من بين أحلام الكتابة وأضواء الإعلام التي راودتها، وجدت الدكتورة نوفا الحمدي طريقها الخاص، طريقًا يحمل رسالة عميقة تنطلق من صحة الإنسان إلى رفاهية المجتمع. كطبيبة متخصصة في التغذية العلاجية، لم يكن شغفها مجرد اختيار أكاديمي، بل قصة إنسانية تُترجم إلى إنجازات ملموسة، ومبادرات تتخطى حدود التقليد لتلامس حياة الناس.
بابتسامة لا تخفي إصرارها، وبقلب ينبض بحب العطاء، استطاعت أن تجمع بين العلم والإلهام، وتحصد وسام الملك عبدالعزيز، كأحد أعظم تكريمات الوطن، ليكون شاهدًا على رحلة ملهمة أضاءت دروب الصحة والوعي في المجتمع السعودي.
وفي حديثها مع صحيفة الرأي قالت الدكتورة نوفا بأن “الصحة ليست مجرد أرقام على الميزان أو خيارات غذائية مؤقتة، بل هي أسلوب حياة يعكس علاقة الإنسان بذاته، ورغبته في بناء مستقبل أفضل لنفسه ولمن حوله.” وأضافت: “رسالتي دائمًا أن أجعل الناس يدركون قوة الغذاء في تحسين حياتهم؛ فالتغذية العلاجية ليست مجرد تخصص، بل أداة للتمكين والتغيير”.
بين الطموح العائلي والشغف الشخصي: قصة البداية
بدأت رحلة الدكتورة نوفا بعد الثانوية، حيث كانت تطمح لأن تصبح كاتبة أو مذيعة. إلا أن اختيار العائلة كان مختلفًا، حيث توجهت نحو دراسة الطب، لكنها استطاعت أن تجد لنفسها شغفًا عظيمًا داخل تخصص التغذية العلاجية. تقول الدكتورة نوفا: “تحول هذا التخصص من مجرد اختيار إلى شغف حقيقي أشعر به كل يوم، وأرى أثره في تحسين حياة الناس”.
وسام الملك عبدالعزيز: إنجاز يلهم المسيرة
حصولها على وسام الملك عبدالعزيز لم يكن مجرد تكريم بل شهادة على التزامها تجاه مجتمعها. تصف الدكتورة نوفا هذا الوسام بأنه أكبر إنجاز تفخر به، ودافع لاستمرارها في تحقيق المزيد من النجاحات المهنية.
السمنة في المجتمع السعودي: الأسباب والحلول
ترى الدكتورة نوفا أن العادات الغذائية غير الصحية تشكل أحد أبرز الأسباب وراء تفشي السمنة في المجتمع السعودي. وتشدد على أهمية مواجهة هذه الظاهرة من خلال تعزيز الوعي الصحي واعتماد أنماط غذائية متوازنة ومستمرة.
مبادرات فعّالة وتأثير ملموس
أطلقت الدكتورة نوفا العديد من المبادرات والفعاليات التثقيفية التي استهدفت مختلف فئات المجتمع، وأسهمت في رفع الوعي الغذائي بشكل ملحوظ. تؤكد أن “التحسن في وعي المجتمع تجاه التغذية السليمة أصبح ملموسًا، لكنه بحاجة إلى المزيد من العمل”.
دور الأسرة والمدارس: حجر الأساس في بناء جيل صحي
تؤمن الدكتورة نوفا بأن الأسرة هي القدوة الأولى للأطفال، ولها الدور الأكبر في غرس المفاهيم الصحية بطرق سلسة ومحببة للأطفال. كما دعت إلى تكامل جهود الأسر والمدارس لتعزيز الوعي الغذائي بين الأطفال، باعتباره أساسًا للوقاية من السمنة منذ الصغر.
شراكات مجتمعية تحقق النجاح
وأشادت نوفا الحمدي بالدور الكبير الذي تلعبه الجمعيات والمدارس في دعم مبادراتها، معربة عن أملها في توسيع شبكة الشراكات المجتمعية لتشمل مزيدًا من الجهات التي تؤمن بأهمية الصحة الوقائية.
التغذية العلاجية: مفتاح حياة أفضل للمصابين بالأمراض المزمنة
وصفت التغذية العلاجية قائلةً: بأنها “بيت الداء والدواء”، مؤكدة أن صحة الجهاز الهضمي هي البداية الحقيقية للسيطرة على الأمراض المزمنة المرتبطة بالسمنة.
تحديات وصعوبات: دروس في الصبر والإصرار
“لم تكن الطريق سهلة، فقد واجهتُ تحديات مثل قلة الوعي بالتغذية في بعض المناطق، والنظرة السطحية لهذا التخصص. كما تقول ” لكن بإصرارها وجهودها المستمرة، استطاعت التغلب على هذه العقبات وتحقيق تأثير إيجابي في حياة الكثيرين.
خطط مستقبلية ومبادرات واعدة
وتطمح نوفا إلى الاستمرار في إطلاق مبادرات مبتكرة وشراكات مجتمعية تسهم في رفع مستوى الوعي الغذائي في المملكة، مع تركيز خاص على الفئات الأكثر عرضة للأمراض المرتبطة بالسمنة.
مبادرة الجائزة الصحية: دعم الإبداع لتحسين الوعي
أعلنت الدكتورة نوفا مؤخرًا عن إطلاق جائزة بقيمة مئة ألف ريال لدعم المبادرات الصحية المبتكرة. تهدف هذه الجائزة إلى تشجيع الأفراد والجهات على المشاركة في تحسين الوعي الغذائي بالمجتمع. وقالت الدكتورة نوفا: “أتمنى أن تكون هذه المبادرة بداية إيجابية لتحفيز التغيير نحو أنماط حياة صحية ومستدامة”.
ختامًا :
الدكتورة نوفا الحمدي، برؤيتها المتميزة وطموحها المستمر، تظل نموذجًا يُحتذى به في مجال التغذية العلاجية، ومسيرة ملهمة لكل من يسعى لتحسين صحة المجتمع وبناء مستقبل أفضل.