من الطائف من قرى بني سعد بحصونها التاريخية و بطون أوديتها المتشعبة وعلى امتداد قرىً منثورة كعقد لؤلؤ تزين جبال السروات.. لم تعرف أرض الورد أرض الاراك والخزامى أنها ولرقة ماتحمل أرضها ستنجب غولاً.. غُولَ مفردةٍ وكلمةٍ وابداع..
كاتب وضع كلتا يداه على صلصال ساخن غمسهما فيه حتى المرفقين ليخرج لنا منحوتات لغة لاتشبه غيره..
قدرة التفرد بأساليب ومضامين تشبه إلى حد كبير مكنة جذب لكل من يقرأ له.. بلغة رغم عبقريتها الفذَّه لا صنعة فيها ولا تكلُّف..!
ضيف الرأي لهذا اليوم هو الاستاذ: “ضيف فهد”
س١/ سنة ٢٠١١ في نادي الجوف الادبي قمت بشنّ هجوم على كتّاب الرواية السعوديين وصفتهم بالبلداء..كيف تصف لنا مشهد الحراك الروائي السعودي الآن وهل تغيرت نظرتك..؟
أم أن ردك لمجرد الحط فقط من قيمة الرواية السعودية؟..
ج/ لا أنا لم أصف كتاب الرواية السعودية تحديدا بهذا الوصف، أنا وصفت الاشتغال الروائي نفسه، وأقصد الجانب الدلالي لمفردة “بلادة” الذي يشير إلى ركود الذهن، وقلة تفاعله مع الحياة نفسها، ولا زلت أرى، وبالرغم من شعوري الآن بأنه كان هناك مبالغة في الوصف، لا زلت أرى ان العمل على الرواية، يحتاج إلى انقطاع ذهني، ومشاعري، طويل، والانصراف عن أي تفاعل مع، أو في الحياة، لما تتطلبه الرواية من صبر، وجهد، وتركيز..
أما بالنسبة للحراك الروائي السعودي فهو في أوج التألق والحضور، على مستوى الإنتاج، والقراءة، والمنافسة، والدليل على ذك فوز أكثر من روائي سعودي بجائزة البوكر العربية.
س٢/ قلت أن كتابة الرواية للكهول في وقت أنجز فيه أهم الروائيين في الأدب العالمي اعظم انجازاتهم بعمر صغير امثال مارسيل بروست ، تشيخوف ، نجيب محفوظ ،الياس خوري غسان كنفاني وغيرهم ..
تعليقك؟
ج/ لا أظن ان أهم الروائيين قدموا أعظم إنجازاتهم في سن صغير، لكن وعلى العموم، عندما ذكرت أن الرواية كتابة للكهول، كنت أقصد الامر من جهتين، الجهة الأولى أن الرواية تحتاج إلى مخزون من المعرفة، والتجارب، والدراية، قل ما يتوفر مثلها للشباب، والجهة الأخرى، ان الرواية عمل طويل، ويحتاج إلى تفرغ شبه كامل أثناء الكتابة، وانقطاع طويل لها، وهذا الأمر لا يتوافق مع طبيعة الشباب الميالة للحركة، والتفاعل مع الحياة. لذا أجد أن النص المتوافق مع هذه الطبيعة هو النص الشعري، أو نص القصة القصيرة. على أن الأمر ليس في حكم الإلزام ولا القاعدة، فهناك كتاب رواية شباب كتبوا روايات في غاية الاتقان وهم في سن صغيرة، على سبيل المثال الروائي السعودي: محمد علوان.
س٣/ في لحظة خراب الأوطان وسقوط القيم أو لحظة هلاك جماعي في اليابسة والبحر، ماذا على الأديب أن يكتب؟
ماذا عليه أن يقول وبم ينشغل الكتَّاب والأُدباء والشُعراء لحظة جريمة عالمية راهنة بحق الانسانية أولاً..
وكيف يميز الكاتب موقفه وصوته عن بقية اللاعبين باللغة والكتابة والتعبير..؟
ج/ عليه أن ينقذ نفسه أولا، اظن دور الكتابة هي منع الخراب، لكن، ويما أنه قد حدث، أو في طور الحدوث، فأظن الكتابة هي آخر ما ينتظره أحد. ودائما الحق، والصدق، والجمال هي الكليات التي يجب أن يحرص عليها أي إنسان، وبصرف النظر عن الدور الإنقاذي الذي من الممكن انتظاره من الكتابة، والتي لا اجد أنها تستطيع القيام به في وسط مثل هذه الاضطراب الكوني الشامل، إلا أنه على الكاتب على الأقل أن يحافظ على الحد الأدنى من هذه الكليات.
