اتمنى أن أوارى تحت التراب قبل أن أرى نظرات الشفقة والإحسان في عيون الأحباب ؛هم لا يحتملون ألمي وأنا لا أحتمل وجعي..
هكذا قالت: وهي تشيح بوجهها عني حتى لا أرى دموعها..
تلك الأم العظيمة القوية دائماً التي كانت مصدر قوة لكل أحبابها في ضعفهم..
هي الآن تعيش صراعات متعددة بين واقع تعيشه وفي نفس الوقت ترفضه.. تعيش حالة من الذهول والشرود ..
المرض أنهك قواها والعجز التام أضعفها..
تقول كنت أعتقد أنني الأولى في حياة أبنائي وبناتي ،أنني المهمة وأنني قبل كل شيء ولست بعد كل شيء..
أنا أعلم أنهم يحبونني ويخافون علي ويحزنون من أجلي لكن هذا ليس كل شيء..
أنا الآن أحتاجهم أكثر من أي وقت مضى أريد أياديهم تشد يداي الضعيفة أريد أرجلهم تقف إلى جوار أقدامي العاجزة أريد أكتافهم تحمل جسدي المريض العاجز..
أريد منهم أن يطعموني كما كنت أطعمهم ويسقونني كما كنت أسقيهم..
يتحملون ضجري ويرحمون ضعفي ويتفهمون وضعي..
لا أريد منهم أن يأتوا إليّ تأدية للواجب وإرضاء لضمائرهم ..
لا أريد منهم حضورًا بلا شعور..
نظرت إليها وقد اغرورقت عيناي بالدموع وألجم الصمت كل كلماتي وعباراتي..
وأنا التي كنت أظن أني قادرة على مواساتها وتضميد جراحها..
وإذ بي تلتقي عيناي بعينيها لتفضحني دموعي ويهز ألمها كل شعور قوي في داخلي !
ذلك الشعور الذي كنت أحبسه وأحاول تجاهله..
حينها رأيت نفسي مكانها وانتزعت الألم من قلبها ليسكن قلبي..
ثم رأيت أنّ من حقها عليّ وعلى كل الأمهات أن أنشر قصتها للعظة والعبرة ..
رسالة للأمهات من رحم المعاناة !
لمثل هذه اللحظات الأليمة على كل نفس تذكروا دائماً أن للعطاء حدودًا فلا تبالغوا فيه..
ثم أعدوا العدة لسنوات ضعفكم فليس كل ابن قادر على تقديم المساعدة لكم وليست كل بنت ستتحمل ألمكم..
ربما يقسون عليكم وينسون فضلكم..
مع حبهم لكم فأحياناً تجتمع القسوة والحب في قلب واحد..
لأنهم لم يدربوا على تحمل المسؤولية ولم يتربوا على معنى خذ مقابل أن تعطي..
لم يتربوا على معنى: أنا أمك وحقي عليك مقدّمٌ على أيّ شيء..
عذراً لقلوب الأمهات الموجوعات المفجوعات..
عذرًا لأن المسافة بين حقهنّ والوفاء شاسعة جدًا.!
قبل الوداع:
أحلام الأمهات..
تغادر أسرابها أمنيات..
وترسلها دعوات..
كل يوم..
وحين تلتقي الأماني..
وتصبح واقعًا..
تكون دموعهن أصدق شعور..
لأمي ولجميع الأمهات..
نرجو السماح على تقصيرنا ؛ فلولا وجودهنّ لما كنّا ..
بقلم / فاطمة الجباري
التعليقات 16
16 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓
Alaa Homood
17/06/2019 في 6:46 ص[3] رابط التعليق
اللهم أجعلنا لهم من البارين وأجعلهم عنا راضين، شكراً لقلمك الذي يلامس قلبي دائماً.
(0)
(0)
Bedo
17/06/2019 في 7:44 ص[3] رابط التعليق
الا ليت امهاتنا ابقونا نحتاج لهم لا نحتج عليهم نامرهم ونأخذ كل شي حتى اعتدنا انه من الواجب عليهن ان يعطينا كل شي ونحن لا شي يجب علينا سوى الأخذ ونزورهم فقط عند الحاجه لهم أما لفضفة عن حاله او تفريغ لكل مشاكله
تمنيت ان تكون امي هيه الأولى في حياتنا جميعا لكن للأسف صدقتي هيه بعد كل شي في حياتنا
اللهم ارحمهما كما ربياني صغيرا
ابدعتي
عزفتي ع أوتار قلبي بكلماتك عاد بي الزمن لأمي رحمها الله وعن انشغال الجميع عنها كانت بعد كل شيء ولا ندري لماذا الى ان فقدناها وتمنينا ان تعود لكي تكون قبل كل شيء رحمك الله وانار لك في قبرك وجعلك في روضة من رياض الجنه وجمعني بك في الفردوس الأعلى يارب .
(0)
(0)
عائشة القحطاني
17/06/2019 في 9:21 ص[3] رابط التعليق
موجعة ….. اسأل الله أن يسخرنا لخدمة والدينا ويرزقنا برهم ،،ياجمال حرفك ،ب ورك لك في طرحك ، ورفع الله قدرك …
(0)
(0)
سوسو
17/06/2019 في 6:09 م[3] رابط التعليق
اطال الله بعمرك على طاعته استاذة فاطمه ورزقنا واياك صلاح النية والذريه وأعاننا على تحمل المسؤوليه وتجاوز عن كل تقصير وزلة
وكما تدين تدان
البر قصة ماتفعلة اليوم تجده في الغد حاضر
ف اعمل حسناً تُجزى الجزاء الحسن والا
تحمل ماقد يحصل لك
وأحسن إليهما مازال في العمر بقيه
ف كما تدين تدان
??
