كان حلمها أن تؤدي عمرة رمضان, وتؤدي ركعتين خلف مقام سيدنا إبراهيم؛ فلم يعد في العمر الكثير، كما قالت لأبنائها الثلاثة؛ فقد بلغت من العمر عتياً؛ فحاول أولادها إثناءها عن أداء العمرة، خاصة بعد أن قرؤوا عن تجاوز أعداد المعتمرين أربعة ملايين والزحام الشديد الذي لم يسبق له مثيل, إلا أنها تشبثت بالأمر وأصرت على أداء العمرة؛ لأنها رأت رؤيا في المنام مبشرة بأنها في الحرم .
استجاب الأبناء الثلاثة للمسنة جزوة بنت محمد الحربي “80 سنة” لطلب أمهم؛ فهي بالنسبة إليهم لا يُردّ لها طلب, وحجزوا أربعة مقاعد لهم ولوالدتهم إلى جدة, ومنها استقلوا سيارة أجرة إلى الحرم المكي الشريف, وحاولوا تخير وقت ليس فيه زحام شديد؛ لتؤدي أمهم العمرة التي تحلم بها, وحاول الأبناء الثلاثة مساندة والدتهم بكل ما يستطيعون, حتى مَنّ الله عليها بأداء الطواف؛ فحاول أبناؤها إخراجها من صحن الحرم لشدة الزحام, ولكنها طلبت أن تصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام؛ فرجع الأبناء بأمهم إلى الوراء مبتعدين عن شدة الزحام حول الكعبة, وتخيروا لها مكاناً، ووقفوا بجوارها وخلفها لتؤدي ركعتين؛ فصلت الركعة الأولى, وفي آخر سجدة في الركعة الثانية طالت في السجود؛ فتوقع الأبناء أنها تدعو كما كانت تفعل في صلاتها بالمنزل, ولكن طال سجودها حتى اضطر أحد الأبناء إلى أن يرفع يدها لكثرة الزحام, وكانت المفاجأة بأن الأم صعدت روحها إلى ربها, وقُبضت وهي ساجدة خلف مقام إبراهيم عليه السلام؛ فاستنجد الأبناء بإسعاف الحرم ليأتي أحد الأطباء ويؤكد موتها منذ ربع ساعة.
ويقول أحد أبنائها لـ”سبق” إن والدته كان لها دور كبير في تقويم أزواج أبنائها, وكانت دائماً باذلة للخير بما معها, وترفض مجالس الغيبة والنميمة, ورغم أنها غير متعلمة إلا أنها كانت تحاول دائماً أن تصحح عباداتها وتسمع لدروس أهل العلم من المذياع أو التلفاز. ولقد نالت الخير، ولعلها كانت هذه رؤيتها في المنام.