أرخَى الليلُ سدولهُ في قريةٍ نائيةٍ ولم يمزّقْ سكونهُ سوى صرَاخات طفلٍ للتوّ يرى النور، كان حلمًا لأبوينِ يعشقانِ الأرضَ بكلّ خليةٍ في جسديْهما، فأرضعا الطفلَ هذا الحبّ، ونشأ متيمًا بحب الوطنِ حتى وهو يتلقّى الأوامرَ بالتحرّك للالتحاق بكتيبةِ الجيشِ للذودِ عن حدودِ وطنه..
وقفَ أمامَ والدهِ وقرّر أن يتحدثَ إليه وهو يعلمُ حجمَ الصدمةِ حينَ يعلمُ والداه بذهابهِ للميدان ..
وقفَ أمامَ والدهِ لا يدرِي ماذا يقول؟! وهو يراهُ وقدْ انهمكَ في محاولةِ إصلاحِ مولّد كهربائيٍ صغيرٍ ! وفجأةً رفعَ الشيخُ الوقورُ رأسهُ ونظرَ لولدهِ الواقفِ أمامهُ وباغتهُ بالسؤال..
– تحدثْ ماذا لديك ؟
– أبي … ولمْ يستطعْ أن يكملَ..!
ممّا استدعى والدهُ لأن يلقي مابيدهِ وينهَض بتثاقلٍ وينظُر بعمقٍ في عينيهٍ فأشاحَ خالدٌ بوجههِ لكيلا يلحظَ والدهُ دمعةً ترقرقتْ في مقلته ..
– مدّ والدهُ يدهُ وأمسك بذقنِ ولدهِ وأدارهُ نحوهُ بحنانٍ وسأله:
– ماذا بكَ يا خالدٌ أمريضٌ أنت؟!
– لا يا والدي الحمدُ لله أنا بخيرٍ ولكنْ وصلني أمرٌ بالالتحاقِ سريعًا بالجيشِ …
أفلتَ والدهُ يدهُ بهدوء ٍواستدارَ يبحثُ عن مكانٍ يجلسُ فيه وهو يحاولُ أن يبدوَ متماسكًا..
– لا بأسَ يا خالد هذا واجبك
– أبي: وأمي؟!
– لا عليكَ أعرفُ جيدا أن والدتكَ وطنيةٌ وتحبّ ترابَ هذا الوطن و…
– وقاطعه خالدٌ أعلمُ يا أبي ولكنها تخافُ عليّ كثيرا فكيفَ أخبرها بذلك؟!
– دعْ الأمرَ لي فقطْ اهتم بأمركَ، متى ستغادرُ؟!
يسألهُ وقدْ جفّ حلقهُ وبردتْ أطرافهُ فهو لا يقلّ خوفا على ولدهِ من أمهِ ولكنه رجلٌ قدر له أنْ يتجاهلَ مشاعرهُ..
– بعدَ غدٍ يا أبي (أجابَ على تساؤلِ والدهِ)
– حفظكَ اللهُ يا ولدي حانَ اليوم لردّ جميلِ هذا الوطن فهو يحتاجكَ للذّودِ عنه..
– غادرَ خالد لبعضِ شأنهِ وظلّ والدهُ تعصفُ بهِ الأفكار يمنةً ويسرةً، فخالد عينهُ التي يبصرُ بها وعصاهُ التي يتوكأُ عليها، ومن أينَ له قدرةً تسنده حينَ يخبرُ والدتهُ بعزمهِ على الذهابِ للميدانِ وكيفَ للنومِ أن يبسطَ سلطتهُ على عينهِ في غيابِ خالد؟!
نفضَ يديه ممّا علقَ بها وتحرّك ببطءٍ يبحثُ عن زوجتهِ وصدرهِ يعلو ويهبطُ في نشيجٍ داخليٍ ارتسمَ أثره على قسماتهِ حزنًا وخوفًا، تسلّل إلى المطبخِ وأطلّ برأسهِ ورأى أمّ خالدٍ مُنهمكة في إعدادِ وجبةِ الغداءِ ووقفَ حائرًا هل يحدّثها فتشاركهُ الهمّ؟
أمْ ينتظر حتى تتناولَ الغداءَ؟
وبينما هو مستغرقٌ في حيرتهِ إذْ بها تلمحهُ وترفعُ حاجبيْها عجبًا..!!
