كشفت احصائية حديثة صادرة عن مكتب مكافحة التسول في الرياض، أن دخل 20 ألف متسول ومتسولة في المملكة يصل وفقا لمختصين إلى 120 مليون ريال خلال شهر رمضان المبارك في حال بلغ مجموع المبالغ التي حصل عليها المتسول 200 ريال في اليوم الواحد.
وقدرت ريم أسعد المحاضرة في مجالي التمويل والاستثمار في كلية دار الحكمة في جدة، أن دخل كل 20 ألف متسول في المملكة يصل إلى ستة ملايين ريال شهريا، مبينة أن جهل الكثيرين من المواطنين والمقيمين بالمنافذ الصحيحة لأموال الزكاة والصدقات يبددها ويرفع من نسبة الفقر في المملكة باعتبار أنها ذهبت بغير وجه حق لغير مستحقيها، في حين ذهب مراقبون إلى أن إجمالي ما يحصل عليه المتسول في رمضان يصل إلى 200 ريال يوميا نتيجة تعاطف المحسنين والصائمين.
وبينت أسعد، أن هناك تقصيرا من قبل الجهات المختصة. مؤكدة أن التسول يبعثر أموال الصدقات في غير موقعها الحقيقي ويحرم آلاف من المحتاجين الحقيقيين لها وخاصة الأسر التي تعولها سيدات، لافتة إلى أن تبديد أموال الصدقات والزكاة رفع من معدلات الفقر ودفعت بكثير من المواطنات للخروج إلى التسول لتأمين متطلبات الحياة خاصة أن امتهان التسول لا يتطلب شهادات أو مؤهلات علمية.
وفي الوقت الذي ينشط التسول في شهر رمضان المبارك نشاطا محموما لاستدرار عطف المحسنين والخيرين الذين يقبلون بدورهم في هذا الشهر أكثر من أي وقت آخر على فعل الخيرات والصدقات وإخراج الزكاة ولذلك يتفنن المتسولون بكل الوسائل والحيل المعروفة عنهم والقصص والحكايات الإنسانية المفبركة والعاهات المصطنعة للحصول على أقصى نصيب لهم من هذه الأموال وتتمركز مجموعات كبيرة من المتسولات السيدات أمام المحال التجارية الكبرى وبعض الشوارع التي أصبحت مقرا دائما لهن وذلك للفت الأنظار تجاههن.
وأكدت إحصائيات مكتب مكافحة التسول في الرياض، أن إجمالي المتسولين في المملكة لعام 1430 وصل إلى 20039 متسولا ومتسولة منهم 2536 متسولا سعوديا و17503 أجانب في حين تشكل نسبة السيدات 20 في المائة.
وبينت دراسة لـ”مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية” أن ظاهرة التسول في السعودية تشهد زيادة مستمرة وارتفاعا مطردا خلال السنوات الأخيرة، مرجعة الأسباب الرئيسية في بروز هذه الظاهرة إلى تزايد المتسللين عبر الحدود، والتخلف بعد أداء الحج والعمرة، محذرة في الوقت نفسه من آثاره السلبية على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والأمنية.
وأشارت الدراسة إلى أن أكثر المتسولين تم القبض عليهم في مدينة جدة، يليها مكة المكرمة، ثم الرياض، وأن معظم المتسولين من الجنسية اليمنية، تليهم الجنسية المصرية، ثم الجنسيات الأخرى، وأغلبهم من الأميين ذوي الدخول المنخفضة. واتضح لدى فريق البحث أن من الأسباب الرئيسة للتسول تعاطف أفراد المجتمع مع حالة المتسول، وعدم وجود رادع قوي يمنع من التسول، إضافة إلى ضعف إمكانات حملات مكافحة التسول، وكثرة المتخلفين من العمالة الوافدة، ووجود عصابات تشرف على التسول.
وبينت الدراسة، أن أعمار معظم المتسولين المقبوض عليهم تتراوح بين 16 و25 سنة ويليهم الفئة العمرية 46 عاما فأكثر، غالبيتهم من الذكور والأميين وذوي الدخول المنخفضة، يتبعون عددا من الطرق المختلفة للتسول منها استغلال الأطفال في هذه العملية، والخداع والتمثيل، وادعاء العاهات والتخلف العقلي، وعرض الصكوك والوثائق. وفي ذات السياق رصدت عدسة “الاقتصادية” للعام الثاني على التوالي شارع وادي نمار والذي يزيد طوله عن كيلوين في حي الشفا والذي حولته أكثر من 30 سيدة من جنسيات إفريقية وعربية من شارع تجاري إلى منطقة تسول بامتياز.
وخلال جولة لـ”الاقتصادية “على الشارع تبين أن المتسولات يزداد تواجدهن فترة العصر وحتى آذان المغرب، في حين أن جزءا بسيطا يواصل ويتناول فطوره في الشارع، وجزءا يعاود بعد صلاة التراويح حتى صلاة الفجر. من جهتها، حذرت هيفاء راشد باحثة اجتماعية في جامعة الملك سعود في الرياض، من تفاقم ظاهرة التسول في المملكة نتيجة غياب الرقابة الفعلية من الجهات المختصة، مبينة أن التسول أصبحت مهنة للعمالة السائبة بل أصبحت تشكل عصابات للسيطرة على شوارع وإشارات معينة، مؤكدة أن تعاطف المارة في رمضان ساعد في تفاقم المشكلة، مطالبة جميع المحسنين بالتصدق بأموالهم للجمعيات الخيرية والجهات المعروفة والتحري قبل الإنفاق لوجه الله حتى لا تصبح هذه الصدقات نقمة على مجتمعنا بعد نمو عصابات التسول.
ونوهت بعدم الثقة بالمتسولات اللواتي يطرقن الأبواب والمنازل، مشيرة إلى أن كثيرا منهن في الأساس رجال يرتدون زي المرأة السعودية ويحتالون وخاصة عن الإشارات على المارة لتعاطف الكثيرين مع السيدات المتسولات أكثر من المتسولين.
إلى ذلك أعدت شرطة الرياض خطة أمنية ترمي إلى الحد من ظاهرة التسول خصوصاً في الشهر الكريم وذلك استناداً لتوجيهات الأمير سطام بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بالنيابة، لضبط المتسولين في الشهر الكريم والذين يستغلون هذه المناسبة في استدرار عطف المسلمين وإقبالهم على فعل الخيرات في والحصول منهم على أموال بغير وجه حق. وأسفرت الخطة عن قيام إدارة الضبط الإداري بحملة موسعة خلال الأسبوع الأول من رمضان شملت كافة أنحاء العاصمة، حيث أسفرت عن قبض 181 متسولا ومتسولة، معظمهم من الأجانب، حيث بلغ عدد المقبوض عليهم من السعوديين (الرجال) اثنين فقط، بينما النساء 33 امرأة وسبعة أطفال، أما الأجانب فبلغ عدد الرجال المقبوض عليهم 120 متسولاً، مقابل ثماني نساء و11 طفلاً. كما قامت الجهات المعنية بإنهاء أوضاع 150 شخصاً فيما لا تزال إجراءات 33 منهم قيد المعالجة.