يحتفل العالم يوم الخميس، الموافق العاشر من نوفمبر هذا العام، باليوم العالمي للجودة، الذي يصادف الخميس الثاني من نوفمبر كل عام، وقد أعلنت الأمم المتحدة هذا اليوم منذ عام 1990 للاحتفاء بالجودة، وزيادة الوعي بأهميتها حول العالم، وقد بدأنا الاحتفال بهذا اليوم في الوطن العربي في السنوات الأخيرة، حيث تقوم بعض الجهات الحكومية بتنظيم فعاليات وأنشطة لنشر الوعي حول أهمية الجودة، ودورها في حياة الإنسان.
سأتطرق للحديث عن الجودة الشخصية على اعتبار أنها من أهم البرامج الأساسية بشكل عام لأنها تركز على الإنسان وتساعده لإعادة اكتشاف ذاته ودراسة شخصيته وتقييم ما لديه من قدرات ومواهب، كما تساعده على تحليل الشخصية ومدى قوتها النفسية والفكرية وانسجامها الداخلي (مع الذات) وانسجامها الخارجي مع المجتمع، وتساهم في وضع استراتيجية للتقويم والتأهيل وتفعيل المواهب والقدرات في اتجاه تحقيق الأهداف الشخصية ووضع جدار حماية نفسية وفكرية للحد من الضغوط الداخلية والخارجية حتى لا تؤثر على الانسجام الفكري والنفسي.
قال تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا )(30) سورة الكهف
من هذا المنطلق فقد سبق الإسلام كافة المنظمات الدولية في تطبيق الجودة وغرس القيم الفاضلة وتزكية النفس وحب العمل والبحث عن الرزق والكسب الحلال وإتقان العمل والإحسان إلى الآخرين .
وتطبيق معنى الإحسان والإتقان في العمل انطلاقاً من الجودة الشخصية التي تنمي لدى الفرد الوعي بأهمية مراقبة الله في أعماله وعباداته وتعاملاته من ربط تلك الروح بخالقها فتتبع أوامره وتتجنب نواهيه هذه هي بداية الطريق لتحقيق الجودة الشخصية التي تتسم بالإيجابية ومكارم الأخلاق وتحترم العلاقات الإنسانية في التعاملات وتؤدي العمل بإتقان.
ممثلة في هذا الحديث النبوي الشريف عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
((إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ )). [البيهقي عَنْ عَائِشَةَ]
في الغالب أن الإنسان يبحث عن الكمال في الحصول على أفضل الخدمات التي تحقق له الرضا الذاتي والاستقرار النفسي والاجتماعي والمادي من كافة النواحي ومجالات الحياة المختلفة.
من الحكم التي تعزز دافعية الإحسان منهجًا وسلوكًا ما قاله ابن المقفع عن الإحسان :
إذا أنت أسديت جميلًا إلى إنسانٍ فحذار أن تذكره
وإن أسدى إنسانٌ جميلا فحذار أن تنساه.
الجدير بالذكر أن الجودة ليست مجرد مواصفات ومعايير ومدققين، بل إن الجودة أسلوب حياة، وأسلوب عمل، لا يمكن فيها الفصل بين ما نقوم به في حياتنا الشخصية والاجتماعية وما نقوم به في العمل، فالإنسان الذي يتمتع بالدقة والالتزام سيكون كذلك في بيته وفي عمله، والإنسان الذي يحترم الوقت ويحترم الآخرين سيكون كذلك في بيته وفي عمله، فالجودة ليست شهادة نحصل عليها ونعتقد أننا حققنا ما يجب تحقيقه، أو ارتقينا إلى المستوى العالمي. إن الارتقاء إلى المستوى العالمي يتحقق بالرقي في كل ما نقوم به من أعمال، وبمراعاة متطلبات المعنيين، سواء كانوا موظفين أو متعاملين أو شركاء أو أفراد المجتمع. إن الجودة ترتبط دائماً بالتعلم المستمر، وتطوير الذات، وإذا توقف الإنسان عن التعلم فلا قيمة لأي معايير أو مواصفات، أو حتى درجات علمية.
وختاما فإنّ الجودة الشخصية تعني ابدأ بنفسك واهتم بالنمو المعرفي والمهني رغبة في الوصول إلى عملٍ متقن وشخصية متّزنةٍ تؤمن بقدراتها وتسعى للتغيير والتطوير والتحسين.
فاطمة الجباري
شخصيتك معايير جودتك!
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6379099.htm
التعليقات 21
21 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
فاطمه ال اجمد
28/11/2017 في 4:56 م[3] رابط التعليق
رائع ماتسطر به قلمك استاذتنا الأديبه ومااجمل أن تحتوي هذه الفئه قاده داعمة للتطور غير محبطه
(0)
(0)
حنان الكلدي
28/11/2017 في 5:07 م[3] رابط التعليق
ابدعتِ غاليتي ، حقا ان الله لايغير مابقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
وكما ذكرتِ البدء بتغيير النفس وتطويرها للأجود ? هنا حتما سنسلك طريق الجودة في كل شيء باذن الله .. بارك الله فيكِ وفي رقي حرفك .
(0)
(0)
دانا ديم
28/11/2017 في 5:14 م[3] رابط التعليق
ام محمد دائما مواضيعك هادفه وملامسه للواقع سيري والله يرعاك
(0)
(0)
ام دانه
28/11/2017 في 5:23 م[3] رابط التعليق
احسنت بارك الله في جهدك ??
(0)
(0)
ابتهاج جمال
28/11/2017 في 5:48 م[3] رابط التعليق
احسنتي فعلاالجوده مطلب في الحياه?
