فتحت التصريحات التي أطلقتها فرقة الراب السعودية “بلاك آر” والتي قالت فيها إنها تسعى للوصول إلى عدد “مليون” مستمع من خلال ألبومها الأول الباب على مصراعيه أمام مناقشة ثقافية محلية على مستوى واسع.
واعتبر الباحث في الدراسات الإعلامية ماجد بن جعفر الغامدي أن “ظهور وامتداد هذه الفرق الممزوجة بالنمط الغربي، يعد استعداءً، وتحولاًَ ثقافياً في بلد يوصف بالمحافظة كالسعودية”.
وأضاف أن دخول “الهيب هوب” جاء بعد تغير في القيم والمفاهيم العامة للمجتمع، نتيجة لتداعيات ثقافة العولمة، حيث غالباً ما تكون حفلات الهيب هوب كلمات إنجليزية متداخلة مع كلمات غربية، مع أصوات موسيقية صاخبة”.
ثقافة الحداثة
بدوره أشار الصحفي والمتخصص في الشؤون الثقافية نايف كريري إلى أن ظهور فن “الراب أو الهيب هوب” على الساحة السعودية الفنية منها والاجتماعية يعيدنا إلى “الحديث مجدداً عن جدل الحداثة في السعودية” التي انتقلت من شكلها الثقافي والأدبي إلى الشكل الفني.
ويضيف أنه بعد أن سيطرت الأغنية السعودية أو اللون الخليجي على الساحة الفنية على مستوى العالم العربي -حسب قوله- “طال هذه الموسيقى شيء من التحديث والحداثة وهي اللون الغربي المتمثل في الراب وموسيقى الهيب هوب”.
ونبه إلى أن هذا اللون الجديد بدأ يجد مريديه ومحبيه بين أوساط الشباب، الذين يتابعونه ويحفظون الجديد منه عن ظهر قلب “بل قد يصل بهم إلى تطبيقه في الشوارع العامة، وأمام المجمعات التجارية الكبيرة في عدد من مدن السعودية”.
وأكد كريري -وهو متابع لتطور أغاني الهيب في السعودية- أن رواج هذا اللون الغربي من الغناء لم يعد يشكل رفضا للون التقليدي المسيطر على الساحة وحسب بل وبدأ كذلك في مزاحمته في ظل انفتاح إعلامي، وعولمة ثقافية “لا يحسن الوسط السعودي التعامل معها في كل مرة تأتيه بجديد”.
صراع ممتد
ويرصد الصحفي كريري بداية الظهور الأول لهذا الفن على يد الشاب السعودي قصي خصر عام 1994، وإلى ما قبل ذلك في عدد من بلدان الشرق الأوسط كلبنان، وفلسطين، وإيران، حيث يعد هذا امتدادا لموجة الحداثة والتحديث التي طالت المجتمعات العربية بما فيها السعودية.
وقال “كلنا يعلم ذلك الصراع الممتد من الثمانينيات إلى اليوم على الساحة الثقافية والأدبية في السعودية بين متبنين فكرة الحداثة في اللغة والأدب والشعر، والإسلاميين المحافظين”.
من جهته يكشف الباحث الغامدي عن وجود شركات محلية سعودية في الإنتاج الفني بدأت في استقطاب عدد من الفرق السعودية، وذلك عبر تبنيها الفني الكامل، “بهدف الرواج الكبير لهذا الفن بين أوساط الشباب السعودي، والدخل المادي الكبير الذي تحققه مثل تلك الحفلات”.
وتعتبر فرق “جدة ليجند”، و”وكر العصفور”، و”عيال مكة” و”كلاش” وآخرها “بلاك آر” أحد أشكال هذا الفن الذي لاقى قبولا كبيرا بين الشباب مما جعل “كلاش” -وهو شاب سعودي- يقيم حفلة غنائية غنى خلالها أغاني وطنية واجتماعية، حققت له شهرة كبيرة في أوساط الشباب السعودي.
وتجدر الإشارة إلى أن عام 2008 شهد أول احتفاء رسمي سعودي بـ”أغاني الهيب هوب” حينما قررت اللجنة المنظمة لمهرجان “جدة غير 29” إدراجها ضمن حفلات جدة الغنائية، مما أثار موجة استياء محلية واسعة تقرر بعدها عدم إدراجها في الحفلات لاحقا.