الغربة هي أن تطرق باباً كنت تملك يوماً مفتاحه..
أن تسافر إلى عالم بعيد .. وأنت معهم ..
أن تشعر بالوحدة وأنت بين من كنت تعتقد أنهم أهلك وأحبابك وأصدقاؤك..
أن تغمض عينيك عن رؤية مايزعجك وتصم أذنيك عن سماع مايكدر خاطرك..
أن تكون مستمعاً دائماً للمتحدثين ..
أن تبتسم في الوقت الذي تريد فيه البكاء..
أن تصمت وداخلك ضجيج يعبث بهدوئك..
حين نتحدث عن الغربة فنحن نتحدث عن غربة الذات التي فقدت الشعور بأهميتها وقيمة وجودها في الحياة ..
غربة تأخذك إلى نهاية مجهولة لاتعرف متى ؟
ولا كيف ؟
تشعر بأنها تقودك إلى طريق مجهول..
غربةً اختيارية تمهيداً لرحيل وابتعاد عن حلم لم يعد لديك القدرة على تحقيقه؛ أو عن مكان غادره الدفء والحب..
أن تبتعد عن كل الناس الذين لايشبهونك ولم تعد تستطيع مجاراتهم ولاحتى النظر في وجوههم..
الغربة ليس شرطاً أن تكون غربة الأوطان
فغربة الأرواح أقسى وامر ..
غربة أوجدتها الظروف ومحطات الحياة،وقسوة البشر..
الآن تحديداً جاء الوقت الذي يجعلك تنتقي وتنتقي وتنتقي وبعناية فائقة المعارف والأصدقاء فلم يعد لديك وقت لتهدره على من يكون سبباً في حرق دمك وقتل فرحك وسلب سعادتك وانتزاع يومك وضياع وقتك ..
غربة الأرواح الحالمة المسالمة التي هزتها الصدمات لتفيق من سباتها لتلتفت يمنة ويسرة إلى من بالقرب ومن بالجوار ..
ومن يجب أن ننسى اسمه ونطوي صفحته من حياتنا للأبد..
غربة الأرواح صنعت منا أشخاصاً أكثر صلابة ؛أكتفينا بخالقنا قبل أنفسنا لنعيد لقلوبنا نبض الشعور بالكلمات الصادقة والمواقف الحقيقية..
أكتفينا بالله وحده عن التعلق بالعلاقات المزيفة الكل يمل من سماع حكاياتك مع الحياة والناس ..
والبعض يشفق عليك والبعض يشمت بك ووحده الله من يعرف صدق كلماتك ودعواتك وسؤالك في قوله تعالى:( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء )
غربة الأرواح في الابتعاد عن الخلق والتعلق بالخالق ..
غربة الأرواح في الخلوات مع الله ومناجاة الله وطلب العون من الله واللجوء إليه تضرعاً وخفيه قال تعالي:( ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين )
غربة الأرواح سلوى المؤمن وبسمة المحزون الحمد لله أن جعلنا مسلمين..
نخبو ونعود نفتر وننشط تتقاذفنا المغريات وتتنازعنا الأهواء وتتجاذبنا الملهيات فتحرق قلوبنا الحسرات على مافرطنا في جنب الله ونجدد العهد بالله..
في سجدة ننفض غبار المعاصي بدموعنا فتحيا قلوبنا من جديد..
قبل الوداع :
وصف الكاتب حمد الحمادي غربة الأرواح بهذه الكلمات ..
"وأي غربة أشد من غربة المشاعر، فغربة الأوطان تهون بأمل العودة، وغربة الأهل تهون بأمل اللقاء، أما غربة المشاعر فتبقى سارية كلما حاولنا إبعادها إن لم نكن نعرف أبعادها ، غربة المشاعر تجعلنا مشتتين بين التجاهل الذي نحاول فرضه وبين المشاعر التي تأبى مغادرة قلوبنا، وتجعلنا نحمل قلوبنا ما لا طاقة لها به، بل قد تسلب من قلوبنا كل طاقاتها فتجعلها منهكة لا تمارس إلا النبض على الجانب الأيسر منا"
بقلم : فاطمة الجباري
التعليقات 1
1 pings
يارب رضاك والجنه
16/04/2022 في 3:08 م[3] رابط التعليق
–
لا بُدَّ أن تمر عليك ابتلاءات وامتحانات من الله تبين هل أنت صادق في إيمانك، ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُوا۟ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ مِنكُمْ ﴾
الدنيا دار ابتلاء الحمدالله على كل حال
(0)
(0)