ونحن نحتفل بالعام التسعين من توحيد عمر الوطن الكبير وهو عمر مديد بإذن الله، وهو امتداد لما يقرب من ثلاثمائة عام من عمر الدولة السعودية منذ نشأتها التي مرت فيها بمراحلها الثلاث الأولى والثانية والثالثة، ما مر بها وعاش مثلها دولة أو نظام أو أمة في العالم إلا نحن السعوديين؛ لأننا مسلمون ندين بدين الإسلام الصحيح الخالص والله لدّين وللمسلمين حافظ.
حين تستذكر الأمة أي أمة تاريخها تجد فيه خلاصها من عذابات كثيرة، إلا نحن بحمد الله نستذكر عمرنا هذا في عامنا التسعين هذا فنشكر الله ونحمده على ماقدّره وكتبه لنا من رفعة وعزة وتوحيد ونقاء سريرة ، قيادة حكيمة وشعب وفيّ وجعل الله لنا صفاء دين وخالص عقيدة.
رحم الله الملك عبد العزيز فقد كان موحدا بإخلاص للأمة وجامعا لشتات الأمصار، وحاقنا لدماء المسلمين أبناء شعبه، كان عمله عظيمًا أتمنى أن نجد عملا فنيا توثيقيًا يجسد تلك البطولة لذلك البطل ويوضح خفايا بطولته ومشروعه الإسلامي الوحدوي الوحيد النقي للأجيال القادمة؛ لأنه بطل فريد في الأمة العربية أعاد لها بتوحيد المملكة سيرة الدولة الإسلامية العظيمة التي فرّط فيها أبنائها فخفتت وضاعت حتى ظهر عبد العزيز رحمه الله فكان المنقذ والموحد بالتوحيد.
ونحن نحتفي بالوطن وبعامه 90 التسعين كيف يمكن لنا الاحتفاء بالوطن دون بذل الجهد. لنجرب إمكانياتنا ونجعل من طريب نموذجا على الأقل بين محافظات عسير في مثل هذه المناسبة العظيمة وفي صيفنا القادم من خلال أمرين :
الأول: أن نحدد مجموعة من شباب طريب الأبرز لا يتجاوزون العشرة ثم يطلب منهم وضع تصور لليوم الوطني وفعاليات الصيف ولن يُعدموا التجديد بالأفكار بعيدًا عن الكلاسيكيين والتقليديين من الرسميين الذين دأبوا يكررون أنفسهم ونمط أفكارهم سنويًا مثل قناتيّ غصب واحد واثنين -سابقا-.
الثاني: أن يكون للمحافظة وللبلدية كما هو معروف ومتبع وللجنة التنمية الاجتماعية دورًا بارزًا ومؤثرا في دعم أفكار الشباب والنشاط الاجتماعي في طريب، أنا لا أعرف لجنة التنمية الاجتماعية ولا الهدف من وجودها ودورها الاجتماعي لكنني أتمنى أن تكون لتنمية العقل وليس الجسد، أي نشاط للعقل كفيل بتغذية الجسد ورؤية 2030 تتمحور حول العقل.
إن شباب طريب وأراهم متمثلين فيما عايشت وعرفت في أحمد آل مالح وعبدالله بن محمد آل عادي وحمد الجربوعي ومانع بن سعد آل سلمان وأحمد بن سعيد آل ناشط ومنصور بن نومه وخالد آل جربوع وغيرهم كثيرون كفيلون وجديرون بالتفكير المتطور، وبمشاركة ثلاث أو أربع شخصيات معاصرة لرسم ملامح الحياة لعامة والنشاط الثقافي والاجتماعي في طريب، وطنيًا وصيفًا وشتاء فالعقل والتطور الذهني والمكاني ليس لها دورة معينة في سياق دورة عجلة الحياة، إنما من صفاتها الديمومة والتجديد ولعل فيما مر على طرفي من طيف عابر عن احتفال المحافظة الأخير مايدعم وجهة نظري هذه فقد حمل نوعا من التجديد، وتلك هي الغاية وذلك هو الهدف من أي نشاط ثقافي أو فرائحي أو وطني يجب أن يكون فيه دور للعقل أولا ثم الجسد ثانيًا .. فشكرا لمحافظنا الواعي ولفريقه الشاب الذي منح العقل الفرصة لأداء دوره الواعي باقتدار .