– أبا خالدْ.. لماذا تقفُ هكذا؟
وانتبه لنفسهِ وعادَ لرباطةِ جأشهِ وسألها ألمْ ينتهى الغداءُ بعد؟
– ليسَ من عادتكَ أن تأتي لتسأل!! هل تشعر بالجوع؟
– لا ليسَ بعدْ ولكن آآآ..
– ولكنْ ماذا؟ ماذا حلّ بكَ يا رجلْ؟
– لا شيءَ ولكنْ خالد.. وصاحتْ كأنها تستحثهُ على النطقِ.. خالد ماذا بهِ للتو رأيته!!
– لا شيءَ اهدئي فقطْ هو مضطرٌ للسفرِ بعدَ غدٍ..
– سفرٌ إلى أين؟
– إلى عملهِ إلى الجبهةِ
– وسادَ صمتٌ عمِيق
– وبلا وعيٍ تحركا إلى غرفةِ الجلوسِ ليمضيَ اليوم أسرعَ ممّا توقعا، وتحينُ لحظةُ السفر..
– دخلَ خالدٌ على والديهِ بزيّهِ العسكري الذي طالمَا افتخرا بهِ وهو يحملُ حقيبتهُ في يدهِ
– حاولَ أن يتحدثَ وخذلتهُ حنجرتهُ وهو يرى والدتهُ وقدْ لمعتْ دمعَات في عينيها وشحبَ وجهُ والدهِ وعلاه اصفرارُ الخوف!
– عانقَ والدهُ وقبّل يديهِ والأبُ يلهجُ بالدعاءِ ويكفكفُ دمعةً لا يريدُ لها أن تخرجَ رأفةً بزوجتهِ والتي احتضنتْ خالدٌ وهي تنتحِب..
– خالد يحاولُ أن يطمئنهُما أنّها فترة بسِيطة سيعودُ بعدها؛ ثمّ إنه لبّى نداءَ الواجبِ الذي طالمَا شجعتهُ عليه
– تشبثتْ بهِ والدتهُ وبلطفٍ حاولَ أن يبعدَ يدها ليقبّلها ويتجِه نحوَ البابِ، وقبلَ أن يخرجَ التفتَ إليهما ليشاهدَ جبالًا من الحزنِ تُطبق على قلبيْهما تفصحُ عنهُ تعابيرَ وجهيْهما ويغادرُ وهو يغالبُ دموعه..
هناكَ وفي الكتبيةِ كانَ يزاملُ خالدًا خمسةٌ من الرجالِ يتناوبونَ الحراسةَ في أحدِ نقاطِ الدفاعِ عن الحدودِ فالعدوُ يكرّر غاراته لينالَ منهم فيصطدمُ ببسالتهم، وهكذا مابينَ كرٍّ وفرٍّ فتمرّ الأيامُ تليها أيامًا وشهورًا أصبح خالدًا فيها أكثرَ تمرسًّا وخبرةً، ونشأتْ بينهُ وبينَ رفاقهِ علاقةً أخويةً، يقضونَ أوقاتهم في العملِ وتبادلِ الأحاديثِ الوديةِ، والمِزاح فحضرَ الإيثارُ بينهم فحينَ يشعرُ أن أحدَ رفاقهُ متعبٌ أو منهكٌ يستلمُ عنهُ المُراقبة..
خالدٌ يحملُ في جيبهِ قلمٌ ومفكرةٌ صغيرةٌ يدونُ فيها يومياتهِ، كتبَ على أولِ صفحةٍ:
( يوميّاتي أكتبُها إذْ قدْ لا أرويها لكم ) وشرعَ في ترقيمِ الصفحاتِ وتدوينِ اليَوم و التارِيخ في أعلى كلِّ صفحة..
ص١ الأربعاء ٣/٥ /……
الثالثة فجرًا تحركتْ بنا عربةٌ عسكريةٌ أنا وثلّةٌ من عسكرِ الكتيبةِ تتبَعُنا عربتينِ ومعداتٍ ثقيلةٍ، اهتزازاتُ العرَبة في الطريقِ التُرابي وتمايُلنا يمنةً ويسرةً طردَ ما تبقّى من نعاسٍ..
ومع انبلاجِ الضياءِ بدَأنا نتبيّن أينَ نحنُ..
وصلنا إلى الهدف.
ص٢ الخميس ٦/٣/ …..
أخذنا قسطًا من الراحةِ بعدَ أن قمنا بترتيبِ معسكَرنا وعملِ المتاريسِ لصدّ هجماتِ للعدوّ متوقعة..
