يقالُ أنّ لكلّ عصرٍ مسماهُ وفقًا لأبرزِ ما حدثَ فيه..! هناكَ العصرُ الجاهلي، والعصرُ الفيكتوري، والعصرُ الحجري، حتى أصبحَ لدينا العصرُ الذهبي، والبرونزي، والنّحاسي، والخشبي ..!
ونحنُ في هذا العصرِ الذي يتسِم بالتسارعِ في كلّ شي وكأنّنا في عجلةٍ تدورُ بسرعةٍ رهيبةٍ وعجيبةٍ لا يُمكننا معها التحقق ممّا ندورُ حولهُ أو يدُور معنا ..!
ذلكَ التسارعُ الذي يضغطُ وبقوةٍ على أعصابنا فيفُتها، و على قلُوبنا فيُنهكها، و على أرواحِنا فيُشتتها ..!
نحنُ الآن نعيشُ في ( العصْر العصَبي ) إن جازتْ التسمية، تكالبتْ علينا فيه الأهْوال، واضطربتْ فيه الأوضاع، وتغيرت قناعات ..!
عصرٌ طغت فيهِ المادة، وتراجعتْ القيم، حتى أصبحَ مِعيار التقييمِ للفردِ مقْدار ما يملكهُ من مال..! فضاقتْ النفوس، وارتفعتْ نبرةُ التعالي حينَ سادتْ قوة المال والجاه على القيم والأخلاق ..! حتى كدنا أن نعْتاد على أصواتٍ كنّا نعدّها نشازًا تعتلي منابرَ الإعلام، ووحشيّة وجفَاء في التعاملِ مع الأضعَف، وازدراء وتشهير بالفقراءِ والمساكين، وتفاخر فجّ وممجُوج بالبذخِ في المناسبات، وسباق محموم في ميدانِ الغطرسةِ والغرورِ بواسطة أشخاص تافهينَ لكنّه عصرهم ..!
التواضُع والبسَاطة قيمٌ سادتْ ثمّ بادتْ في هذا العصرِ المخيف، والذي يقذفُ لنا مابينَ لحظةٍ وأخرى بجديدهِ الذي لم نستوعب ما سبقه بعد..! فأصبحنا نلهثُ للحاقِ به حتى كلّت أرواحنا..!
نعمْ .. إنه العصر العصبي تلك القوةُ الجبارةُ المتسارعة، والتي يجبُ أن نجابهَها بسلاحِ الثباتِ، والقوةِ، والعزمِ، والصبرِ، والإيمانِ، بأنّ الغلبةَ للواثقِ بنفسهِ ودينهِ، ثم يتوجّب علينا أن نفكرَ في تغييرِ استراتيجيّاتنا الخاصة، وبعضًا من أفكارِنا بما لا يتنافى وثوابتنا وقيمنا، كأن نفكّر كيف نعيش الحياة بتفاصيلها الصغيرةِ قبلَ الكبيرة ،فنضحَك من أعماقِنا، ونستبشِر ونعيش اللّحظة دونَ خوفٍ ممّا هو قادم، لكيْلا نخسَر كثيرًا من الوقتِ والمتعةِ ونحنُ نترقبُ حدوثَ الكارثة التي لا تأتي ..!
العصرُ العصبي أحالَ الكثير منّا وبكلّ مرارةٍ إلى آلةٍ متحركةٍ لا تشعرُ بمضي الوقت، ولا تسْتشعِر جمَال الأيام والمحيطين والأشياء..!
بلْ سلبَ منا الهدُوء النفسي، والحِكمة، والرّزانة، إذْ يمكن لأتفهِ الأسبابِ أنْ تقْتات من أعصابنا وصحتنا ..!
علينا أن نعود إلى ذواتِنا، نتفقَدها، نرمّمها، ونُعيد لها اتزانها، وتعايشها الفطريّ النقيّ مع مُحيطها لتبدوَ لنا الحيَاة أجمَل، والأيّام أنقى، وفي كلّ القلوبِ مُتسع .
بقلم: جواهر محمد الخثلان
العَصْرُ الْـعصبي
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/articles/6538166.htm