الحياة أنثى
حتى في حروف اللغة اختارت الحياة أن تكون أنثى.
شاحنة "ليا"للأزياء المتنقلة قصة قرأتها ونقلتها لكم بتصرف لفتاة اسمها "ليالي" امرأة من واشنطن أدركت هذا المعنى في الحياة وخرجت إلى سكان وزوار العاصمة الفيدرالية بفكرة لم تكن العيون معتادة على رؤيتها، وبالنسبة للبعض يصعب حتى تصديقها والتعامل معها.
كانت الفتاة اليافعة في ذلك الزمن من تعليمها الجامعي تؤمن أكثر بأن مستقبلها ليس في وظيفة حكومية حتى لو كانت في مؤسسة فيدرالية في قلب العاصمة واشنطن، فالمستقبل تراه الإفريقية الأميركية في مشروع تجاري تطلقه بأموالها الخاصة حتى وهي لا تملك المال الكافي لذلك.
فوجدت مصالح البريد تضع واحدة من شاحناتها لحمل الرسائل والطرود للبيع في مزاد علني بسعر بدا لها أنه مغر جدا وهو الأمر الذي دفع ببريق فكرة لماعة إلى ذهنها في تلك اللحظة.
بدأت إجراءات الاتصال بالجهة المنظمة لتعرف موعد بيع الشاحنة وكان الحصول عليها و بأي سعر يستقر عليه المزاد أسمى غاياتها في تلك اللحظة وكان لها ما أرادت.
اختارت المرأة أن تخوض تجربة مختلفة في المدينة وهي أن تحول شاحنة البريد السابقة إلى محل متنقل لبيع أزياء النساء في واشنطن.
الفكرة براقة وغير مسبوقة وربما مجنونة في شوارع العاصمة الفيدرالية حيث تعود زوار وسكان واشنطن على رؤية شاحنات بيع المأكولات والمشروبات وحتى التذكارات من المدينة لكن أن يجد الناس في طريقهم وفي شوارعهم شاحنة متنقلة لبيع أزياء النساء ففي ذلك ما يثير الغرابة بالنسبة للسكان وللزوار على حد سواء .
هذا هو الإبداع الذي كانت تنشده المرأة وهي تريد أن تدخل عالم التجارة والأعمال.
إنها تقدم للناس فكرة جديدة، وكثير من الناس يستهويه الإبداع في الأفكار أكثر مما يستهويه العمل المقدم.
كانت هذه هي القناعة التي سكنت تفكير (ليا) وهي تدخل مغامرتها المحسوبة الخطوات بعناية فائقة هذه المرة. اختارت اللون البني الفاتح وهو لون محبب إلى قلوب النساء كما تقول، واختارت الخط المميز لكتابة اسم محلها التجاري بالخط العريض وباللون الأسود.
كان الصباح في ذلك اليوم الخريفي في منتهى النعومة.. والخريف يزين واشنطن بأوراقه الغارقة في الاصفرار.
وهي تفتح أبواب شاحنتها الخلفية تقول (ليا) إنها اختارت في الوقت ذاته أن تفتح ذراعيها لكل القادمات إليها وأن تجعل من مساحة الشاحنة مساحة محبة عميقة بينها وبين كل زبوناتها.
مضى الخريف والفكرة تجد الكثير من الرواج، والفضول يدفع كثيرا من الزبونات إلى اعتلاء شاحنة ليا والاطلاع على ما بداخلها وإبداء الإعجاب بالجرأة في الفكرة والخروج عن المألوف في تجسيد مشروعها.
السنة الأولى تقول عنها ليا إنها حققت لها أكثر مما توقعت من الأرباح. وهي تخوض سنتها الثانية استطاعت المرأة اليافعة بقليل من المال أن تلهم ثمان نساء أخريات في مدن منطقة واشنطن الكبرى في أن يحذين حذوها ويصنعن طريق الحلم بأيديهن وبوسائل محدودة في طريق حلم كبير بدأ صغيرا لكنها لا تفقد إيمانها أنه سيكبر يوما وسيحقق أحلامها في النجاح في عالم الأعمال.
سنتان من عمر المشروع، وليا وشاحنتها أصبحتا وجهين مألوفين في العاصمة واشنطن، وهناك كثير من زوار المدينة من داخل أميركا ومن خارجها يجدون في شاحنة ليا مكانا لائقا لأخد صورة تذكارية كواحد من معالم المدينة.
إن حلمها يتحقق في صورته الأولى وإنها تريد لهذا الاختلاف في عملها أن يكون قاعدة لنجاح كبير تتمناه لاحقا.
