في إحدى إجازات نهاية الأسبوع ، سافرت أنا وبعض الأصدقاء إلى إحدى المناطق الجنوبية في المملكة ” تنومة ” وكما يُقال “والقلب تلومه”.
وبينما نقضي إجازتنا في تلك الإستراحة المطلّة ، في الهواء العليل ، والخضرة الجميلة وبجانبنا ذلك الجبل الشاهق .. حيث الهدوء والراحة .. قدمت لأصدقائي برنامج مدته ما يقارب الساعة وهو عبارة عن فيض من الخواطر والدراسات العلمية.
بعد مباراة كرة القدم التي استمرت ما يقارب الساعتين .. أخذ الأصدقاء دروبهم وحملوا أمتعتهم وعادوا إلى المجلس الذي سنجلس فيه ، بعضهم يتّكئ على الآخر ، وبعضهم يتمايل يمنة ويسرة لكي يخفف عن أرجله التعب .. وهنا الجميع عطشى ، وبحاجة لكأس من الماء – واعتقد لو بعتُ عليهم كأس الماء ب ٥ ريالات لاشتروها – وأصبحوا يفتشون عن الماء ولكن بدون جدوى ، هناك من أخفى الماء !
بعد مرور أقل من نصف ساعة ومن خلال البرنامج دللتهم على مكان الماء وللوصول إليه يحتاجون أن يمشوا مسافة لا بأس بها .. بدون أي تردد ، الجميع يركض .. أين التعب والإرهاق ؟ .. أين الأرجل المتكسّرة؟
وهذا ما يُسمّى بـ ” دافع البقاء ” الجميع يريد العيش والحياة ، وسمعتُ أحدهم يقول ” الماء مذلّة ” بل يا صاحبي النعمة التي نحن فيها لا نقدرها .. نفتحُ علبة الماء المبرّدة ونشربها وَيَا سلام .. وهناك فئة من إخواننا المسلمين يقطعون عشرات الكيلو مترات مشياً على الأقدام لكي يأتوا بالماء .. وَيَا ريته نظيف !
الآن ، وقبل أن تكمل يا صاحبي .. افتح إحدى الخرائط لأي مدينة شئت .. السعودية ، المغرب ، سوريا .. بل لتكن خريطة العالم كله .. وقم بقياس المسافة التقريبية لتلك المنطقة بـ ” سم ” كم من الممكن ان تكون ؟ ٣سم ؟ ٤ سم ؟ ١٢ سم ؟ هل هذه المسافة تنطبق على الواقع ؟ من المؤكد لا ! لأن الواقع مختلف ” The map isn’t the territory “ “ الخريطة ليست الواقع ” وهذا المبدأ الذي أطلقه العالم الهولندي ( ألفرد كورزبسكي ) يجب علينا الإطلاع على العالم وعلى ما هم فيه ونحمد الله سبحانه على النعم التي نحن فيها ” لا تسرف في الماء ولو كنت على نهر جار ” من أعظم القانين التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لكي نحفظ هذه النعمة ونشكر المولى.
صرير قلم : أنت تقرأ المقال ؟ يعني أنك تملك هذه العيون الجميلة ! فهل هذه نعمة قليلة !؟