في طريب كما كل المناطق والمحافظات كل عام نكرر اسطوانة الاحتفالات، غناء وغثاء بالنشاط والكلام العام مع أن المناسبة عظيمة، وتحتاج للتجديد الفكري إذا توفرت حيوية العقول المنفذة. ما نشاهده مجرد تقليد عام بدون نظام وبدون إلهام مجرد استمرار نمط تفكيري غير متجدد، في هذا العام حدث مايشبه التجديد وهو جديد أتمنى أن يكون بداية الانطلاقة نحو التجديد الجيد الجديد.
هل يمكن أن نوكل لكل منطقة من مناطق المملكة الـ13 أن تحدد شخصيتها في نمط احتفالاتها، بدون التكرار الممل!! بشرط أن يكون ابتكارًا تجديدًا إبداعًا، المهم التجديد والجديد ثم يعمم على مناشط كل محافظات ومراكز المنطقة ذاتها، ليكون لمنطقتنا عسير ولكل منطقة ملمحها بصورة زاهية، تنافس فنيًا وفكريًا وإبداع فردي وليس جمعي تقليدي، جهد ملموس بعيد عن الغث الهزيل وبعيد عن التقليدية في الاحتفال..
مجرد اقتراح لمن يعنيهم أمر يومنا الوطني على مستوى المملكة أو في منطقة عسير على الأقل وعند الضرورة في محافظتنا طريب، نريد جهدًا إبداعيًا منوعًا وليس موحدًا مكررًا نريد مايليق بحجم الوطن ويومه ومكانته ولاشك أن المطلوب كبير وصعب لكن الوطن أكبر وأهم وأعلى قدرًا.
أقول ونحن في هذا الزخم الاحتفالي الجميل، ومثلما أن الفرد نواة الشعب والشعب هو الأمة، أتمنى أن يكون من احتفلوا بطريب قد قدموه كنموذج مصغر للوطن الكبير المملكة العربية السعودية التي يليق بها الاحتفاء وطريب جزء من هذا الوطن؛ لأن طريب مثل حالة الحب الخاصة التي يتحدث عنها العاشق والمعشوق والشاعر والفيلسوف والمفكر والمزارع والراعي في الفلاة الشاب والشابة الرجل والمرأة وكل الناس، كلهم يتحدثون عن حالة الحب في دواخلهم، عنها وفيها فلا تنضب تماما هو ذاك طريب.
احتفلوا مستقبلا بأسلوب متميز وأفكار متنورة ووجوه مستنيرة وتجديد صورة .. طريب حالة العشق الأبدية الدائمة كزواج كاثولوكي لاينفك، كنهر متدفق، حياة واحساس وشعور واستشعار، كحالة حب عذري أو رومانسي أو نرجسية خاصة لا فرق، كلها حالات عشق وحب تشبه طريب هو لايشبهها بل هي التي تشبهه، كحب، كجمال، كفتنة مكانية، كرمز للعشق والحب والذوق والإبداع والفن البشري الآخاذ .
طريب حالة حب قرمزي فريد لا تنتهي لا بالزمن ولا بالعشق ولا بالمعشوقين ولا بالناس عامة وخاصة ولا حتى بالات الإبداع ولهوه مهما اكتملت .. طريب صفته الديمومة، لايضمحل، لايتغير إلا إلى الأحسن، انعتقوا من قيود الماضي الرتيبة وعيشوا الحاضر الجميل وفكروا بروح المستقبل الأجمل بأفكاركم أنتم، وليس بأفكار من سبق لا يقيدكم مَن بسطوته التقليدية قدر عليكم بجهالة.
طريب سيبقى كالحالة العاشقة الخافية عن الأعين لكنها تسري في الأجساد بارتعاشة منعشة للذات، ذاك هو طريب وهو باقي كحالة عشق وفتنة مابقي الزمن، ومابقيت الناس تتحرك، ومابقيت الروح فيهم ومابقي الإعتداد بالنفس التواقة للحياة، وللحب وللجمال والتّودد الجميل بين الأرواح، والأنفس النقية اطلبوا من التقليديين التنحي جانبًا عن مسار العقل نحو المجد.
طريب .. اجعلوا منه استثناء ، ثقافة ووعيًا وحركة تنمية ونشاطًا مجتمعيا، أجبروا بنشاطكم الإعلامي والتنموي والإجتماعي الآخرين الممتنعين على الالتفات نحو طريب ومسايرة طموحه، وتحقيق أهدافه نحو المجد، أجبروهم على ليّ أعناقهم نحو طريب إعجابًا، إنبهارًا ، وتقليدًا له .
طريب .. ماهي شخصيته الإنسانية الفنية الثقافية المجتمعية من ينبري لنا فيكشف الحقيقة لنا.
طريب حالة عشق من نوع خاص فكونوا عاشقين أو موتوا خير لكم من حياة لاطعم فيها ولاعشق ولا هرولة لطريب حتى ندعو لكم بالرحمة وذلك أكثر مما تستحقون.

إشارة : وأنافي خاتمة الكتابة أو المقالة أقول شكرًا للعزيز سعيد بن فايز آل ناجع رئيس تحرير هذه الصحيفة، فقد كان سابقًا بطريب الصحيفة، ثم الرأي الآن سببًا في شحذ همم شباب طريب ودخولهم مجال التعاطي الكتابي هنا، وفي وسائل التواصل الأخرى وتنافسهم؛ لخدمة طريب والبروز وآمل أن يواصلوا تنافسهم بعيدا عن المسميات؛ لأنه في النهاية يزيد من حالة الوعي الثقافي وتطوره في طريب .. شكرا أبو راكان .

وقفة : هناك فهم عجيب غريب لمعنى إعلامي فأصبح المسمى كأنه عاميّ بعد أن كان فصيحًا .

تغريدة : طريب تصبّر ليتكبّر؛ لأنه أساسًا كبير في التكوين وإن تأخر في النهوض لكنه اعتلى المنصة الإعلامية حضورًا الآن ، الحمد لله.

أ . محمد بن علي آل كدم القحطاني
تويتر: @mohammed_kedem