[JUSTIFY]جافاه النوم مؤخراً، واشتدت تقلصات معدته، فقد كان يحلم بهذا المنصب الخطير، ولكنه لم يتوقع أن يعتليه بتلك السرعة.
لقد دعت له والدته كثيراً بأن يُيَسِّر له الله دربه، وأن يزرع أبناء الحلال في طريقه، وها هي دعواتها تتحقق في شقها الأول، أما الشق الثاني فلا يزال في علم الغيبِ.
ويغادر منزله، متجهاً لمقر عمله الجديد، الذي سيكون عاصمة مُلكه، وهو يستعيد في جوفه ماذا سيعمل، وماذا سيقول، وكيف يحافظ على أناقته، ويقلل من حركاته، ولا يخرج الكلمة إلا بعد أن يزينها بمطمطة وبحة.
سبحانك يا الله، فكم من مرة كان قد دخل هذا المقر زائراً، مواجهاً الصعوبات في إيجادِ موقفٍ لسيارتهِ، وكم طُلب منه إبراز هويته، ولكنه اليوم يشعر بأن كل الأبواب تنفتح له قبل أن يصلها، وكأن أيادي «سمسم»، تسابق خطواته منذ خروجه من غرفة منامه!.
أصوات طبول الفرح تدوي في أذنيه، فلا يكاد يميز هل تصدر من جوفه، أم من تبريكات المطبلين ممن زرعوا أنفسهم، بطريق مروره من المواقف إلى مكتبه، وهم يتصنعون الصدفة.
حتى مفتاح سيارته، لم يتركوه يتعنى بحمله، وحقيبته، جعلوها تسبقُه قفزاً على السلالم.
ويخرج المهنئون من مكتبهِ، وهو غير مصدق بأصناف تلك المحبةِ والمشاعر والحماس، فهل كان سلفه كريهاً إلى هذا الحد، أم إن ذلك من طبيعة البشر، الراغبين في التغيير؟.
لقد صافحه المسؤولون في مقر عمله، برقاب منحنية، وبسمات تكفي لتشقيق زوايا شفاه الصدق، وأغلبهم يُلمح ويصرح بإخلاصه، وأنه يحمل له الجديد، والحلول، والنصائح، للتحرر من مغبةِ فشل نهج الإدارةِ السابق، الذي لم ينتج غير رفاهية المكاتب، وكثرة المرؤوسين الثعالب.
الكل يعِده بالولاء، ويهمس له بالأسرار، فمن تُراه يُصدق، ومن يتجنب؟. حتى طاقم مكتبه الإداري أشعروه بالحيرة من ولائهم الفائق للوصف. والأمرُّ والأدهى أن هواتفه لم تتوقف، فيسمع التهاني ممن يعملون بخارج هذا القطاع، وهم يخصونه بجملة نصائح تحتاج لمجلس إداري متكامل لدراستِها والتحقق من جدواها.
لقد ظن في البداية أن الأمر قطعة حلوى، ولكنه مع مرور الوقت شعر بأنه في ورطة عقل وضمير، وتردد من مغبة الإمساك بالمقودِ بنفسه، وخوف من أن يدار بأيدي المسؤول القديم دون أن يشعر، وحذر من تسليم نفسه للجدد الناقمين فيذبحون القديم، مهما بلغت صحته.
الحرب طاحنة، والبقاء للأقوى، والقلق هو الأعظم، فلن تكون أوقاته هانئة كما كان يعتقد. الكل يحاول أن ينهش كتفه، وهو لا يدري لمن يقدمها مشوية، مع الطحينة!.
أيام بسيطة تمر، يستسلم بعدها للواقع الأقوى، فكرسي الحلاق هذا لن يدوم، فلماذا الدخول في معارك لا غنائم بعدها ولا سبايا؟!. سيخطط للبقاء مخلداً على الكرسي، ويهادن الأقوياء، ويفتح قلبه للشركات المهيمنة على المناقصات، ويُسلم مكتبه لموظفين مطاطيين، ويُكبر المخدة، بعد طول سهد.
سيبدع في كسب رضا رؤسائه، وتحسين صورته بأعينهم بالحضور في دائرة الضوء الإعلامي، والثناء عليهم، وسيبدع في إطفاء شموع الواعدين بالبروز من مرؤوسيه.
والأمور الأخرى التافهة، التي تخص المواطنين، ممن تشملهم خدمات منصبه، سيتركها بيد رب كريم، هو أرحم بخلقه.
[/JUSTIFY]
14/11/2013
المَسْؤول الجَدِيد
لا يوجد وسوم
(0)(0)
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alraynews.net/11862.htm