التقيا في كل شيء. جمعتهما الهوية الوطنية، فتلاحما في القبيلة والنسب والصهر أكثر فأكثر، ثم جاء الفكر من بعد، فصارا به «جسدا واحدا». عندما يصاب أحدهما بمصيبة أو منحة، تنتقل العدوى للآخر سريعا. افتقرا واغتنيا معا، كما مُنعا وأفرج عنهما معا. هاما بالشريعة والفكر والسجال كثيرا. لكن الأضواء والنجومية هي التي شغفت الاثنين حبا. إذا كان عائض وعوض القرني الدكتوران والداعيتان السعوديان عرفا كذلك، فلا ضير أن يجتمعا كذلك في مثل هذا الحوار المقتضب في أيضا، بأسئلة واحدة، يجيب عنها عائض ثم يتبعه عوض. وفي هذا الحوار فقط، يمكن للقارئ أن يكتشف عناصر تلاق جديدة، بين الداعيتين وأبناء العمومة اللذين شاء القدر أن يجمع بينهما دوما بعد أن جمع بينهما النسب في زواج عوض من شقيقة عائض الزوجة الرابعة، وعناصر اختلاف أخرى، تبرز ملامح كلا من ابني «بلقرن» اللذين كانا على مدار عقدين حديثا من أحاديث «الفكر والعلم والجدل».
وحين سألت صحيفة في حوارها المقتضب مع الاثنين، عن «السجن»، أجاب عائض بأنه «مقبرة الأحياء إلا أنه يصقل الرجال»، بينما كان بالنسبة لعوض الذي لم يجرّبه «فترة للتأمل والمراجعة والخلوة مع الله».
أما مصطلح «تمكين الأنثى» الذي ظن كثيرون أن أدبيات الشيخين تكفر به تماما، فقال عنه الأول «تخلينا عن كثير من مبادئ الإسلام في نصرة المرأة»، فيما اعتبره الثاني «ضرورة لنهوض المجتمع وسلامة مستقبله». وفي إحدى المفارقات المبرزة لتفاوت الرجلين في النظر إلى بعض المفردات المثيرة للجدل، ذهب عائض إلى أن «الحداثة» «منها أفكار يستفاد منها في المعاني الإنسانية والتجارب البشرية»، بينما حصرها عوض في كونها «مذهب فكري فلسفي غربي ينكر الغيب والأديان والنبوات».
وفي شأن «الزهد» الذي يتردد أنه غائب كفضيلة إسلامية بين الدعاة السعوديين الذين ينافس بعضهم في تجارة العقارات، نفى الأول أن يكون في «الحلال زهد»، أو أن من طيبات الرزق ما يزهد فيه. فيما اعتبره الثاني «صفة حميدة في الإنسان تجعل الدنيا ملكه وليست سيدته، ولا يعني الزهد الفقر فقد يكون الإنسان زاهدا وإن ملك المليارات فهي حالة نفسية»..
* من عائض القرني ؟
إنسان، مسلم، بسيط، طالب علم، أجتهد أن أكون وسطيا على منهج «وكذلك جعلناكم أمة وسطا».
* من عوض القرني؟
– مسلم، داعية، يرجو رضاء ربه ويخشى سخطه.
* القبيلة؟
عائض: قبيلة بلقرن قبيلة «أزدية» تسكن جنوب المملكة في محافظة «بلقرن» تحمل ولاءها لله ثم لولي الأمر ثم لوطنها وفيها كرماء وعلماء وكتاب وشعراء.
عوض: لبنة اجتماعية مهمة في مجتمعنا العربي.
* الدولة؟
عائض: السعودية مهبط الوحي ومولد النور ومنطلق الدعوة الإسلامية وقبلة المسلمين ورافعة علم الإسلام وصاحبة المشروع الحضاري للملك عبد العزيز التوحيد والوحدة.
عوض: ضرورة لتنظيم حياة الناس وحفظ أمنهم وتنظيمهم.
* المناطقية؟
عائض: نزعة العنصرية حزبية مقيتة تفرق الكلمة وتشتت الشمل وتقطع أواصر الإخاء وتهدم سور الوطن.
عوض: تنوع يمكن أن يثري الحياة أو أن يحولها إلى الجحيم.
