[JUSTIFY]
كم هو مُعيب لمداركِنا وعقلياتِنا أن ننظر للآخرين نظرة ازدراء، ونبذ، وتهميش، وأن نتبع جامح أهوائنا وتوهمنا في رسمِ الصور السخيفة عمن قد يفوقنا في كثيرٍ من الأمورِ.
ودولة إيران، واحدة من تلك المناطق الغامضة، والمهمشة في مخيلتِنا العربيةِ لدرجة أننا أصبحنا لا نريد أن نعرف عن حقيقتِها شيئاً.
فنتناسى أنها كانت موطناً لواحدة من أقدم حضارات العالم في الزمن القديم، وكانت تتقاسم مع حضارةِ الروم أغلب مناطق العالم المزدهر قبل الإسلام، وكانت منبعاً للعلوم، والفنون، والفلسفة، والمعارف، وكان لها جيش عتيد ترهبه الأمم.
وأصل كلمة إيران من «آري» وهم أفراد القبائل، التي نزحت إلى غرب فارس عام 2000 ق.م أبان حكم الآشوريين، فشيدوا الإمبراطورية الفارسية، التي بلغت أوجها أيام الملك (كورش الكبير عام 55 ق.م)، حيث كانت تضم مصر السفلى (الدلتا)، واليونان، وآسيا الصغرى، وأجزاء مما يعرف حالياً بباكستان، وتركستان. وهم من مهدوا الطرق، وعرفوا البحر، وشجعوا التجارة، وفنون الكتابة، وأنشأوا البريد، وحاولوا استخلاص عصارة الحضارات البابلية، والفرعونية، والآشورية، والليدية، إلا أن «الإسكندر الأكبر» أسقط هذه الإمبراطورية في القرن الرابع ق.م.
ولم تمت هذه الحضارة، فعادت وتخلصت من حُكمِ الإغريقِ إبان القرن الثالث ق.م واستعادت قوتها، ولكن نزاعاتها الداخلية تعاظمت فاستغل «الساسانيون» الوضع، وضموها لملكهم.
ثم دخلت في حروب مستمرة مع البيزنطيين طوال أربعة قرون حتى سقطت على أيدي العرب في القرن السابع الميلادي.
وقد كان أثر المعارف الفارسية كالفلسفة، والأدب، والطب، والفلك، والرياضيات، والفن جلياً في الحضارات العالمية، والإسلامية بشكل خاص.
وقد ساد المذهب (الشيعي الجعفري)، في إمبراطورية فارس، ما وسع من جغرافية وعمق الصراع الإسلامي المذهبي.
وفي عام 1906 ومن خلال الثورة الدستورية الفارسية، أنشئ أول برلمان، ملكي دستوري. وفي عام 1953 وبتحريض من الغربِ، حدث انقلاب ساد بعده عهد من الاستبدادِ. وقاوم الشعب، وما لبث أن بلغت معارضته للملكيةِ وللنفوذِ الأجنبي ذروتها خلال الثورةِ الإيرانية الإسلامية في أبريل 1979.
ومن ساعتها اُعتُمِد النظام السياسي الجمهوري الإسلامي، حيث تتشكل الدولة من «المرشدِ الأعلى للثورةِ الإسلاميةِ»، فيكون «الولي الفقيه» هو الحاكم الأعلى للبلادِ، ويتم انتخابه عن طريق «مجلس خبراء القيادة»، الذين ينتخبهم الشعب.
وتناط بالمرشدِ الأعلى مسؤولية الإشرافِ على السياساتِ العامة في الجمهوريةِ الإسلاميةِ، كما يتولى قيادة القوات المسلحة، والاستخبارات.
ويلي المرشد رئيس الجمهورية، الذي ينتخب بالاقتراعِ الشعبي المباشر، ويترأس مجلس الوزراء، ويشكل الحكومة.
وتجري الانتخابات الرئاسية التعددية كل أربع سنوات، ويتم اختيار أو استبعاد المرشحين للانتخاباتِ الرئاسية من قبلِ «أجهزةِ الرقابةِ الإيرانيةِ»، ويحق للرئيس أن يجدد فترتهُ مرة واحدة لا أكثر.
-ويقوم على صيانةِ الدستورِ مجلس الشورى المُنتخب، وهو يمثل عُمُوم طوائف الشعب من أذريين، وفرسٍ، وعربٍ، ويهودٍ، وأرمن.
وقد تمكنت هذه الدولة البترولية بعد هزيمتها في حربِ الثماني سنوات الطاحنة مع دولة العراق من إعادةِ بناء جيشها، وتسليحه، وتطويره، واحتمالية تزويده بأسلحة الدمار الشامل، وبالتقنيات الإلكترونية المتطورة، وبشكلٍ سري يجعل حتى الدول المتقدمةِ تتردد في الدخولِ معها في مواجهةِ غير محسوبة العواقب.
