اوضح المهندس محمد شوكت عودة مدير مركز الفلك الدولي عضو منظمة الشهب الدولية أن علماء وهواة الفلك يستعدون لرصد زخة الشهب الأكثر شعبية في السنة، وتسمى زخة شهب “البرشاويات”، نسبة إلى المجموعة النجمية “برشاوس”، والمذنب المسبب لهذه الزخة الشهابية يسمى “سويفت تتل”، وهو يدور حول الشمس مرة واحدة كل 133 سنة، وتبدأ الشهب التابعة لهذه الزخة بالسقوط نحو الأرض أثناء مرور الأرض في الحزام الغباري للمذنب، وهو يحدث كل سنة خلال الفترة الممتدة من 17 يوليو وحتى 24 أغسطس، ويزداد عدد الشهب عندما تعبر الأرض أكثف منطقة في الحزام الغباري، وهذه الفترة تكون كل سنة ما بين 11 و14 أغسطس. وتعتبر هذه السنة مناسبة لمنطقتنا لرؤية شهب “البرشاويات” نظرا لإضاءة القمر المحدودة وقت الذروة ولأن موعد الذروة يعتبر جيدا نوعا ما بالنسبة للمنطقة العربية.
وفي هذه السنة تشير التوقعات الفلكية إلى أن الذروة التقليدية لزخة شهب البرشاويات ستحدث يوم الإثنين 12 أغسطس ما بين الساعة 01 ظهرا و04 مساء بتوقيت غرينتش، وتشير التوقعات أيضا أن الأرض ستعبر خمس مناطق كثيفة بالحبيبات الغبارية يوم الإثنين 12 أغسطس ما بين الساعة 04 و11 صباحا بتوقيت غرينتش. وهذه المواعيد تجعل كلا الليلتين؛ مساء الأحد 11 أغسطس ومساء الإثنين 12 أغسطس مناسبتين لرؤية هذه الشهب، مع تفضيل مساء الإثنين للمنطقة العربية ومناطق وسط وغرب العالم.
وتجدر الإشارة إلى أن زخة شهب البرشاويات شهدت خلال بعض السنوات الماضية ذروات أخرى غير الذروة التقليدية، حيث شهد عام 2021 ذروة أخرى يوم 14 أغسطس، وذلك بعد يوم ونصف من موعد الذروة التقليدية، وظهر حينها أكثر من 100 شهاب.
وعادة يرى وقت الذروة ما بين 50 إلى 75 شهابا في الساعة إن تم الرصد من مكان مظلم ومناسب، أما في حالة الرصد من الأماكن المضيئة داخل المدن أو الرصد في وقت بعيد عن ذروة الزخة فقد لا يرى الراصد أكثر من بضعة شهب فقط في أفضل الأحوال.
تشرق مجموعة “برشاوس” في هذه الفترة بحدود الساعة العاشرة مساء، وهذا يعني أن شهب “البرشاويات” تبدأ بالظهور بحدود الساعة العاشرة مساء، ولكن عددها يكون قليل جدا في هذا الوقت، وبمرور الوقت ستبدأ عدد الشهب بالازدياد لتصبح ملحوظة أكثر بعد منتصف الليل، وستزداد أكثر مع الاقتراب من موعد الفجر، ليكون الوقت قبل الفجر هو الأكثر مشاهدة للشهب بشكل عام. وبناء على ما ذكر، على المهتمين برؤية هذه الشهب الرصد من مكان مظلم بعيد عن إضاءة المدن ابتداء من قبيل منتصف الليل، وذلك ليلة الأحد على الإثنين وليلة الإثنين على الثلاثاء أيضا.
وتقع نقطة الإشعاع لهذا الزخة في جهة الشمال الشرقي بالقرب من مجموعة “برشاوس”، ونقطة الإشعاع هي نقطة وهمية تبدو جميع الشهب منطلقة منها، وعلى الرغم من أن الشهب تبدو منطلقة من هذه النقطة، إلا أن الشهب يمكن رؤيتها في أي مكان في السماء، ويفضل عادة النظر بعيدا حوالي 45 درجة عن نقطة الإشعاع، و45 درجة بعيدا عن الأفق.
والشهب عبارة عن حبيبات ترابية تدخل الغلاف الجوي الأرضي، فتنصهر وتتبخر نتيجة لاحتكاكها معه وتؤين جزء منه، ونتيجة لذلك نراها على شكل خط مضيء يتحرك بسرعة في السماء لمدة ثوان أو جزء من الثانية. ومن النادر أن يزيد قطر الشهاب عن قطر حبة التراب، حيث يتراوح قطر الشهاب ما بين 1 ملم إلى 1 سم فقط. وتبلغ سرعة الشهاب لدى دخوله الغلاف الجوي ما بين 11 إلى 72 كم في الثانية الواحدة. ويبدأ الشهاب بالظهور على ارتفاع 100 كم تقريبا عن سطح الأرض، ويبلغ عدد الشهب التي تسقط على الأرض بحوالي 100 مليون يوميا، معظمها لا يرى بالعين المجردة.
هذا ولا تشكل الشهب أي خطر على سطح الأرض إطلاقا حتى وإن كانت على شكل عاصفة، فجميع الشهب تتلاشى قبل وصولها إلى سطح الأرض، إلا أن هناك خطرا قد تشكله الحبيبات الترابية على الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، حيث قد تصل سرعة الشهاب إلى 72 كم في الثانية الواحدة (200 ضعف سرعة الصوت). واصطدام جسيم بهذه السرعة قطره أقل من قطر شعرة الإنسان بإمكانه تكوين شرارة كهربائية كفيلة بأن تعطل أجهزة القمر الصناعي الحساسة، وبالتالي إيقافه عن العمل. فعلى سبيل المثال تعطل قمر الاتصالات “أولومبوس” أثناء زخة شهب البرشاويات عام 1993 بسبب اصطدامه مع إحدى الحبيبات الترابية.