إنها تؤمن بالتجديد في الحياة، لذلك فهي تعرض على زبائنها كل أسبوع سلعا جديدة وفي كل مكان تعبره تعرض عليهم أدوات زينة جديدة، وهي في ذلك كله تقول إنها تؤمن بقوة الجمال في صناعة الحياة وفي قدرة ذلك الجمال الذي تريده على أن يجعل كل شيء من حولنا يظهر لنا بصورة مختلفة.
لم يتوقف النساء الزائرات للشاحنة عن إبداء الدهشة من الجرأة في تفكير ليا ولم يتوقفن عن النطق بكلمات الثناء والاعتراف بأنهن بصدد التعامل مع فكرة جديدة وغير مألوفة في حياتهن ومدينتهن.
الحياة أنثى؛ كلمة طرقت مسامعي، أيقظت لدي الرغبة في التغيير والتجديد والبحث عن الفرصة مهما كانت في نظرك مستحيلة أو غير ممكنة أو تحتاج إلى الكثير من المال ..
إن الثروة الحقيقية هي فيما تعرفينه عن نفسك وماتراهنين على تحقيقه وما تملكين من مواهب قابلة للتطوير والتغيير والتنفيذ في أي وقت ..
أنت وحدك من يملك تلك الموهبة ومن يؤمن بها ومن ستكبر على يديه يوماً بعد يوم.
قبل الوداع:
"المرأة هي الوطن الأول لأية حياة"
بقلم: فاطمة الجباري
التعليقات 9
9 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
سامية المطيري
18/03/2021 في 11:56 م[3] رابط التعليق
بااجمل وارق الكلمات لصاحبة الذوق والكلام الانيق كااناقتك رائع كروعتك فاانتي منبع الملمات يامدرسة الاخلاق والملام الجميل لله درك استاذتي
(0)
(0)
عمشاء السهلي
19/03/2021 في 11:46 ص[3] رابط التعليق
نعم المرأة هي الوطن الأول لأية حياة❤️كلام رائع 💞💞
(0)
(0)
زينب عقلان
19/03/2021 في 5:01 م[3] رابط التعليق
لا أعلم ماهو الوصف الذي تستحقه هذه التغريده غير أني اجد ما اصف به صاحبة القلم الذي رسم وإبداع تلك الكلمات أنها سلسلة من الذوق والتفوق الذي يلامس شغاف القلب ويملأ الإحساس بالأدب العربي ومكنونات اللغة ابدعتي استاذه فاطمه بل أكثر سلم اليراع وصاحبه⚘⚘⚘
أ. زينب عقلان .
(0)
(1)
فاطمة الأحمد
19/03/2021 في 7:19 م[3] رابط التعليق
فعلا وماالحياة بلا إمرأة ؟؟؟ سلّمك الله يانصيرة المرأة ومنصفتها في كل محفل 💕
(0)
(0)
غادة السحيمي
19/03/2021 في 7:20 م[3] رابط التعليق
من جسد أمهاتنا نبدأ رحلتنا الأولى إلى هذا العالم
وفي مراحل حياتنا المتعددة يبقى حضور المرأة هو ما يجعل الحياة وطنًا
حدود جغرافية وإن لم ترى كل الجهات منها
إلا أنها ليست مجهولة
قد تسمع منها رأي بخل عليك به مجتمعك
قد تمنحك طريق الوصول إلى الذهب
الطريق معها لا يتوقف
الطريق معها مفتوح على مصرعيه من الجمال وابداعات العطاء والفكر
أنا من الآن ومن هذه السطور
سأشعل لها الشموع
سوف أقول لها
أيتها المرأة العظيمة
أنت كل شيء واساس كل شئ
فأنت ِ لغة لا بد أن نعرف معاجمها وقواميسها
مـــــــــــعجم مليئ بترجمات العطاء والإبداع
(0)
(0)
مزنه البقمي
20/03/2021 في 1:49 م[3] رابط التعليق
في كل مره أقراء تغاريد انثى اتعجب كيف أن سقف الأبداع يزداد علواً ويصبح أكثر روعة وجمال شكراً أستاذه فاطمه 💖
(0)
(0)
أ/ فيروز العتيبي
20/03/2021 في 4:04 م[3] رابط التعليق
أحسنت وأبدعت وأسهبت فأمتعت …
عرض رائع واسلوب جميل يحلق بك في سماء اإبداع إلى الامام يامبدغة .
(0)
(0)
نوف الدويش
21/03/2021 في 11:25 ص[3] رابط التعليق
روح الحياة هي المرأة…
سلمت أناملك وحروفك القيمة كاتبتنا الرائعة🌺
(0)
(0)
وفاء شويكان
25/03/2021 في 9:33 ص[3] رابط التعليق
قصة تحفيزية من الدرجة الأولى
انتقاء رائع من أستاذة أروع 💕💕
سلمت أناملك أ.فاطمة
(0)
(0)