(0)
(0)
أحلام الياسمين
28/11/2017 في 5:52 م[3] رابط التعليق
مقال رائع سلمت أناملك
(0)
(0)
نوره مشرف
28/11/2017 في 5:53 م[3] رابط التعليق
كلام جميل من انسانه اجمل تسلمين وتسلم اناملك ام محمد لك كل حب وحترام
(0)
(0)
ام عمر القحطاني
28/11/2017 في 6:22 م[3] رابط التعليق
موفقه اختي الغاليه ومقالك اكثر من رائع
(0)
(0)
لولوة الوهيبي
28/11/2017 في 9:14 م[3] رابط التعليق
فعلا الجودة الشخصية تعني ابدأ بنفسك
سلمت يمينك فاطمة الحبيبة
(0)
(0)
البتول المغربي
29/11/2017 في 1:24 ص[3] رابط التعليق
الجودة لها أهميتها في حياتنا فهل نستطيع بسهولة أن نطبقها في حياتنا ؟ هل نحتاج أن نعلم ونربي أبنائنا على أهمية الجودة في حياتهم أم لا ؟
الجودة بالنسبة لي أن أهتم وأجود كل ما أفعله في حياتي …. وتعرف الإنسان من أفعاله وتصرفاته هل طبق الجودة حقاً في حياته أم لا ……. …. ما المكاسب والفوائد التي يحصل عليها الشخص من الجودة ؟
مقال جدًا جميل ….. يا أستاذة فاطمة الجباري ….. من جد الموضوع نحتاجه .
(0)
(0)
منى ام دخيل
29/11/2017 في 5:55 ص[3] رابط التعليق
ماشاء الله سلمت موضوع ولااروع
(0)
(0)
نوره الزهراني
29/11/2017 في 1:48 م[3] رابط التعليق
من عرفتك وانتي تسعين للجودة وكل ما تقدمينه من قول. وفعل يعد جودة
والدليل لمن لايعرفك شخصيا. كل مقالاتك تحقق الجودة ومفهومها ومن يعرفك يدرك تماما ذلك
كنت يوما ما انا وانتي اعضاء للجودة
وعموما الجودة من وجهة نظري تطبيق الشريعة الاسلامية في حياتنا فهنا تكمن الجودة
(0)
(0)
شيخة العتيبي
29/11/2017 في 3:29 م[3] رابط التعليق
سلمت اناملك تناولت موضوعا جميلا نحتاجه في جميع مجالات حياتنا بعبارات مختصرة ومؤدية للفكرة بكل وضوح فالجودة تختصر في كلمة(العمل بلا اخطاء)من خلال المراجعة الدائمة والتحسين المستمر ليخرج المنتج سواء كان داخليا او خارجيا يرضي الحميع وفقك الله
(0)
(0)
غاده السحيمي
29/11/2017 في 4:06 م[3] رابط التعليق
مقال قد يكون من صميم إنسانيتنا فجودة إكتساب مهارة السلوك وتطبيق التربية الإيجابية على مبدأ إسلامي وثيق كلها كونت كيان إنسان هو في النهاية رمز لتفعيل الجودة من رؤيا الى واقع ملموس .هنا يأتي إن القيادة التربوية في كل ميدان تصنع الفرق…
(0)
(0)
شهره محمد الرياعي
30/11/2017 في 12:13 ص[3] رابط التعليق
مقال اكثر من رائع وفقك الله. نعم الجودة الشخصيه ابدأ بنفسك.. من اعظم ويكون من اجمل مايجعل الجوده الشخصيه لها قيمة عاليه اذا جعلت المبادئ والتصرفات من المصدرين الاساسين القران الكريم وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. السنه تربيه وقيم واداب منتقاة من كتاب الله تجعل الجودة تمتاز بالرقي والتطور الدائم لمافيه صالح ومنفعة الفرد والمجتمع ونهضة الامم..قال سبحانه وتعالى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (97) هنا معنى للجوده في العمل مع الايمان.. ينتج عنه طيب الحياة والجزاء العظيم من اكرم الأكرمين سبحانه. كم هو عطاء عظيم…
(0)
(0)
ليلى
30/11/2017 في 12:36 ص[3] رابط التعليق
صدقتي أخيتي في طرحك الجوده باختصار هي الإتقان في العمل
(0)
(0)
هدى خليل
30/11/2017 في 1:11 ص[3] رابط التعليق
دقه في الشرح
واضاءات ما بين السطور
بارك الله في خطاك
(0)
(0)
نعيمة نصاري
30/11/2017 في 9:53 ص[3] رابط التعليق
زرع القيم تجسد في هذا المقال بروعة الطرح وتسلسل محاوره
دام لك قلم يرسم أثراً ويبقى مداه
(0)
(0)
جوهرة بنت حسن
02/12/2017 في 1:51 ص[3] رابط التعليق
بارك الله في جهودك وإلى الامام دوماً ونحن معك نشجعك افتخر بك دائماً على إنجازاتك العظيمه لما فيها فائده للمجتمع والأمة بوركتي يااختي ?
(0)
(0)
فاطمه الجباري
09/12/2017 في 8:43 ص[3] رابط التعليق
شكرا لكم ولوعيكم قرائي الأفاضل كلماتكم الأنيقة والداعمه والدائمة تثلج صدري أشعر بوجودكم بين السطور فأنتم الالهام الحقيقي لي دمتم قراء دائمين داعمين مبدعين سلمت أناملكم المبدعة وقلوبكم الراقية..
(0)
(0)
ريم العمار
19/12/2017 في 7:31 م[3] رابط التعليق
مقال رائع سلمت أناملك
(0)
(0)