اكد وزير التربية والتعليم السعودي السابق الدكتور محمد الرشيد أن معاناته خلال توليه منصبه، بلغت حداً لا يطاق.
وقال: «عانيت كثيراً من بعض الناس نتيجة سوء فهم أحياناً، وسوء ظن أحياناً أخرى، خصوصاً بعد دمج رئاسة تعليم البنات مع الوزارة دمجاً إدارياً، ومع كل الجهود التي بذلتها لطمأنة الناس أنه لن يطرأ على تعليم الفتاة ما يخالف الشريعة الإسلامية، إلا أن الاحتجاجات مضت في أكثر من اتجاه، من خلال الخطابات التي أرسلت للديوان الملكي، وعبر وفود قابلت رموز القيادة. وما طفحت به شبكة الإنترنت من سب مقذع، وشتم وافتراء يفتقر إلى الحد الأدنى من خُلق الإسلام وآدابه، حتى أن بعض خطباء الجمعة وصف الدمج بأوصاف غير لائقة». وتذكر الوزير السابق، في حوار مع «الحياة»، مؤتمر بيروت عن التربية والتعليم، الذي نظمه منتدى الفكر العربي، وشارك فيه مهتمون بصفاتهم الشخصية، انه «كان من ضمن المشاركين مشرفات تربويات، وعضوات هيئة تدريس في الجامعات السعودية وكليات البنات، فتناولني بعض خطباء المساجد في خطبهم. وقالوا: إنني أخذت النساء في طائرة خاصة إلى مدينة وصفوها وصفاً سلبياً، ودعا بعضهم عليّ فوق المنبر، مع أنني لا دخل لي في الأمر. إذ إن من وجّه لهن الدعوة هو منتدى الفكر نفسه. وكنت ضيفاً مدعواً للحديث، والنساء اللواتي حضرن كن مع محارمهن، ومن هيئات تربوية مختلفة، فأي ظلم أكبر من هذا الظلم؟».
وأضاف متحسّراً: «فجيعتي ليست في أن ينال عرضي علناً من يناله، فلي أسوة حسنة بأنبياء الله الذين وصفهم أقوامهم بأقبح الأوصاف، لكن الفجيعة أن يكون بعض المتخصصين في العلوم الشرعية بهذه العقلية، يحكمون على الناس ويدينونهم غيابياً من غير تثبت، ويكون هذا في بيوت الله، ويثيرون العامة، ويخلقون البلابل، ويصدعون البناء الاجتماعي، وهل اتصف المتطرفون في ما اتصفوا به بغير هذه الصفات؟».
ويروي الرشيد طرائف حدثت له أثناء وزارته، تكشف مدى الصورة السلبية التي روّجها البعض عنه عند العامة: «قابلني في الحرم أحد المعلمين، فعرفني ولم أعرفه، فأقبل عليّ، وقبّل رأسي منفعلاً وهو يقول: أرجوك أن تسامحني فقد وقعت في عرضك، وأسأت الكلام عنك أنا وبعض زملائي المعلمين، وكنا نعتقد أنك لا تعرف الطريقة المؤدية إلى الحرم! وفي اليوم التالي لهذه الحادثة صليت الجمعة في المسجد الحرام، فإذا بمعلم آخر يقبل عليّ، ويقبّل رأسي، ويهديني سواكاً، ويمد لي سجادة أجلس عليها، ويقول: سامحني يا دكتور، ظننت أنك لا تصلي».
ومضى في سرد القصص: «بلغ الأمر ببعض الناس إلى الخروج عن اللياقة والأدب الإسلامي، فعلى سبيل المثال كنت خارجاً من المسجد بعد صلاة العصر والصلاة على بعض الأموات وكنت أحمل مع الآخرين النعش، فجاء أحد المعلمين وقال لي: تذكر هذا اليوم يوم تكون محمولاً على النعش واتق الله في ما تعمله هدماً للإسلام وخروجاً عن قواعد الشريعة. واتصل بي هاتفياً من لا أعرفه وهدد وتوعد، وأبلغني بأن الإخوان (على حد تعبيره) عازمون على قتلي إذا لم أقلع عن تغيير المناهج وتقليل المواد الدينية».