رغمَ درجةِ الحرارةِ المرتفعةِ إلا أنّ معنَويات الرفاقِ عَاليةٌ جدًّا..
قضَينا اليومَ في المراقبةِ وتوزيعِ المهامِ..
ص٣ الجمعة ٦/٤ /….
دويّ الرصاصِ يبدُو أنه يقتربُ أكثر، ميدانُ المعركةِ ليسَ بعيدًا، تسودنا حالة من التوتر..
ص٤ السبت ٦/٥/….
حالةُ ترقبٍ وهدوءٍ مطْبق على المكانِ، لا صوتُ مدافِع ولا أزيزُ رصاصٍ الكلّ يعملُ بحذر، الليلةُ سيحينُ دوري في استلام المراقبةِ، اللهمّ سلّم سلّم..
ص٥ السبت ٦/٥/…..
أنا ورفيقي خلفَ متاريسٍ رمليةٍ نصَبنا أسلحَتنا ومناظِيرنا الليليةِ نراقبُ كلّ شاردةٍ وواردةٍ لا مجالَ هنا للتخمينِ أو الشكّ، مُؤشر الحذَر لدينا في أعلى درجاتهِ، نتحدثُ همسًا وحينَ الشكّ نكتفي بلغةِ الإشارةِ والإيماء..
ص٦ الأحد ٦/٦/….
للتوّ سلمتُ لزميلٍ آخر مهمةَ المُراقبة، ألقيت بجسدي في خيمةٍ مُعدةٍ للراحةِ تفقدتُ قلبي أينَ أحبتي الآن ماذا يفعلون؟!
لا أعلمُ متى وكيفَ استغرقتُ في النومِ..
ص٧ الأثنين. ٦/٧/……
استقبلنا قائدًا عسكريًا كبيرًا ووفدًا مرافقًا في زيارةٍ تفقديةٍ سريعةٍ، الأجْواء هذا اليَوم مختلفة، هناكَ شيئًا من الفرحِ والتغييرِ والبعدِ عن الرتابة..
ص ٨…٩…٢٠….٣٦..
ص ٤٢ تقدمتُ بطلبِ إجازةٍ قصيرةٍ أسوةً ببعضِ زملائي حيثُ أمضيتُ مايزيدُ على الثلاثةِ أشهرٍ لمْ أرَ والديّ وأخوتي..
ص ٤٩ ..الأيام متشابهة! المرابطةُ أثناء الحربِ طويلةٌ جدا، يتخلّلها تدرِيبات، وأعْمال رقابة وحراسة، وتنفِيذ مَهماتٍ قصيرةٍ وسريعةٍ تستمرُّ معها الحَياة..
ص ٥٥ اليوم الثلاثاء
يبدو أن قائدَ الكتيبةِ قرأَ ما يجولُ في أذهاننا..!تحلّقنا حولهُ في جلسةٍ قصيرةٍ وخاطفةٍ تحدثَ إلينا لاطَفنا بأسئلةٍ تمهيدية :
لو قُدر لك أن تتمنى ماهي أمنيَتك ؟
تباينت الإجابات، وأجمعنا على النصر والعودة للأهل والأحبة أو الشهادة..
وفجأةً قالَ لنا :
الأمنُ مُستتب ونحنُ نسيطرُ بفضلِ اللهِ على مُجرياتِ الأمور لهذا …. وسكتَ قليلًا وقدْ تعلقتْ أعيننا بشفتيهِ ننتظر ماذا سيقول؟!
وأكمل : لهذا تمّت الموافقةُ على الإجازاتِ المُقدمة من بعضكم بالتناوب، على أن لا تتعدّى ال ٤٨ساعة وهنا ضجّ الجميعُ بالحمد لله..
فرِحنا وتقافزنا وكأننا سنقوم بها الآن..!
عرض علينا القائدُ جدولًا وطلبَ من كلّ واحدٍ الإطلاعُ على تاريخ إجازته..
ص ٥٦ لم أنمْ ليلةَ البارحةَ كما يجبْ، فرحًا ببشارةِ القائدِ، تبقى على موعدِ إجازتي ستةُ أيام كيف ستمضي؟
بي شوقٌ عارمٌ لأبي وأمي وأخوتي، وقريتي بمزارِعها وبيوتها البسيطةِ..
ص٥٧ منذُ الأمس ونشاطِي البدني في أعلى مستوياتهِ، كنتُ أنقلُ أكياسَ الرملِ لعملِ السواترِ الترابيةِ، حمايةً للثكنةِ بكلّ همةٍ ونشاطٍ، ممّا استدعى القائد لأنْ يثني عليّ علنًا وأمامَ الرفاقِ..