س٤/ هناك أدباء وشعراء يكتبون بغزارة واستسهال حد الأذى
تجدهم في الرواية وفي الشعر وفي النقد أيضاً مايخلق تمزقاً فنياً لديهم لعدم تحديد الهدف !
هل تجدها برأيك لياقة أدبية و غزارة انتاج..! أو تمرد محتوى يحتاج الى ضبط..!؟
ج/ أجد أنه، في الغالب، قل ما ينجح أحد في الوصول إلى معادلة منضبطة بين الغزارة، والجودة، إذ أن أحدهما ولا بد سوف يطغى على الآخر، إلا في أمثلة نادرة. ما هو الدافع للغزارة؟ لا أعرف، ولا حتى أعرف الهدف منها، ربما هو ميل لتكريس حضور حتى ولو على سبيل الجودة.. ما أشاهده من بعض (الغزيرين) لا يدل على لياقة من أي نوع.
س٥/ ألا ترى أن تعدد الجوائز في نفس السنة قد يخلق نوعاً من الفوضى بإنتاج نفس الجنس الأدبي مايسهم أيضاً في جعل الرواية كتابة تحت الطلب ؟.. ألا يحتاج المشهد إلى تسوية وضبط حتى يستقيم الأمر في سياقه؟؟
ج/ الكتابة من أجل الجائزة؟!.. فكرة غريبة الحق. لكن لا أظن أن هناك غزارة في الجوائز العربية للرواية قد يؤدي إلى مثل هذه النتائج.
س٦/ هل وصل النقد الروائي بمنظوره العام لنجاحات معرفية في طريقة اشتغاله جعلت الأوساط العربية تلتفت لأهمية جنس الرواية؟
ج/ لا، لم يكن للفعل النقدي في أي لحظة من لحظاته مثل هذا الدور الخطير والمؤثر فيما يخص شقه الأدبي، والروائي بوجه خاص، الأوساط (القرائية) العربية التفتت إلى الرواية ليس تحت تحريض نقدي، إنما لأن القراء اكتشفوا أن هناك متعة قرائية في النص الروائي.
س٧/ كسر تويتر هيمنة الصوت الواحد، في عصر الجماهير الغفيرة يتساوى فيه الشعبي والرسمي الذائقة المثقفه والذائقه الفطريه حشد له القدرة في رفع شأن فردٍ والخسف بآخر حيث لايعترف بالكلمه النهائيه هل كان لهذا الخلط والزخم إسهاماً في خروج مبدعين ومفكرين أمثالك؟
ج/ هذا الزخم أبعد ما يكون عن قدرة إخراج مفكرين أمثالي، أو غير أمثالي، في هذه الفوضى الكلامية، واللحظية، لا يمكن تخلق أصوات مبدعة حقيقيقة، إذ في هذا النهر الجارف يمر الجيد بنفس سرعة مرور السيء، ولا وقت للانتباه لاحد. أقول هذا مقارنة بما كان يحدث في المنتديات الأدبية، أو المدونات مثلا، ربما جل ما تستطيع صنعه في تويتر هو أن تخلق لك قائمة نوعية تتابعهم، وتكون سعيدا بشكل لحظي، بأفكارهم الجيدة اللحظية، لا أكثر ولا أقل.
س٨/ في قضايا إجتماعية وإنسانية وسياسية هل بات الطائر الأزرق تويتر مطرقة محكمة نافذة إزاء مشكلات مفصليه هل تجده أكثر حزماً وسرعة في الفض والحل؟
(هل صرنا مجتمعات تتمتع بسلطة الوعي)؟
ج/ ربما في هذا الجانب أثبت تويتر قدرته على تشكيل أصواتا جمعية تدفع بالقضية المتبناة إلى حيز النور. لكن أن يتحول المجتمع إلى مجتمع يتمتع (بسلطة الوعي) وإن كنت لم أفهم بالتحديد القصد بمثل هذا التوصيف، ولكن على حد ما فهمت، أظن أن تشكل وعيا جمعيا يحتاج إلى أدوات اكثر عمقا وحضورا من وسيلة تواصل مثل تويتر.
