عيّن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون لقيادة تحقيق دولي في اتهامات بارتكاب القوات الإسرائيلية ومقاتلين فلسطينيين جرائم حرب في قطاع غزة، وفق ما أعلن الجمعة 3-4-2009.
وأقر غولدستون أنه “بوصفي يهوديا” فقد مثّل تلقي الدعوة لرئاسة المهمة “صدمة” له، وبالإضافة إلى القاضي الذي يحمل الجنسية الجنوب إفريقية، تضم اللجنة أيضا الخبيرة البريطانية في القانون الدولي كريستين شينكين والقاضية في المحكمة العليا في باكستان، والخبيرة السابقة في الأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان هينا جيلاني، والكولونيل الأيرلندي المتقاعد ديزموند ترافرز.
واوضح رئيس المهمة “إني أعتقد أني قادر على أداء هذه المهمة الثقيلة بشكل متوازن وغير منحاز”، وأقر بأن اتخاذ القرار “لم يكن سهلا”، وأنه “أمضى عدة أيام بل وبضع ليال من الأرق” قبل اتخاذ قراره بقبول المهمة، وأوضح أن قبول المهمة كان في نهاية المطاف بدافع “قلقي على السلام في الشرق الأوسط، وعلى الضحايا من أية جهة كانوا.. الذين يعانون الإهمال في أغلب الأحيان”، وأضاف “أنه من مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين أن يتم التحقيق في المزاعم الخاصة بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الجانبين”.
بيد أنه حذر من أن نتائج مهمته يمكن استخدامها في إطار تحقيقات جنائية على المستويين الوطني والدولي.
وكان المجلس أقر بتوسيع التحقيق الذي كلّف بها غولدستون ليشمل “كل انتهاكات حقوق الإنسان” في غزة، وليس فقط تلك التي ارتكبتها إسرائيل، وأعلن رئيس المجلس مارتن يوهوغيان اوهومويبي في بيان “أن طموح مجلس حقوق الإنسان هو الحصول على تقرير يعكس بصدق الأحداث، وهذا يتطلب أخذ كافة الانتهاكات بعين الاعتبار”.
وأكد غولدستون من جهته أن مهمته “ستأخذ في الاعتبار كافة الانتهاكات المقترفة في إسرائيل وغزة والأراضي المحتلة”.
توسيع التحقيق
وكان مجلس حقوق الإنسان قرر في الـ12 من يناير، أثناء اجتماع طارئ حول الوضع في غزة، تشكيل “مهمة استقصاء حقائق حول الانتهاكات المقترفة من قبل إسرائيل، القوة المحتلة، ضد الشعب الفلسطيني”، وتم تبني القرار بأغلبية 33 صوتا مقابل صوت واحد، وامتناع 13 عضوًا عن التصويت معظمهم من الدول الغربية التي اعتبرت القرار غير متوازن؛ لأنه لا يشمل إطلاق قذائف فلسطينية على مدنيين في جنوب إسرائيل.
وتقول جماعة فلسطينية مدافعة عن حقوق الإنسان إن 417 فلسطينيًّا قتلوا في الهجوم، من بينهم 926 مدنيا، كما قتل في المعارك 13 إسرائيليا، لكن إسرائيل تتهم مقاتلي حماس في غزة باستخدام المدنيين كدروع بشرية أثناء القتال، وانتقدت جماعات حقوقية أيضا حماس لإطلاقها صواريخ على أهداف مدنية في جنوب إسرائيل.
كذلك دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان نافي بيلاي، ومبعوث المنظمة الدولية الخاص بحقوق الإنسان ريتشارد فولك إلى التحقيق إذا كانت قوات إسرائيلية ارتكبت جرائم حرب في القطاع الساحلي الذي يعيش فيه 1.5 مليون شخص.
وتحدث بيلاي، وهو قاض سابق في المحكمة الجنائية الدولية، عن مخاوف محددة بشأن قصف إسرائيل لمنزل، مما أسفر عن مقتل 30 مدنيا فلسطينيا، وكذلك نقص الرعاية للشباب والأطفال الجياع الذين قتلت أمهاتهن.
وقال فولك في تقرير للمجلس الشهر الماضي إن شن هجمات دون تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين المحيطين بها “سيمثل جريمة حرب من أخطر ما يكون بموجب القانون الدولي”، وذكر أستاذ القانون الأمريكي أن إغلاق حدود قطاع غزة جعل المدنيين غير قادرين على تفادي الأذى، الأمر الذي قد يصل إلى حد ارتكاب جريمة ضد الإنسانية، واقترح أن يشكل مجلس الأمن الدولي محكمة جنائية خاصة بالأمر.
وهزت الجيش الإسرائيلي شهادات جنود إسرائيليين أفادوا بقتل مدنيين في غزة، ومزاعم عن انتشار مشاعر احتقار الفلسطينيين بين صفوفه، وقال محققون في الجيش الإسرائيلي يوم الإثنين إن الجنود كانوا يروجون لشائعات لا أساس لها عندما قالوا إن قوات إسرائيلية أطلقت النار على نساء وأطفال فلسطينيين عزل.
ولم يتضح على الفور إذا كانت إسرائيل ستتعاون مع تحقيق غولدستون، الذي لا علاقة له بتحقيق أمر يفتحه الأمين العام للامم المتحدة بان جي مون في الضرر الذي لحق بممتلكات المنظمة الدولية في غزة، ومن بينها مدارس تديرها الأمم المتحدة.