة الصينية لا تريد قيادة العالم لأنها ببساطة غير جاهزة (من مجاميعه)، ولأنها لن تستطيع تسديد الفواتير المترتبة على قيادة العالم ومنظماته وحروبه وامراضه وخلافاته وصراعاته..
الصين قوة نووية وصناعية وقوة بشرية وأيضاً سياسية وتتميز بسرعة اتخاذ القرار بطبيعة الحكم المركزي، ولكن ولكي تحتل موقع الولايات المتحدة اقتصادياً وعسكرياً وسياسياً فإن ذلك يتطلب مضاعفة الاقتصاد الصيني مئات المرات، ويحتاج رفع جودة صناعاتها والتقنيات الدقيقة بأكثر من عشر مرات وبفكر صيني محلي بحت وليس مستنسخ ومقلد، والأهم من هذا كله أن تنهار شركات أمريكا الكبرى، وتتبخر أموال خزينة الدولة، وينهار دولارها، وأن تصبح اللغة الصينية هي لغة العالم الأولى ثقافياً ومعرفياً وعلمياً ومالياً وملاحياً جوياً.. فهل هذا ممكن حالياً؟.
المسالة ليست بالتمنيات ولا حتى بالتكهنات بل بالحقائق والأرقام، وكل المعطيات تقول ان اميركا ستظل القوة الأولى بالعالم لزمن طويل.
وبالعودة الى وباء كورونا الحالي وما سيحدثه من متغيرات رهيبة خلال السنوات القادمة، وبناءً على الفكر الاستراتيجي الأميركي القيادي والإداري والعلمي وقوة الشعب وولاءه لقوميته الأمريكية وقوة الدولار الذي يهيمن على العالم، فإن مجموعة القُوى ومحركاتها الامريكية الشاملة ستتضاعف داخلياً وسيزداد نفوذها خارجياً.
والواقع أن اميركا ستسدد لكمات قوية للإقتصاد الصيني ولعملتها المحلية بشكل مُهين، وسنرى ذلك قريباً مع اننا لا نتمناه!.
كيف نتناسى أن التنافس هو طبيعة البشر وأن أميركا تريد منافسين لها وكذلك الصين وروسيا لغرض التطور والبقاء ورفع الجاهزية.
والتاريخ يقول لنا ان القوة المهيمنة ذات الموارد الهائلة والقيادة الجماعية المؤسساتية والتي تمتلك القوة العسكرية العالمية فيما وراء البحار(global)، والتي لديها خيارات سرية غير عادية لفرض هيمنتها وتفوقها في أسوأ الظروف، يقول التاريخ، ان مثل هذه القوة أو الإمبراطورية لن تفقد مكانتها القيادية إلاّ إذا قادها فكر الإمبراطورية العثمانية المنهارة أو أسلوب وفكر وظروف الإمبراطورية السوفيتييه السابقة، وتوفر جورباتشوف أمريكي بحزب وحيد يقود ولايات جائعة وخائفة، فهل هذا متوفر في الإمبراطورية الأميركية التي نراها أمامنا؟.
الحقيقة أن الصين تبدو حالياً أكثر عقلانية من المتكهنين بقرب قيام حرب الضرورة بين الصين وامريكا بهدف قيادة العالم.
والصين في الواقع لا ترغب تبوأ الصدارة في القيادة والتأثير الدولي خوفاً من الإنهيار السريع وزوال الحكم المركزي وتفكك المجتمع الذي يحكمه الحزب الشيوعي.
أخيراً لدينا الرقم “1” والرقم “1000”، والصين سنفترض انها اقتصاديا وعلى مستوى العملة والإحتياطي تساوي الرقم “1” بالنسبة إلى الرقم “1000” الذي هو اميركا. بمعنى آخر ماهي قيمة “سنتاً” واحداً أمام دولار؟. بقي القول ان الناتج المحلي ليس هو القوة الكافية لقيادة العالم. والصين بشعبها اصدقاءنا ونحترمهم كثيراً وسيزداد تعاوننا معهم بلا شك.
التعليقات 2
2 pings
سبتان
09/04/2020 في 12:58 ص[3] رابط التعليق
هذا الكلام لايفهمه ويستوعبه الا القليل مع فائق احترامي لجميع القراء
عام٢٠٢٠ وكذلك ٢٠٢١ هناك الكثير من المحللين ومراكز الأبحاث تتوقع بما يزيد عن نسبة ٨٠٪ ان امريكا ستتفرغ للصين بكامل قواها،،،
وغدا لناظره قريب،،
ماكتبته ليس كلام عابر ولكن من يتمعن في التاريخ ويجيد الحل بعد علامة الاستفهام ؟ سوف يفهم ما العالم مقبل عليه،، تحياتي
واشكرك يا ابا منصور على ماترسله دائما من تحليل وتنبأ يستند على وقائع ودراسات،،
(0)
(0)
د.فوزية القحطاني
09/04/2020 في 7:34 ص[3] رابط التعليق
ولو اخذنا مقاربة على جائحة كورونا فليس تأثيرها على أمريكا من حيث الخسائر البشرية مثل اثر حرب احتلال العراق والتي كانت بحدود ستة آلاف قتيل وثمانون الف جريح ومعاق وأيضا خسارة ترليون دولار فكل ذلك لم يضعف مكانة امريكا العالمية هذا إذا ما اضفنا الخسارة المعنوية فكيف يستطيع وباء سيرحل قريبا بإذن الله تعالى ان يفقد امريكا موقعها الاول على الساحة العالمية لصالح الصين مثلما يروج له الآن من طرف بعض كتاب الرأي إذ علينا أن نتذكر أن ترامب استطاع فقط بمجموعة عقوبات اقتصادية على الصين ان يوجعها ويهز مكانتها التجارية..لذا فاتفق تماما مع تحليل سعادة اللواء القحطاني بأن هناك مبالغات في التحليل وسقف التصور المرتفع من أن امريكا التي تطبع الدولار وتتحكم بتحويلات ثلثي العالم المالية وقدراتها الكبرى ومع انخفاض اسعار البترول ستتخلى عن مركزها لصالح الصين أو حتى روسيا بل حتى الاتحاد الأوروبي الذي هو يعاني من تداعيات خلل وتفكك..
(0)
(0)