س٩/ قال عبدالله السفر عبر عكاظ عن مجموعتك القصصية
جدار على امتداد العالم:
“أن ضيف فهد ينفذ إلى الكلمة يضربُ صلابتها يلينها، يعوم ليس في المفهوم والتجريد إنّما في الحسّ نازلاً في التأمّل”.
خلقت للجمهور حالات اضطرابِ وتيه أحدَثَت مفارقةً حسية جعلت من خلالها القارىء تحت تأثير جرعات ذهنية ممتعة وممتدة..
كل هذا الجبروت والتمكن لايغري لكتابة رواية..؟
ج/ دائما ما أجد أن كلمات الأستاذ عبدالله السفر كلمات داعمة ومؤثرة ومشجعة لي، ولجيل كامل من كتاب اهتم بهم الأستاذ عبدالله، وتابع انتاجهم بحرص واهتمام، هذا من جهة..
أما من جهة الإغراء بكتابة رواية، لا أجد أن الموضوع يحتاج لمثل هذا الشيء، أنا أكتب في حقل القصة القصيرة، وهو نوع إبداعي مهم وجميل، ولا اجد أنه من الضروري الانتقال إلى حقل الرواية. لا أستطيع تفسير ذلك الفهم الذي يجد أن الرواية هي النوع النهائي الذي يجب أن يصل له أي كاتب.
س١٠/ يقول نزار قبَّاني الحب في الأَرضِ بعضٌ من تخيُّلنا
لو لم نَجدْهُ عليها لاَخْترعناهُ”..
كيف يخدم الحب متخيل الكتابة لديك؟
ج/ الحب بشكله الكلي، حب الحياة، والناس، والأشياء، هو ما يساعدني دائما وأبدا على الكتابة، حب الكتابة مثلا هو ما يجعلني استمر فيها، فالحب، بهذا الوصف، هو كل ما أمتلكه من خيال.
س١١/ الروايات المصرية كان لها دور كبير في تشكيل ذائقتك القرائية كما أسلفت بإحدى لقاءاتك مع أ.علي فايع وأكملت بأنك وجدتهم “يقيمون على ضفاف الشط الروائي ولم يسبروا غوره”.. مخالفي رأيك سيقولون أن الروايات المصرية تحديداً تناولت قضايا اجتماعية كثيرة كانت من المسكوت عنه بأدق التفاصيل والجرأة معاً و بلغة فخمه وصبغة فاخرة تميز فيها الأدب المصري عن غيره ولا زال متفوقاً فيه على المستوى العربيّ.. ما ردك..؟
ج/ لا زلت، وبالرغم من اعترافي بوجود كتاب رواية مصريين وعرب عظماء، ومؤثرين في مجمل التاريخ القرائي للقارئ العربي، إلا أن (صنف الرواية) ليس صنف كتابة عربية، هذا فن إبداعي مستورد، قد ننجح فيه إلى درجة معينة، لكن ليس كنجاح مبتكريه الأصليين.
س١٢/ في القراءة تدريبُ انفتاح على المختلف تناقش المقروء تحاوره، وتلتحم به مالكتاب الذي إئتلفت معه وخرجت بثراء فكري ضخم إستحق جهد القراءة؟
ج/ كل ما قرأت، من قصة: الأسد والثعبان، في الصف الثاني الابتدائي، إلى آخر كتاب قرأته اليوم.
س١٣/ الكتابة باشتهائها منذ الوعي الأول هل طبعت في ذهنك رغبة أَن تصبح شيئاً ما..! شيئاً اعتبارياً كما أنت الآن ؟
ج/ لا، أبدا، ولا مرة، كل ما حدث لي من نشر، وقبول أستطيع القول أنه جيد من القراء، تم مصادفة، دون قصد، ولا رغبة ملحة
س١٤/ صفحه أو نص أو عبارة هي الأقرب إلى نفس الضيف فهد من مجموعتيك القصصية “على امتداد جدار العالم” و “مخلوقات الأب”؟ ماذا ترشح..؟
ج/ من قصة: الغنيمة، من مجموعة: مخلوقات الأب..
“عندما ثقب جسده، وغرس به طرف الغصن الجاف، كان يفكر وهو يتابع الذي ينز من الحواف التي تحيط بقاعدة الغصن، كيف من الممكن ألا يغنمه الرمل..”.