في جزيرة فرسان ظاهر كونية يتابعها الكثير سنويا، وهي ظاهرة الانتحار الجماعي للسمك" الحريد" في منظر دراماتيكي لا يصدق، حيث يهرب السمك من البحر باتجاه الشاطئ للموت الجماعي، ولذا لا أبالغ إذا قلت أن الصحف السعودية الورقية شارفت على مرحلة " الحريد" وهي تمارس الانتحار الحالي باستمرار صدورها رغم تكاليف الورق والطباعة والالتزامات المالية الشهرية ومحدودية الإعلان والتسويق والتوزيع وانعدام المقروئية.
قد تصمد هذه الصحف بقية هذا العام لكن 2018 هو عام "الحريد" الفعلي للصحافة السعودية الورقية ومن الصعوبة صمود هذه الصحف حتى نهاية العام المقبل فالمؤشرات العالمية تقول أن أشهر وكبرى الصحف العالمية أغلقت طبعتها الورقية وسرحت 90% من كوادرها وخففت التزاماتها المالية لما يتجاوز 90% ، والصحف السعودية الورقية مجبرة على ذلك تلافيا لـ"الحريد" الذي سيزيدها وجعا ويجبرها على الانتحار في نهاية المطاف بعد فوات الفوت، وبعد وقوع فاس الزمن المتسارع في رأس الجهاز التحريري المغلوب على أمره.
بعض الصحف السعودية سارعت في تسريح أعداد كبيرة من كوادرها بقرارات تعسفية، وهذا ليس حلا ، وبعضها سارع في التخلص من أبرز كتابها وفاوضوهم على الكتابة المجانية أو الرحيل، وهذا ليس حلا، وبعض الصحف نائمة في العسل ولا يوجد تحرك من جهازها التحريري، ولا من أعضاء الجمعية، كلهم موافقون ويرددون الشور شورك، ويمارسون "سكتم بكتم" على أقل من مهلهم في ممارسة سلحفائية خارج المدارات، وهذا أيضا ليس حلال فـ"الحريد" الذي لا يبقي ولا يذرُ على الأبواب، ويهدد جميع الصحف السعودية دون استثناء.
الصحف الإلكترونية بعضها سوف يتساقط مثل أوراق الخريف ولن تصمد وبعضها يسابق الزمن للتمدد المهني والاحترافي انتظاراً للفرصة الكبرى بالقضاء على الورقية نهائيا وأخذ موقعها، وبين الترقب والتفاؤل والسقوط والتواري محطات متسارعة ستتضح معالمها قريبا وسيكون " الحريد" بمشهده الانتحاري الدراماتيكي الجماعي عنوانا بارزا في أروقة مجالس المثقفين ورواد الإعلام قريبا، وسيقف رؤساء تحرير الصحف السعودية الورقية على أخر حقبة لمجدهم الذي لن يعود.
د. صالح الحمادي
حريد الصحافة السعودية
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6363105.htm