من زاوية موقف الرئيس بايدن ضد السعودية جاءت مسرحية دموع الجاسوس، ولا جديد، ولا غرابة، فالجاسوس الجبري فاسد وسارق وعضو بتيار إرهابي، والرئيس جو بايدن كثير من سياساته رديئة، وأيضاً لا جديد، وسيذهب الرئيس ويأتي الرئيس، وهاهي مرحلة بايدن تمر كالسحاب، لكن المعيب والفضيحة أن دولة صديقة بحجم الولايات المتحدة تزرع الجبري كجاسوس متواطئ مع الإرهاب وسارق للثروة وهو برتبة وزير ويعمل بالأمن في بلاده التي هي صديق موثوق لم يبخل يومًا بتقديم المعلومات لواشنطن لأجل مساعدتها في حماية مجتمعها من الإرهاب، هذا تصرف مستهجن وتوجه عدائي حقير يرفضه كل مواطن بالمملكة.
ولو كان تجنيد هذا الفاسد مقتصرًا على التجسس المعلوماتي والتنصت مثلًا كما فعلوا مع مستشارة المانيا السيدة ميركل لربما تم إنهاء الموضوع وديًا بعد إنكشافه مباشرةً، لكن الأمر يتجاوز زراعة جاسوس خائن لوطنه، إلى تغطية نهبه لمليارات الدولارات المخصصة لمحاربة الإرهاب! بالتزامن مع نشاط إرهابي وتفجيرات خطيرة ضربت بعض مناطق المملكة، ويبدو أن ذلك كله كان بعلم من جنّده وأشرف على عملية تهريبه. ومع تفوق المملكة في مواجهة الإرهاب لكن المجتمع السعودي لاحظ أن الخطر الداعشي والقاعدي والإخواني اضمحل سريعاً محلياً بمجرد كشف هذا الجاسوس وإطاحته كمشروع إرهابي كبير وإطاحة الخلايا الأخرى المرتبطة!. هكذا قرأنا واستنتجنا أو على الأقل هذا رأي المتحدث في ظل انعدام للمعلومات الرسمية عدا ماتم إعلانه بالأرقام عن حجم سرقات الجاسوس من الأموال.
ومن حق المواطن أن يقرأ ويستنتج، ولا يوجد غير الدولة السعودية أحد يمتلك الحقائق وتفاصيل جرائم شبكة الجاسوس الجبري وارتباطاته بمؤسسات سياسية وأمنية بالولايات المتحدة الأمريكية وغيرها، ومع ذلك لم يتحدث اي مسؤول بالمملكة بكلمة واحدة عن الجبري كجاسوس يتبع لمخابرات أجنبية صديقة ومعادية، وبقيت الدولة تتعامل مع الملف من زاوية قانونية تتعلق بموظف كبير استغل مناصبه الحساسة وقام بنهب الأموال العامة وإلحاق الضرر بالأمن الوطني، ثم هرب أو هُرِّب للخارج لإخفاء بقية سيناريو الفضيحة، هكذا فهمنا. ولم يعد تجنيد الجاسوس الجبري واستغلاله أمر مجهول لدى المواطن السعودي بعد انكشافه واستخدامه من قِبل الرئيس بايدن وحزبه لأهداف سياسية مخزية عبر فبركات إعلامية تنم عن عقلية الخواجة الذي لا يزال يعتقد أن أساليب الترهيب ستحقق مايريدون لإضعاف بلادنا وجرح سيادتها وعرقلة نموها.
باختصار وعن قناعة شخصية، الأصدقاء زرعوا الجبري الخائن كجاسوس لهم واستثمروه طويلاً لتسيير حركة الإرهاب داخل المملكة ولمعرفة خطط مواجهته ومن ثم التأثير عليها، وصولاً إلى سرقة مليارات الدولارات التي خٌصصت أصلاً للحرب على الإرهاب، ولكن بعد أن رصدت أجهزة الدولة هذا الجاسوس الخطير وتتبعت خطواته، عندها علمت اجهزة الأصدقاء أن السعوديين اكتشفوا الأمر، فقاموا سريعاً بتهريب الجاسوس وحمايته ثم استخدامه بشكل علني ضد المملكة وهاهم يفعلون!. هذه ليست معلومات عبر هذا المقال أبداً، بل هذا هو الفهم المنطقي للقصة بناءً على سياقها العام وعطفاً على من يؤيد الجاسوس حالياً ويبرزه كضحية من خلال مسرحيات إعلامية سَمِجة. وسيفشلون بعون الله. ويبقى الأخطر المقلق هو أي سيناريو متهور آخر محتمل من خلال تجنيد جاسوس مختلف، مؤدلج ومُدرّب، وليس هدفه سرقة الأموال هذه المرة بل مرافقة الحور العين من خلال تنفيذ اغتيالات لمسؤولين، هذا احتمال خطير يجب توقعه والحذر منه. يبدو صدر فخامة الرئيس بايدن لا يزال به كمية حنق شديدة الانفجار نأمل أن يوجهها للضغط على الإرهاب وليس ضد السعودية.
عبدالله غانم القحطاني
لواء طيار ركن متقاعد / باحث دراسات أمنية واستراتيجية