ونظراً لقرب نهاية فترة الرئيس الإيراني الحالي، فإن الترتيبات الأولية مستمرة لانتخابات كرسي الرئاسة الإيرانية الحادية عشرة، في يونيو المقبل، بينما يحتدم السباق إلى الرئاسةِ بترشحِ أسماءٍ بارزة على الساحةِ السياسيةِ.
وتشير الأرقام إلى أن عددَ المرشحين بلغ أكثر من أربعمائةِ مرشحٍ، من بينهم عدد أربع عشرة امرأة. كما يبرز من بين المرشحين الرئيس الأسبق (أكبر هاشمي رفسنجاني)، و(سعيد جليلي)، كبير المفاوضين في الملف النووي الإيراني، واللذان أعلنا ترشحهما، ما يزيد من سخونة المنافسة.
ومما يدعو للدهشةِ أن يكون الرئيس الحالي، مُعَرَضاً للعقاب عن تهمةِ مخالفتهِ قواعد الانتخاب بمرافقته لكبيرِ مستشاريهِ إلى مكتبِ تسجيل الناخبين، ودعمه بالمالِ العامِ، وهو ما أعلنه «مجلس صيانة الدستور» حيث إن عقوبة ذلك السجن ستة أشهر، أو 74 جلدة.
وفي حملة رفسنجاني الانتخابية يُعلن: لقد جئت لأخدم، ومن حق الناس أن ينتخبوني أو لا ينتخبوني. ومن المعروف أن انتقادات «رفسنجاني» لسياسات الرئيس الحالي في الاقتصاد والسياسة الخارجية كانت السبب الدافع وراء دخوله الانتخابات.
وقد أشارت صحيفة «الفايننشيال تايمز» البريطانية في مقالتها «رفسنجاني يمثل تحدياً كبيراً في الانتخاباتِ الإيرانيةِ»، إلى أنه «حتى وفي حالِ عدم فوزه بالانتخاباتِ، فإنه مُرشح استطاع تعطيل المخطط الإسلامي القائم بنية تسليم مقاليد الحكم بسلاسةٍ إلى حليف أصولي».
وزادت بأن «رفسنجاني قرر دخول الانتخابات، في اللحظةِ الأخيرةِ، وأن «هذه الانتخابات تُعتبرُ حاسمة بالنسبةِ للنظامِ الإسلامي، وأن «المرشد الأعلى متحمس لعودة رفسنجاني إلى سدةِ الحكمِ».
كل ذلك يدل على أننا أمام حالة من المبادأةِ والتنظيمِ، والنهجِ، والديمقراطيةِ مهما اختلفنا معها، وأن ذلك يدعونا كدولٍ عربية إلى مراجعة السياسات، التي نتبعها مع هذه الجارةِ اللدود، التي لا يمكن بحالٍ من الأحوالِ نقلها إلى بقعةٍ جغرافيةٍ أخرى، ولا يمكن الاستمرار في مناصبتها العداء مع كل حدثٍ مستجدٍ في السياسات العالمية المتبدلة.
وقد لا يهمنا كثيراً من سيصل لمجلس الرئاسة، ولو أنه يهم العالم بأسرهِ، ولكن ما يعنينا أكثر هو الإقدام على صنع علاقات دولية محترمة، رزينة، سلمية، لا عنف فيها ولا تهاون، فالدبلوماسية ربما تكون أفضل بكثير من دخولِنا في نزاعات منهكة للطرفين، وحروب إقليمية تأتي على العيش الأخضر، والتبر الأسود!.
ومن المفترض أن نقول لمن يصل لسدة الحكم: مرحباً بك، طالما أن حدودنا محترمة، وكرامتنا مصانة، ومشاعرنا مقدرة، وطالما أنكم تتعاملون معنا على أساس أننا دول مسلمة، من المفترض أن لا نخون بعضنا، وأن لا نستقوي بالغريبِ، ولا أن نشعل فتيل الفتن بين شعوبنا بدواعي اختلاف المذاهب.
[/SIZE][/JUSTIFY]
التعليقات 1
1 pings
Warning: Attempt to read property "display_name" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 281
Warning: Attempt to read property "user_level" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 282
Warning: Attempt to read property "user_url" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 283
Warning: Attempt to read property "ID" on bool in /home/tareebne/public_html/wp-content/themes/taranapress/includes/theme-comments.php on line 284
20/05/2013 في 10:25 ص[3] رابط التعليق
ما سردته كان فيه تسلسل للحقيقه .. اما قولك يازين التفاهم مع الجيران
من خلال الضوابط الدوليه فهذا طيب ومنطقي , لكن لكي تصل الا ذالك لا بد ل- 400 مليون عربي وكل الوطن العربي ان يكف هذا الجار عن ابتزاز جيرانه
وما التمذهب واقناع العامه بحبهم لاهل البيت اكثر من العرب الا لركوب جحوش العرب وطابورهم
الخامس .. والدليل التهديد الصريح الجديد لمملكة البحرين .. لذا لابد من احترام الجار المسالم وفي نفس الوقت لا بد ان يعرف ان للصبر حدود وان للجار حقوق وعليه واجبات ..
شكرا لك
(0)
(0)