قلم مميز من كاتبة مبدعة
سدد الله خطاك وزادك من فضله وبارك الله في علمك وعملك
(0)
(0)
جوجو بلس
17/06/2019 في 6:36 م[3] رابط التعليق
الأم نبض متى ما شعرنا به أحيانا فليحفظ الله امهاتنا وأمهات المسلمين ..
(0)
(0)
البتول المغربي
18/06/2019 في 4:16 ص[3] رابط التعليق
صدقتِ هذا حال كثير من الأمهات … الأمهات يريدون ثمن العطاء من أبنائهم لكن الأبناء يرون أن هذه مقدرتهم واستطاعتهم و أن على الوالدين تقدير ذلك وبين هذا وذاك حقوق وواجبات لم يتفق عليها الطرفين …سلمت أناملك الرائعة أ. فاطمة ….
(0)
(0)
هدى خليل الطويلعي
18/06/2019 في 5:15 ص[3] رابط التعليق
الام قلب نابض في أرواحنا.وهواء عليل لصدورنا. لن تشوفيها حقها منهما قدمنا لها. جزاها الله خيرا عنا ..
اختي الغاليه…حروف كا الدرر
شفى الله امك وكحل عينيك برؤيتها وهي ترفل باثواب الصحه والعافيه.
(0)
(0)
الحازمي
18/06/2019 في 10:40 ص[3] رابط التعليق
بسم الله والحمد لله..كل مرة اقرأ لك فيها موضوعا كتبتيه ، اخرج بفوائد جميلة عظيمة..
موضوعك اليوم موضوع يستحق التأمل ومراجعة النفس مع الترحم على والدتي ووالدي..
(لا أريد منهم أن يأتوا إليّ تأدية للواجب وإرضاء لضمائرهم ..
لا أريد منهم حضورًا بلا شعور.)
عبارة تعصر القلب عصرا لأنها قالتها بحرقة كما اتوقع..
الآن الاولاد والبنات يزورون امهاتهم وآباءهم كمن يحل واجبا مدرسيا..
مشغولون بجوالاتهم اثناء تواجدهم معهم، لا احترام ولا ادب.
شكرا استاذة فاطمة موضوع رائع تؤجري عليه.
(0)
(0)
مزوون
18/06/2019 في 7:48 م[3] رابط التعليق
يارب أرحم ضعفهم وأحفظهم لنا وتجاوز عن تقصيرنا في حقهم ? روووووعه القصه وهي تحكي واقع موجع في هذه الايام ?
(0)
(0)
ساميه
18/06/2019 في 7:53 م[3] رابط التعليق
رائع استاذتي كل كلمة من كلماتك مدرسة بكاملها
(0)
(0)
عنود العنزي
18/06/2019 في 8:01 م[3] رابط التعليق
لقد قلتِ يافاطمة فأصاب قولك في الضمائر موجعا
الأم نبع من حنان ومن نعيمٍ أودعا
من ذَا يقوم بحقها مسددٌ ذاك وربي بالتقى
ربي سألتك لكل أمٍ من الشفاء الأسرعا!!
(0)
(0)
محبه لوالدتك
18/06/2019 في 8:07 م[3] رابط التعليق
ااطال في عمرها وامدها بالصحة والعافية وجميع الامهات .. الامهات يحملن في قلوبهن الحنونه مالا نعلم من الالم ?
اللهم لطفك ورعايتك لأمهاتنا الحنونات ?
(0)
(0)
وفاء التمام
19/06/2019 في 3:23 ص[3] رابط التعليق
جميلة تلك الكلمات منبعثه من قلم رائع حنون
(0)
(0)
مريم الرويلي
23/06/2019 في 11:39 م[3] رابط التعليق
يارب ترحم امي وتغفرلها وتجعل مثواها الجنة ٣شهور مرت على رحيلها عن هذه الدنيا الفانية والى الآن لم تجف دموعي
ومازال قلبي يعتصر الما على فقدها فيارب اجعل امي سيدة من سيدات الجنة
ومن كانت امه ماتزال على قيد الحياة فالحرص الحرص على برها ومودتها
فوالله فراقها يدمي القلب قبل العين
??
(0)
(0)
سعاد عسيري
04/07/2019 في 10:20 ص[3] رابط التعليق
الله يشفيها ويعافيها ولا يريكم فيها مكروه موضوع جداً رائع
اللهم ارحمهما كما ربيانا صغيراً اللهم تجاوز عنا ولا تؤاخذنا على تقصيرنا معهم ❤️
دائماً أستاذه فاطمه مواضيعك تلامس شغاف القلب بارك الله فيك وسدد خطاك ?
(0)
(0)
ايمان طلال طيب
10/11/2019 في 11:06 م[3] رابط التعليق
مقال رائع جداً فاطمة كما عهدتك مبدعة معبرة دقيقة جدآ في إيصال كل المعاني بريشة قلمك بالتوفيق دائما ❤
(0)
(0)