إن الكرامة حق أصيل لكل إنسان وأمر ثابت لا يجوز لأحد نزعه أو التقليل منه تحت أي محجة وذريعة ولا توجد قوة في الأرض تسلب هذه الحقوق وتنسف مبدئية العدل والمساواة من خلالها كالعنصرية.
إذ يتوهم المتعصبون وكما جاء في مبحث (سيكولوجية التعصب) " أنهم اكتشفوا المطلق وما فوق البشري، وبأنهم أمسكوا بالبرهان الذي يمنحهم كل القوة و العلم والسلطان والعصمة، وجميع علامات التفوق على البشر".
يمثلهم ما قال دعبل الخزاعي :
إِنّي لَأَفتَحُ عَيني حينَ أَفتَحُها
عَلى كَثيرٍ وَلَكِن لا أَرى أَحَدا ..
ولو أدركنا شر هذا المرض لنبذنا التعصب والتمييز بجميع أشكاله فالعنصرية لا تشكل خطرًا على الأفراد والجماعات فحسب، بل هي تهديد حقيقي للبشرية جمعاء كلّفت الأرض حروبًا، دمّرت دولاً و أودت بحياةِ الملايين.
ولمعرفة العقدة يجب أن نمسك أولاً بتعريف العنصرية لفهم الأبعاد وتقدير الضرر : فهي تعني الأفكار و القناعات والمعتقدات والتَّصرفات التي ترفع من قيمة جماعة بشرية على حساب جماعات أخرى، بناءً على معطيات كاللون والعِرق والدين أو في طباعهم أو عاداتهم، وتقوم العنصرية على النظرة الدونية للآخرين و انكار قدراتهم على التطور والارتقاء.
كما أنّها تعطي الحق لفئة بالتسلط على الفئات الأخرى في مصائرهم وقمعهم بدون وجه حق أو سبب واضح.
و لازالت هي العائق الأكبر أمام تطور الأفراد والدول .. ويتم استغلالها في الاجواء المحتقنة والمسمومة لخلق ضغط اجتماعي في أوساطنا لتأجيج العداوات و النزاعات المسلحة و تحقيق غايات دقيقة، محددة تم الاعداد لها مسبقاً..!
فالرؤوس المدبرة لمثل هذه الخلافات تعي تراكمات اللاشعور الجمعي المغذي للعنصرية في الشعوب وتراهن عليه في كل أزمه فالرابطة الايدولوجية للأعراق أقوى بكثير من رابطة المُوَاطَنَة
إذ لاعليهم سوى تحريك الوتد..!
فحين تزداد نبرة العنصرية تجاه قضيّة ما، تأخذ شأناً محلياً في البدء، ظاهره إنساني لكسب التأييد والتعاطف لفئة محددة لكنها ماتلبث حتى تضرب لأبعد من ذلك..
فتذهب لزعزعة أمن المواطن والمقيم ، لبث الكراهية
مايجعلها تسهم بالتأثير على نسيج المجتمع سلباً.
ولمواقع التواصل الاجتماعي نصيب الأسد في تأجيج مثل هذه القضايا بتنميط عنصري بحت.
يبني هرم التفرقة على أساس القومية أو الجنسية أو الأساس العرقيّ أو الأثنيّ أو أي سمة من شأنها أن تشعر الفئة المستهدفة بالاقصاء والتحقير وعدم الانتماء ما يٌفقدهم الثقة بالمجتمع بسبب الاحتكام إلى العنصرية بدلاً من القانون ويخلق الشعور بتمييز اثني/ أقلَوَي كما يحدث تجاه السود والامازيغ والروهينجا والارمن وغيرهم ..
إن فهماً صحيحاً لهذه المسألة سيسهم في نقل الإنسانية إلى مرحلة من الاندماج والتسامح الحقيقيين المبنيين على تعدد الثقافات..
نحن لا نحتاج بأن نكون من النخبة كي ندافع عن ثقافة طبقية معينة ولا أن ندرس القانون لنكون مناهضين لأشكال التمييز نحتاج أن نكون أسوياء فقط انسانيون أكثر لا نرضى للآخرين الهوان والذل في تعاملاتنا وعلى جميع الأصعدة.
وكما قال نيلسون مانديلا :
"ليسَ حُراً من يُهانُ أمامهُ إنسانٌ، ولا يَشعُر بالإهانة".
ولا بدّ من الاعتراف بأنّ المواقف لا تُبدِّل الوقائع إذا لم تترافق مع تغيير فعليّ في البنى السياسيّة والاجتماعيّة.
بوجوب اتخاذ كافة السبل لايقاف خطاب العنصرية والكراهية اياً كانت دوافعه وذريعته.. ولا يتأتى ذلك إلا باتخاذ خطوات صارمةٍ حثيثة تستأصل كل أشكال التمييز والتفرقة..
ولأنها صفة موروثة اجتماعياً ، متنقلة عبر الأجيال سيتغلب الجيل الجديد عليها عندما يصبحون متسامحين مع الاختلاف، متقبلين للمغاير ومناهضين للتمييز الفئوي الضيق..
مع إيجاد تشريعات تجرّم التمييز العنصري بشتى أنواعه وتفعيل أنظمة تعاقب كل أشكال الممارسات المبنية على فروق عنصرية في كل الدول.. بدلاً من التزام الصمت والتعطيل والوقوف أمام هذا الخلل الفادح الفج.
ونبذ كل ما من شأنه أن يعزز فكرة عزل الأعراق والأجناس.
“أنَّ المجتمع المتأخر قد يحرِّض أفراده على التنازع الضار أكثر ممَّا يحرضَّهم على التنافس النافع.”
التعليقات 1
1 pings
Naif
21/03/2021 في 10:42 م[3] رابط التعليق
كتابة موفقه
(0)
(0)