فهد خلف الهاروني - المدينة المنورة
من المعالم البارزة المسجد النبوي الشريف “محراب الإمام”، وهو موضع صلاة الإمام، ويُسمى المحراب النبوي، ويقع هذا المحراب في الروضة الشريفة على يسار المنبر النبوي, يُستدل به على القبلة، ويقوم فيه إمام المسجد النبوي ليصلي بالمسلمين ، ومن المعلوم أن النبي ﷺ، صلى إلى بيت المقدس ستة عشر، أو سبعة عشر شهراً بعد هجرته من مكة إلى المدينة، ففي الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ “كَانَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ المَدِينَةَ نَزَلَ عَلَى أَجْدَادِهِ، أَوْ قَالَ أَخْوَالِهِ مِنَ الأَنْصَارِ، وَأَنَّهُ صَلَّى قِبَلَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا”، وقد كان مُصلاه آنذاك في نهاية المسجد من الشمال مقابل باب عثمان بن عفان رضي الله عنه ، ثم أمره الله تعالى بالتحول إلى الكعبة، كما في قوله تعالى: [[ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ]] ، فتحول ﷺ بعد ذلك وجعل قبلته إلى الكعبة، فغيَّر موقع مُصلاه ﷺ من شماليِّ المسجد النبوي إلى جنوبيِّه وصلى بضعة عشر يوماً إلى أسطوانة عائشة أم المؤمنين ، ثم تقدَّم ﷺ بعد ذلك إلى مُصَلاَّه الأخير الذي استقرَّ عليه بالقرب من الأسطوانة المعروفة بالمخلّقة، بينه وبين المنبر الشريف أربعة عشر ذراعاً وشبراً، وبينه وبين جدار الحجرة الشريفة ثمانية وثلاثين ذراعاً، وبينه وبين جدار القِبْلَة ممر الشاة ، ونُسب هذا المحراب للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لوقوعه بالقرب من المكان الذي كان يصلي فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أن المحراب لم يكن مبنياً بناءً يُميِّزه عن سائر أجزاء المسجد النبوي، وإنّما كان النبي صلى الله عليه وسلم يداوم الوقوف في هذا المكان يؤمُّ المسلمين حتى وفاته، ويجعل جدار المسجد النبوي سترة له ﷺ ، واستمر الأمر على ما هو عليه حتى بناه عمر بن عبدالعزيز حينما كان أميراً على المدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك بأمر منه عام 88 – 91هـ ، وقال السمهودي: “ولم يكن للمسجد محراب في عهده صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء بعده حتى اتخذه عمر بن عبدالعزيز في عمارة الوليد واحتاط في أمره، وقال البُجَيْرَمِيّ الشافعي: “ولم يكن في زمنه ﷺ، والخلفاء بعده ـ إلى آخر المئة الأولى ـ محراب وإنما حدثت المحاريب في أول المئة الثانية” ، وقد تعاقب خلفاء المسلمين على الاهتمام بجميع المعالم النبوية والتاريخية بمسجده الشريف، وفي عهد الدولة السعودية، منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز وأبنائه الملوك من بعده، أولوا المسجد النبوي جل العناية والاهتمام، وبذلوا الكثير في عمارته، خدمةً للإسلام والمسلمين.