تواصل منطقة جازان مسيرة تطويرها بخطى واثقة نحو تحويل بنيتها التحتية إلى معالم حضرية متكاملة تعزز من جودة حياة المواطنين وزوار المنطقة. ولعل أبرز ملامح هذه التحولات هو ما يُعرف بـ “أنسنة الطرق”، وهو مفهوم يهدف إلى تحسين التجربة الإنسانية على الطرقات وجعلها أكثر وداً وراحة للمارة.
في قلب هذه الرؤية تأتي الواجهة البحرية لمدينة جازان، التي أصبحت بمثابة متنفس جديد لعشاق الطبيعة والبحر. بمياهها الزرقاء النقية وسواحلها الواسعة، تعد هذه الواجهة واحدة من أجمل معالم المنطقة، حيث يمكن للعائلات والأفراد الاستمتاع بأجواء هادئة ونظيفة، مع مرافق متكاملة تلبي احتياجات الجميع. ولم يقتصر التطوير على المشهد الطبيعي فقط، بل شملت البنية التحتية خدمات متعددة، من بينها باصات الخدمة التي تسهل التنقل بين مختلف أرجاء المدينة، مما يخفف من حدة الازدحام ويعزز من تجربة الزائرين في التنقل بين معالم المدينة بكل سلاسة ويسر.
إلى جانب الواجهة البحرية، تم إحداث نقلة نوعية على مستوى التجهيزات الرياضية، حيث تم إنشاء ممشى رياضي على طول الشواطئ. هذا الممشى لم يكن مجرد مضمار للجري والمشي، بل أصبح مساحة لاحتضان حياة صحية ومجتمعية، حيث يتجمع الناس في ساعات الصباح والمساء للتمرين والاسترخاء، محاطين بأصوات الأمواج ونسائم البحر الندية.
ولا يمكن الحديث عن هذا التحول دون الإشارة إلى الأماكن الترفيهية التي زينت جازان مؤخرًا. هذه الأماكن لا تُعد مجرد مساحات للترفيه، بل هي نقاط تجمع تشجع على التفاعل الاجتماعي وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع. من الحدائق العامة إلى مناطق الألعاب والمقاهي المطلة على البحر، وتعتبر الأماكن الترفيهية القلب النابض للمدينة، حيث لا تقتصر على ترفيه الأطفال فحسب، بل تشمل أيضًا الشباب والعائلات بأكملها. من المساحات الخضراء والملاعب إلى المنتزهات التي تحتضن العروض والأنشطة الترفيهية المتنوعة، أصبحت هذه الأماكن وجهة يقصدها الجميع لقضاء أوقات مرحة وممتعة. إنها مواقع تعزز الروابط الاجتماعية، وتدعو الناس للابتعاد عن ضجيج الحياة والانغماس في أجواء من المتعة والراحة.
بلمسة من الإبداع في التصميم والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، أصبحت جازان مدينة تجسد الفكرة الجميلة لأنسنة الطرق؛ حيث يشعر المارّة بالترحيب والراحة في كل زاوية، سواء على طول شواطئها البكر أو في طرقاتها المظللة بالأشجار.
إن هذا التحول الحضري ليس مجرد خطوة نحو التطور، بل هو وعد بمستقبل يعيش فيه الإنسان بتوازن وانسجام مع محيطه.
أنسنة الطرق في جازان لا تعني فقط تحسين البنية التحتية، بل إنها دعوة إلى إعادة اكتشاف جمال الحياة اليومية من خلال تفاعل الإنسان مع بيئته بطريقة أكثر إنسانية ووداً. هذه التحسينات ليست مجرد طلاء على سطح المدينة، بل هي نبض جديد يضفي على جازان روحاً معاصرة تواكب تطلعات أبنائها وزوارها. وهذه الجهود التطويرية تمثل جزءًا من تحقيق رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تهدف إلى تعزيز جودة الحياة في مختلف مناطق المملكة. إذ تُعد أنسنة الطرق في جازان نموذجاً حياً لهذه الرؤية الطموحة، حيث يجتمع الجمال الطبيعي مع التخطيط الحضري المتطور لخلق بيئة مريحة ومستدامة. من خلال هذه المبادرات، تسعى المملكة إلى الارتقاء بأسلوب الحياة، وتقديم مساحات عامة مفتوحة ومتاحة للجميع، تمثل الرفاهية والراحة في أدق تفاصيلها.