* صف سبعة؟
عائض: يعلق بها بعض أهل الهوس والمهزومون ويقصدون بها جنوب المجد وجنوب الرجال والجمال وجنوب التضحيات والبطولات وقد رد عليهم كثير من الشعراء، فالسماء سبع والأرض سبع وأبواب الجنة سبعة وأيام الأسبوع سبعة والطواف سبعة فنحن أهل المجد والتاريخ.
عوض: الأصالة والمحافظة والجمال في النفس والطبيعة.
* السجن؟
عائض: مقبرة الأحياء إلا أنه يصقل الرجال، وفيه تولد التجربة وتتدرب النفس على تحمل الصعاب وفيه يتعلم الإنسان كيف يتحمل مشاق الحياة ليخرج إنسانا آخر.
عوض: فترة للتأمل والمراجعة والخلوة مع الله.
* الكتب؟
عائض: خير جليس، والنافذة الكبرى على العالم والمنقذ الحقيقي لحياة القلوب والثورة في عالم الإبداع والاختراع والاكتشاف والإنسان بلا كتب ميت «حرمت عليكم الميتة».
عوض: رفيق الحياة الذي لا يمكن أن يستغني عنه عاقل.
* تركي الحمد ونزار قباني؟
عائض: أرفض التعليق.
عوض: تركي الحمد حاول أن يجد اليقين حتى لو كان وهما كما قال في رواية «شرق الوادي» ولعله يصل إليه.
نزار قباني شاعر متمكن دنس الأخلاق ولوث عرض المرأة.
* الحداثة؟
عائض: نبتة طارئة تحمل أفكارا متعددة منها أفكار مردودة تعارض الملة والقبلة والقداسة، ومنها أفكار يستفاد منها في المعاني الإنسانية والتجارب البشرية.
عوض: مذهب فكري فلسفي غربي ينكر الغيب والأديان والنبوات.
* الليبرالية؟
عائض: دعوة قائمة على فصل الدين عن الدولة وإعطاء الشعب حق الحكم، ولها بعض الجوانب التي يمكن أن ينظر فيها ويستفاد منها، ولكن أغنانا الله بمشروع الإسلام.
عوض: مذهب فلسفي اجتماعي غربي له إسقاطات اجتماعية وسياسية يعني الحرية المطلقة.
* الصحوة؟
عائض: حالة حدثت في الأمة قام عليها العلماء والدعاة وقد أيد مشروعها الشيخ بن باز والشيخ ابن عثيمين وجماعة من العلماء في الرياض وهي ليست عملا نبويا، كما فيها من الخير الكثير هناك أيضا القصور، حيث إنها عمل بشري مثله مثل أي عمل.
عوض: تجربة إسلامية عصرية رائدة تسعى للعودة إلى الأصالة مع ارتياد آفاق المعاصرة.
* رجال الصحوة أين؟
عائض: موجودون من العلماء والدعاة وربما حدث هناك تجديد في الخطاب وهي ليست مسبة وإنما حالة من الجهود الثقافية والدعوية وإنما عداوة من الكتاب يجعلون منها مسبة وهذا غلو منهم كما غلا بعض الشرعيين فيهم بتسمية الكتاب زنادقة ومنافقين.
عوض: مد السمع والبصر في كل موقع يواصلون البذر والعطاء.
* العصرانيون أو التنويريون؟
عائض: الجميع لدينا مجددون، فإن وافق التجديد حفظ الثوابت الشرعية والإلمام بالملة والقبلة فنحن معهم وإن كان التنوير يتصادم مع الثوابت فهذا الظلام.
عوض: التنويريون مصطلح غربي يعني مرحلة فكرية عاشها الغرب، والعصرانيون من حيث المعنى اللغوي لا ضير فيها وأما من حيث الدلالة الاصطلاحية فقد يعني الانقطاع عن الماضي.
* المذبذبون؟
عائض: عبارة قديمة أطلقت على من يتبعون المصالح أينما ذهبت ذهبوا، موجودون في كل زمان ومكان.
عوض: فئة من الناس لا يقرون قرارا ولا يحسنون اتخاذ قرار، موجودون في كل شريحة اجتماعية وكل فئة إنسانية.
* السلفية الوهابية؟
عائض: ليس عندنا وهابية بالمعنى الصحيح، وإنما دعوة تجديدية قام بها المصلح الإمام الكبير الشيخ محمد بن عبد الوهاب غفر الله له، وهو لم يزد بشيء عن الكتاب والسنة، إنما أتى بما قال الله والرسول الكريم، كما أنها ليست مذهبا ودينا جديدا، وإنما اتباع لسنة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام.