ص ٥٨ الجمعة أتذكرُ اليومَ ولا أتذكرُ التاريخَ..!
لكن لا بأس نحنُ وجميعُ الرفاقِ في خير ٍ وسعادةٍ..
ص ٥٩ بينما كنتُ أتجولُ على قدمي حولَ المعسكرِ إذْ برفيقي فهد القرِيب لقلبي يناديني:
(أنْ عُد)..
لمْ ينتظر أن أصلهُ بل أسرعَ إليّ..!
هناكَ مهمةٌ عاجلةٌ أسرعْ لحملِ سلاحك، الحمدلله الوضع آمن بعد السيطرة..
ص ٦٠ عُدنا من المهمةِ فقدْ كشفتْ وحداتُ الرقابةِ تسلّلَ بعضَ العناصر من الأعداء، تعاملنا معهم بما يجبْ أسَرنا بعضهم وبعضهم عادَ من حيثُ أتى …
ص٦١ غدا تبدأُ إجازتي، سألقى أبي وأمي وأحبتي، عقاربُ الساعةِ أصابها الشللُ بالكادِ تتحركُ، ليتني أستطيعُ تحريكَها..
ص ٦٢ في الطريقِ إلى قريتي، طريقُ السعادةِ لا أستطيع أن أغلق عيني للحظة..! كل ما في الطريقِ شغفني شوقًا وحبًّا..
ص ٦٣ لا تسألوني عن التفاصيلِ فالحروفُ لا تسطّر لمشاعرَ كما يجب..
ص٦٤ اللقاءُ كان حارًّا متدفقًا بالمشاعرِ تخلّلتهُ شهقاتٌ وضحكاتٌ في آنٍ واحدٍ، أنا بين أحبتي الوقتُ يمضي بسرعةٍ عجيبةٍ، لا أرغبُ في النومِ أبدا رغمَ مشقةِ السفرِ..
ص٦٥ أبي يفاجئنُي بموضوعِ الزواجِ ويقرّر أن يكونَ خلالَ أشهرِ الصيفِ، وأمي تصادقُ على القرارِ واعتمدتْ اسمَ العروسِ وعائلتها..
ص ٦٦ أظنّ أنني طيبٌ ولطيفٌ جدًّا فقدْ أحببتها مباشَرة حينَ حدّثتني أمي عنها، أصبحت هيفاء حلمي..!
ص٦٧ رتبتُ حقيبتي استعدادًا للمغادرةِ، دموعُ والدتي تقتلني، ما أطيب أن أكونَ في حضنِ والديّ حيثُ الدفءُ والأمانُ..
ص ٦٨ التفافةٌ سريعةٌ على طرقاتِ القريةِ ومزارعها وإنسَانها ومساكِنها قبلَ أن تختفي بفعلِ سرعةِ السيارةِ (اختفت معالمُ قريتي)
ص ٧٧ ضحكاتُ الرفاقِ وتعليقاتُهم أُنسٌ يزيلُ كدرَ الفراقِ، ويبعثرُ حزني على فراقِ عائلتي..
ص ٧٨ هل كنتُ أحْلم؟
متى سأعودُ مرةً أخرى؟
متى سَيأتي الصيف؟
ص ٨٠-٨١-٨٢-٨٣ وما بعدها، الأيامُ تتشابهُ في رتابتها..!
ص ٩٢ اجتماعٌ طاريءٌ للكتيبةِ..
هناكَ تحركاتٌ للعدو يجبُ أن تُحمل على محملِ الجدِّ.. (استنفارٌ لجميعِ الضباطِ والأفرادِ)
ص٩٤ أنا ورفيقي نستلمُ المراقبةَ، الليلُ ساكنٌ، والهدُوء يعمُّ المكانَ، نتحدثُ لنقطعَ الوقتَ،
مدّ لي رفيقي فهد ورقةً طوَاها بعنايةٍ وقال:
خذْ هذهِ دعها معكَ فلا ندري نعودُ أو لا نعود!!
إنْ عُدنا استرديتها منكَ، وإنْ لا فأوصِلها لزوجتي،
تناولتها منهُ بيدٍ مرتعشةٍ وأنا مقطّبَ الجبينِ ودسسْتها في جيبي، وسألتهُ بمرارةٍ لماذا تتكلمُ هكذا؟!
سنعودُ وسنحتفلُ بالنصرِ وستأتي معي لتحضرَ عرسي..
