لعلّنا في موضوعنا هذا نسلكُ طريقًا آخر عمّا اعتدناهُ في طرحِ المواضيع السابقة، حيثُ سنتحدث فيه عن كيفيةِ اكتشاف الذات من خلال بعض التجاربِ الشخصية الواقعية، فالتجارب المُطبّقة أفضل في توصيلِ الفكرةِ من كثيرٍ من النظريات والفلسفة، لاسيّما وأن الحديث سيكون حولَ اكتشافِ النفس التي تحمِلها بين جنبيك..! فإما أن تقودك مغمضَ العينينِ إلى سراديبِ الظلام وإما أن تهذبها وترتقي بها لتعانق السحاب..
نأتي للدنيا لا نملكُ أيًّا من المهارات الذاتية، وأغلبنا يقتلُ نفسه بإهمالها أو جلدها..! وما علِم أن مفاتيح انطلاقها بيده فكلّ ما عليه العمل على تعزيزِ جوانبِ القوةِ وصقلها..
أنتَ لستَ بحاجة إلى من يقوم بتحليلِ شخصيتك فقد يأتي لك بما ليسَ فيك فتدخل به متاهات الضياع، ليسَ هناك أصدقَ ولا أدق منك مع نفسك حين تقفُ على نقاطِ ضعفك فتعالجها وتصنع منها طوقَ نجاةٍ لك في دروبِ الحياة..
ولا يعني هذا أن تتخلى عن الفرحِ بإيجابية تلحظها لدى أحدهم فتثني عليها وتعزّز له بما يجعله ينتبه لها فيسعى لتقويتها، كأنْ تكون قائدا أو مسؤولا، أو رئيسا أو والدا أو أمّا، ويلفِتك بروزُ أحد موظفيك أو أولادك في جانبٍ معين حتى وإن كان لديهِ من القصورِ ما لديه فتنبري له تعزيزا وإشادة، هنا ستلْحظ الفرق..
لعلنا نتذكرُ ونحن على رأسِ العمل أننا التقينا بالبعضِ ممن كان يظنّ أنه لا يمتلكُ من القدرات ما يجعله من الذين يُشار إليهم بالبنان، واكتفى بتأدية أدنى واجباته الوظيفية في استسلام مخلٍّ رغم إجادته لبعضِ المواهب البسيطةِ والمهملة، فتمّ تسليط الضوءِ عليها ومناقشته فيها لتعزيزها، أدركَ حينها أن في إمكانه تجاوزها بأفضلِ منها، بل اكتشف أن لديه مخزون هائل من المهاراتِ والقدرةِ المهملة..
من المهمّ جدا أن تتصالحَ مع نفسك وتتقبلها بكل ما فيها من عيوبٍ ومزايا وترضى عنها ( بلا غرور ) فالشعورُ بالرضى عن النفسِ أكبر محفز للتطويرِ، وخاصة في علاقاتك مع الآخرين، تقبل اختلافهم معك فالاختلاف أيًّا كان نوعهُ يثري الحوارات والقناعات، ويفتح لك نوافذ مؤصدة..
لا تتوقف كثيرا أمامَ آراء الآخرين فيك، نعم جميعنا نحبّ الثناءَ والإطراءَ، ولكن لايجبْ أن تكونَ هذه هي الغاية..! إذ أن غايةَ الإنسانِ المدركِ العاقلِ أسمى وأرفع..
اكتشفْ نفسكَ بنفسك، واعملْ على أن تصنعَ لها كاريزما خاصة بها من حيث إنجازاتها ومهاراتها وتقبل الآخر لها، هناك في داخلك مناطق يمكنك زراعة الورود والرياحين بها فقط انزع منها أشواك تعترض طريقك نحوها واسقها ماء العزم والإرادة لتكون نفسك وارفة الظلال، لا تجعل من ظلام الإهمال يقتل بذور القوة لديك تعاهد نفسك بالتعلم والمحاولات لتكتشفها جيدًا.
بقلم: جواهر محمد الخثلان
اكتَشِفْ نَفْسَك
(0)(3)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6526152.htm