عوض: حركة تجديدية أعادت للإسلام بهاءه وللأمة عزتها.
* الإخوان المسلمون؟
عائض: جماعة إسلامية كبيرة لها إنجازات كبيرة في محاربة التغريب والوقوف ضد المشروع الغربي ضد الأئمة وفيها علماء ومفكرون ومثقفون، إلا أن عليها بعض الملاحظات قال بها كثير من العلماء كعدم الاهتمام حينا بالعلم الشرعي والحرص على الحكم ونحو ذلك.
عوض: حركة إسلامية رائدة وقفت في وجه المد التغريبي وتسعى في الدفاع عن قضايا الأمة.
* الملايين والعقارات؟
عائض: هذه رزق من الله عز وجل إن طلبها مسلم بنية صادقة ولم يأخذها من حرام فهي حلال اقتداء بكثير من الصحابة وإن أخذها بالحرام فسيعذب بها صاحبها عند الله تعالى وستكون خزيا وعارا عليه.
عوض: صورة من صور التجارة والأعمال في منطقتنا والعالم، لا تعني لي الشيء الكثير فأنا رجل دين وعلم ولست رجل مال وأعمال.
* زهد الداعية؟
عائض: مطلوب أن يكون الداعية زاهدا في الدنيا والابتعاد عن الشبهات أما الحلال فلا زهد فيه قال سبحانه «قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق».
عوض: صفة حميدة في الإنسان تجعل الدنيا ملكه وليست سيدته، ولا يعني الزهد الفقر فقد يكون الإنسان زاهدا وإن ملك المليارات فهي حالة نفسية فتكون إيجابية في حال استخدمت في مصلحة الفرد والأسرة والمجتمع والإسلام.
* الفن؟
عائض: مشروع كبير وقيمة إنسانية ونقيس الفن بميزان الشريعة فما قبلته قبلناه وما رفضته رفضناه.
عوض: إيقاع الحياة وتطلع النفس في إطار الشريعة والأخلاق.
* تمكين الأنثى؟
عائض: الأنثى تأخذ حقها كاملا مكملا بالشريعة إلا أننا المسلمون تركنا الشريعة، وتخلينا عن كثير من مبادئ الإسلام في نصرة المرأة.
عوض: ضرورة لنهوض المجتمع وسلامة مستقبله.
* التعدد؟
عائض: على حسب الحاجة لا يرفض مطلقا ولا يدعى إليه مطلقا، وإنما بحسب الحاجة، منها مرض الزوجة كثرة المطلقات والأرامل ووجوب القدرة عند الزوج والعدل.
عوض: فريضة شرعية وربما كان في أحوال أخرى ضرورة اجتماعية.
* الغيرة؟
عائض: فطرة إنسانية وإنما إذا تجاوزت الحدود وتحولت إلى شك ووسوسة وتجسس صارت مرفوضة وإذا اختفت عند الإنسان والمرأة صارت بلادة وغباء.
عوض: فطرة بشرية يحمي بها الإنسان العرض والأخلاق وإذا تجاوزت حدها دمرت العلاقات الأسرية.
* المعجبات؟
عائض: حدود الشريعة السياج بين الرجل والمرأة هناك طرق مشروعة سنها الإسلام أما الطرق الملتوية «فلا وألف لا». عوض: انعكاس لمذاهب الإنسان وقدراته وقبول الناس له.
* السيول؟
عائض: وفود قادمة تكشف لنا الخلل في البلاد للبنى التحتية.
عوض: أثر من آثار رحمة الله وقد تكون صورة من صور عقابه.
* الصراحة؟
عائض: وسام على الصدور، وتاج على الرؤوس إلا أنها متعبة ومكلفة قد تذهب برأس الشخص أو تقود إلى الحبس أو الإقصاء.
عوض: لا بد منها في الحياة على أن تكون بأدب.
* الادعاء المصري؟
عائض: «نص كم» يرغبون بأحد الأشخاص فيخطئون باسمه واسم أبيه ويخلطون الأسماء بعضها ببعض ثم يسافرون ويعودون إلى كلامهم من ثم يتهمون شخصا لا يعرفون اسمه «لقد أضحكونا كثيرا».
عوض: «كذبة» لم يحسن صانعها نسجها.