أشاحَ بوجههِ وقال يا ربّ، واسْتسلمنا لأفكارنا..
ص ٩٧ تمّ رصدُ وحداتٍ من العدوّ تقترب، وأخذنا مواقعنا حسبَ الخطةِ المعدةِ مسبقًا..
ص ١٠٠ سبعُ ليالٍ استبسالٌ في المراقبةِ، ومُطاردة كلّ كائنٍ يهدّد وجُودنا وأمنَنا..
ص ١٠٣ أمرٌ عاجلٌ لنا بالتحركِ لمساندةِ كتيبةٍ أخرى..!
ص١٠٤ اشتباك مباشرٌ مع العدوّ، أزيزُ الرصاصِ وهديرُ الآليات والمرْوحيات يصمّ الآذان..
أتقدمُ أنا ورفيقي فهد ببطءٍ نحاولُ أن نتحاشى مرْمى الرّصاص، قناصةُ العدوّ لن تتركَ لنا المجالَ أن ننتقِل للجهةِ الأخرى، فاختبأنا خلفَ صخرةٍ كبيرةٍ نتحينُ الفرصةَ للانقضاضِ..
رفيقي فهد يمسكُ بذراعي انتظر لا تتحرك..!
هدأَ صوتُ الرّصاص، ورفعتُ رأسي لأتحقّق من بقيةِ الرفاقِ..
آآه
فهد يصرخُ خالد..
نافورةٌ من الدماءِ تتدفقُ من رأسِ خالدٍ وفهد يلقي بسلاحهِ ويمزقُ جزءًا من قميصهِ ليُضمد جراحَ صديقهِ خالد بيدٍ مرتعشةٍ..!
لا عليكَ يا خالد بسِيطة سأحاولُ أن أتراجَع بكَ للخلفِ..
كانَ فهد في موقفٍ صعبٍ إذْ حينَ يرفعُ رأسهُ ينهمرُ سيلٌ من الرّصاصِ نحوهما منْ قناصةٍ فوقَ جبلٍ مقابلْ..
اتصلَ فهد عبرَ جهازٍ معهُ يطلبُ نجدتهُ وإسعافِ خالد، وفي هذهِ الأثناء اكتشفتْ إحدى المرْوحيات وجودَ القناصة، فاطلقتْ عليهمْ وابلًا من الرصاصِ حتى لمْ يعدْ لهم أي حركة..!
تقدمتْ فرقةٌ اسعافيةٌ لنقلِ خالد الذي استشهدَ على صدرِ رفيقهِ فهد، حملهُ معهم وأخذَ متعلقاتهِ الشخصيةِ وضمْنها ورقتهُ التي استودعهُ إياها وجدها داخلَ مفكرةِ يومياتهِ..
بكى فهدٌ صديقهُ خالدٌ بكاءً مريرًا، وعندَ نقلِ خالد لقريتهِ عبرَ مروحيةٍ تابعةٍ للجيشِ رافقهُ فهد وأكملَ كتابةَ الصفحةِ الأخيرةِ من مذكراتهِ قبلَ أن يضعها في يدِ أحدِ أعمامهِ مع متعلقاتهِ الشخصيةِ ويعودَ لثكنته ..
كتب فهد:
ص ١٠٥ كنتَ بطلًا يا خالد استبسلتَ في الدفاعِ عن وطنكَ واسقيتَ أرضكَ بدمكَ الزكيّ..
لنْ أنساكَ يا خالد طبتَ حيًّا وميّتًا..
رفيقك.
28/09/2020 6:55 م
مُذَكّرَاتُ شَهِيْد
بقلم: فيض
بقلم: فيض
لا يوجد وسوم
(0)(1)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/6524873.htm
التعليقات 1
1 pings
ديم المطر
28/09/2020 في 8:12 م[3] رابط التعليق
طابت روحه وطاب به المقام 🥺
رحمك الله يا خالد ورحم كل جندي ومدافع وبطل عن هذا الوطن العظيم ..
مشاعر الكلمات والحروف لن تكون اصدق من مشاعر من يقرأها ويشعر بها فمثل ما فاضت به فيض من العطاء فاضت به مشاعرنا فخرا واعتزازا
بمثل هذه الحروف التي فاضت من من عطاء الفيض نفخر ونهتف اعجابا وتقديراً فلقد عشت اللحظات برفقة خالد وفهد على ارض المعركة كما لو كنت معهم ، إكليل الورد لفيض عطائك 💐
(0)
(0)